أيام الثقافة السورية في حلب تتألق بالموسيقا وروح النصر
حلب – غالية خوجة
ضمن أيام الثقافة السورية “ثقافتي هويتي”، قدّمت مديرية الثقافة بحلب ومديرية المسارح والموسيقا- مسرح حلب القومي، عدة فعاليات انطلاقاً من الحفل الموسيقي لطلاب معهد صباح فخري للموسيقا الذين أجادوا أطفالاً ويافعين وشباباً، على مسرح نقابة الفنانين بحلب، بإدارة كلّ من المايسترو عبد الحليم حريري، وأنس سرو، والتدريب الموسيقي للمدربتين الفنانتين الموسيقيتين فيرا رئيسيان وسوسن خليلي.
توزّع الحفل إلى قسمين، الأول قدّمته فرقة الحجرة للموسيقا العربية، المؤلفة من 18 طالباً، حيث أسمعتنا 4 معزوفات، تلاها 3 مقطوعات غربية لثلاثة طلاب من طلبة معهد صباح فخري، بينما تضمن القسم الثاني خمس معزوفات قدّمتها فرقة الموسيقا الشرقية في المعهد، وهي فرقة مؤلفة من 18 طالباً أيضاً.
الملفت أن الموسيقا تجمع العالم بشرقه وغربه، مؤكدة على رسالة المحبة والسلام والانتصار، وإضافة لذلك، مؤكدة على التحدي والتمسّك بالعراقة، وهذا ما عكسه، أيضاً، الحفل الموسيقي الثاني الذي أُقيم على مسرح نقابة الفنانين بحلب، مساء الثلاثاء الماضي وكان حفلاً فنياً تراثياً لفرقة بيت الفنون للتراث، بإدارة الأخوين محمد وأحمد حداد، والمشرف الموسيقي المايسترو عبد الحليم حريري. وتنوع الحفل التراثي بين الموشحات والقدود الحلبية ووصلة مولوية وأغانٍ مختلفة، قدّمت بغناء جماعي، وغناء فردي لكلّ من كامل نور، عبود شعبان، أحمد بدور، بينما تألّف برنامج الحفل من فقرة موسيقية سماعي عجمي، موشح منيتي سيدي الملاح، موشح اجمعوا بالقرب شملي، يا مالكاً مني فؤادي، أغنية كتر دلالك، سوم التلاقي، أنت حبيبي، عنابي، وصلة مولوية، والختام كان بالقدود الحلبية: موال يابو خديد جوري، يا راكب الحمرا، خمرة الحب.
اتسم الحفلان الموسيقيان بالأصالة الموسيقية والتراث اللا مادي الإنساني والعربي والسوري والحلبي خصوصاً من قدود وموشحات وأشعار وأغانٍ وموسيقا وفلكلور، ساهمت في إعادة النغمة وعمقها الهادف بشكل هارموني جاذب بعيداً عن النشازات المعاصرة. والملفت أيضاً، حضور كافة أشكال الغناء الروحي والإنشادي والتراثي، إضافة لحضور الأصوات المتناغمة والأزياء والاكسسوارات، ومجمل السينوغرافيا، وهذا ما انعكس على حضور الصمت في القاعة، مؤكداً على “سميعة حلب” الذين أدهشوا مطربي العالم ومنهم الموسيقار المصري محمد عبد الوهاب.
مسرحية بلا مسرحية!
بينما عُرضت على مسرح المركز الثقافي بالعزيزية مسرحية “الحلم” الموجهة للأطفال، الثلاثاء الماضي والتي قيل عنها قبل الافتتاح بأنها من تأليف الأطفال أنفسهم، ومساهمة بسيطة من المعدّ والمخرج محمود درويش.
