دراسات

هل تتغلب معركة المناخ على التنافس الجيوسياسي؟

ترجمة: عائدة أسعدعن توب ستوريز

يبدو أن قمة المناخ 2020 التي عُقدت في 12 الشهر الحالي لن تساعد على توحيد العالم لمحاربة التحدي الأكبر الذي يواجه كوكبنا فحسب، بل ستساعد أيضاً على استقرار العلاقة المضطربة بين الصين والولايات المتحدة بعد أن يؤدي جو بايدن اليمين كرئيس للولايات المتحدة في 20 كانون الثاني المقبل.

في القمة الافتراضية التي حضرها قادة حكوميون وغير حكوميين في الذكرى الخامسة لاتفاقية باريس، أعلن الرئيس شي جين بينغ أن الصين ستخفض انبعاثاتها من ثاني أكسيد الكربون لكلّ وحدة من الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 65 في المائة بحلول عام 2030 من مستويات 2005 مع زيادة كبيرة في حصة الوقود غير الأحفوري في استهلاك الطاقة الأولية ومخزون الغابات وقدرات طاقة الرياح والطاقة الشمسية المركبة. وفي أواخر أيلول تعهّد شي بالفعل بأن تبلغ انبعاثات الكربون في الصين ذروتها قبل عام 2030، وأن البلاد ستحقّق حياد الكربون قبل عام 2060.

وعلى الرغم من مواجهة تحديات ضخمة كأكبر دولة نامية، مضت الصين قدماً للحدّ من هذه الانبعاثات، حتى باتت إلى حدّ بعيد أكبر منتج لطاقة الرياح والطاقة الشمسية في العالم، ولديها أكبر عدد من الحافلات والسيارات الكهربائية.

هذه الإنجازات حقّقتها الصين على الرغم من انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من اتفاق باريس التاريخي، والتراجع عن العديد من سياسات المناخ التي قدّمتها إدارة باراك أوباما.

لقد خلقت الحروب التجارية والتكنولوجية التي شنّها ترامب والإجراءات الأخرى الأحادية والحمائية التي اتخذها عقبات كبيرة أمام معركة المناخ في الصين والعديد من البلدان الأخرى، فقد عطّلت سلاسل التوريد في البلدان الأخرى وخلقت حواجز تجارية.

ويُعتبر تعهّد بايدن بالعودة إلى اتفاق باريس ودعوة زعماء الاقتصادات الكبرى لعقد قمة المناخ خلال الأيام المائة الأولى من توليه المنصب علامة مشجّعة، خاصةً وأنه في الأسبوع الماضي وصف جون كيري مبعوثه المعنيّ بالمناخ والذي كان وزيراً للخارجية خلال رئاسة أوباما الصين بأنها “شريك المناخ”. ما يعني أنه لدى الإدارة الأمريكية الجديدة الكثير لتفعله لتصحيح المسار وإعادة بناء مصداقية الولايات المتحدة في العالم، لأن إجراءات إدارة ترامب قوّضت المعركة العالمية ضد تغيّر المناخ على مدى السنوات الأربع الماضية تقريباً. لكن هناك مخاوف من الانقسام الحزبي الحاد حول هذه القضية، فوفقاً لمسح أجراه مركز “بيو” في حزيران الماضي يعتقد 72 في المائة من قادة الحزب الديمقراطي وأنصاره أن النشاط البشري مسؤول بشكل أساسي عن تغيّر المناخ، بينما يعتقد ذلك 22 في المائة فقط من الجمهوريين والمؤيدين الجمهوريين.

وبالطبع هذا أمر يدعو للقلق، لذلك ينبغي على الصين والولايات المتحدة، أكبر اقتصادين في العالم، أن يتعاونا مرة أخرى في مكافحة تغيّر المناخ، لأنه يمثل تهديداً أكبر بكثير لكلا البلدين من الاختلافات العديدة بينهما. ومع ذلك تبقى الولايات المتحدة هي إلى حدّ بعيد أكبر مصدر للانبعاثات التاريخية، ولا يزال نصيب الفرد من الانبعاثات فيها أكثر من ضعف مثيله في الصين.

في الضفة المقابلة، يطمح الاتحاد الأوروبي إلى أن يكون رائداً عالمياً في مكافحة تغيّر المناخ، ففي دراسة استقصائية أدرجت معظم الدول الأوروبية تغيّر المناخ باعتباره أكبر تهديد منفرد ليفوق جائحة كوفيد-19.

وفي أيلول اتفقت الصين والاتحاد الأوروبي على إطلاق “حوار رفيع المستوى حول البيئة والمناخ”، لمتابعة الالتزامات المشتركة في مكافحة تغيّر المناخ، وقد قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: إن الهدف المركزي للأمم المتحدة في عام 2021 سيكون بناء تحالف عالمي حقيقي لحياد الكربون بحلول منتصف القرن.

في الحقيقة، من الصعب تصديق وجود مثل هذا التحالف من دون تعاون حقيقي وكامل بين الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وهذا يعني أنه يجب عليهم التوقف أو على الأقل خفض درجة حرارة المنافسات الجيوسياسية التي أثارها بعض السياسيين والمجمع الصناعي العسكري، لأن المعركة العالمية ضد تغيّر المناخ سيكون مآلها الفشل.