الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

صباح الخير

د.نضال الصالح

صباح الخير أيهذا الصباح ما قبل الأخير من آخر حبّة من عنقود هذا العام.

صباح الخير أيتها البلاد العاشقة للحياة على الرغم من أعداء الحياة.. البلاد التي لم يُخلق مثلها في البلاد، التي كانت قبل أن تنهض بلاد، وستكون مهما يكن من أمر نار تضرمها بلاد. صباح الخير سورية تفاحة الخلق منذ أول الخلق، منذ استوى على عرشه على الماء، وقال للأرض كوني فكانت البلاد، وكنتِ أبهى البلاد.

صباح الخير الرجال حرّاس البلاد، المرابطون على تخوم إحدى الحُسنيين كُرمى لعينيّ البلاد التي تداعت عليها منذ سنوات ذئاب وضباع من أربعة أقطار الأرض ومن تحت جلد البلاد. صباح الخير الأمهات، العاشقات، حنّاء الزمان، الوارفات الظلال بأرواحهن الفيء من هجير الحياة، والواهبات الدفء بقلوبهن الشمس مهما كان من قرّ الحياة، المانحات معنى للحياة حين ترهقنا الحياة. الأمهات اللواتي وهبنَ البلاد أكبادهن لتبقى البلاد، العاشقات اللواتي انتظرن طويلاً عودة فرسانهن على أحصنة بيضاء، ثم عاد الفرسان في أكفان أبهى بياضاً ومستدفئة بعلم البلاد. صباح الخير الشجرُ المعاند للحرائق واليباس، صباح الخير الحجرُ الأبدُ مهما ناله من عاتيات الحتّ والدمار والخراب، صباح الخير البشرُ الضوءُ مهما ادلّهمت حولهم وعليهم الظلمات. صباح الخير الأصدقاء الحقّ، الواضحون مثل صباح باذخ الصفاء، المنحازون للحقّ والخير والجمال، المفعمون بالإنسان، القدّيسون في زمن مزدحم بالشياطين والمتسولين على مآدب اللئام، الأوفياء، الأنقياء، عشّاق الكرامة، أبناء الحياة كما يليق بالحياة.

صباح البلاد الحياة وهي تفتح ذراعيها للحياة مهما كان مِن أمر أحد لا يعنيه من البلاد غير ما يعنيه من الحياة، صباحها وهي تضاحك الحياة مهما كان من أمر أحد يقينه أنّ ضرع البلاد  هو ضرع الحياة، صباحها وهي تحتوي في روحها الحياة مهما كان من أمر أحد يحمل في صدره قلباً من الصخر لا ماء فيه للحياة، صباحها وهي تهزّ نخيل الحياة ليسّاقط رطباً جنياً من بستان الحياة مهما كان من أمر أحد يلتهم الأخضر واليابس في الحياة، صباحها وهي حالمة بضوء الحياة مهما كان من أمر أحد لاهث دائماً وراء أوّل الزينتين في الحياة، صباحها وهي تبدع الحياة مهما كان من أمر أحد يغتال الحياة، صباحها وهي قاب نهار ونصف ليلة تغلق وراءها باب سنة مضت من الحياة مهما كان من أمر أحد توهم ولمّا يزل يتوهم أنّ باباً سوى الكرامة يرفع من شأنه في الحياة.

منتصف ليل هذا اليوم يستجمع هذا العام عباءته المرهقة بغير ثقب ورقْع، ثمّ يدخل كتاب التاريخ، فيصير سطراً فيه بعد أن كان يختال بنفسه بين البشر والشجر والحجر. في آخر شهقة منه ستُقرع أجراس الميلاد صلاة لعام جديد، صلاة لعلّ من بعض نعمياتها للروح أنْ: حيّ على الحياة.