بدأت المسرحية من أصوات الأطفال وهم يؤكدون: “نحن لا نحب الحرب”، وهي بداية مقبولة، لكن، أن تتحوّل المسرحية إلى نقل واقعي للظواهر السلبية الموجودة في الشوارع وأطفال الشوارع الذين هم بحاجة إلى الرعاية وحقوق الطفل والإنسان، فهذا غير مقبول حتى وإن كان العرض بحجة الأزمة والحرب، لذلك، فإن المفاجأة السلبية أن المسرحية كانت بلا حلم ولا مسرحية، لأسباب عديدة، أولها أنها اعتمدت على تحويل المنصة لساحة “بازار” وإعلان عن دخان أمريكي بثلاثة أسماء، بحجة أن الأطفال يبيعون الدخان والبليلة والبوشار والورد والخضار والجوارب وأوراق اليانصيب والأغطية والملابس ويمسحون الأحذية ويتسوّلون.
11 طفلة وطفلاً على المنصة في حالة استعراضية، ووقت طويل لكل دور، وبلهجة عامية، دون أن يقدّم المفيد للطفل المشاهد، مع ضرورة الانتباه إلى منطوق شخصيات الأطفال الذي كان غير متناسب مع الطفل الممثل المشارك في المسرحية، وغير مناسب للطفل المشاهد، ومن ذلك المنطوق، منطوق ماسح الأحذية: “لمّعْ صباطك بتحبك مرتك”! بينما يصرخ الطفل بائع الورد “فرّحْ خطيبتك”! إضافة إلى محاولة التهرب من “البلدية”: “جاءت البلدية”، أي التهرب من القانون، وما يشجع على هذا التهرب من أجل الحصول على لحظة تهريجية!.
باختصار، لا أعرف كيف يُعرض هكذا عمل للأطفال، حتى ولو كان يعرض واقعاً يومياً لأطفال يمتهنون “البويا، مسح الأحذية” أو يمتهنون التسول، وهذا غير قانوني أصلاً، ولا بد من تفعيل حقوق الطفل تجاه هذه الظواهر، وهنا، نتساءل: أين حقوق الطفل في هذا العمل المسمّى “مسرحية”؟!. فمن يسمع بعنوان الحلم يتوقع على الأقل أن يسعى الطفل إلى تحقيق حلم الدراسة والمساهمة في الوعي ومحاربة الإرهاب وتقديس القانون، لا أن ننقل الظواهر السلبية والسوقية من الشارع إلى المنصة؟ وعذراً، لأنني لم أستطع الصبر حتى ختام هذا العمل.
ولا بدّ من التنويه بأنه سبق هذه (المسرحية) تقديم قصيدة “سجل أنا عربي” للشاعر الفلسطيني محمود درويش، ورغم إجادة الطفلة نور للأداء إلاّ أن صراخها وانفعالها تغلّبا على توصيل المعاني سواء بطريقة الخطابة أو إلقاء الشعر.
الثقافة حاجة عليا
وتوازياً مع “ثقافتي هويتي”، أقامت مديرية الثقافة بحلب، المركز الثقافي بالصاخور، وبالتعاون مع اتحاد شبيبة الثورة- رابطة جول جمّال، يوم الاثنين الماضي محاضرة بعنوان “الثقافة حاجة عليا”، هدفها تعزيز ثقافة المقاومة والانتصار قدّمها وأدار حوارها أمين الرابطة عبد القادر دهان، بينما كان المحاضر فيها محمد سمية مدير المركز الثقافي بالصاخور، وذلك ضمن ثلاثة محاور هي: تحية للقائد المؤسّس حافظ الأسد بطل التشرينين التحرير والتصحيح، وسورية في مواجهة الحروب الأربع: الثقافية، الإعلامية، العسكرية، الاقتصادية، واللغة والهوية المحور الثالث الذي تفرّع إلى اللغة الأم، اللغة الرسمية “الوطنية”، لغة التعليم، اللغة أقوى الروابط القومية، عراقة اللغة العربية وغناها، العربية ضمن اللغات الرسمية الست للأمم المتحدة، ثالث لغة من حيث الانتشار عالمياً، اللغة وعاء الفكر والثقافة والرافعة الحضارية الأسمى. وفي الختام تمّ إهداء الطلاب المتفاعلين كتيبات من منشورات وزارة الثقافة.