ثقافةصحيفة البعث

المخرجة سهير برهوم: تأخرت في العمل لمسرح الطفل

بعيداً عن هموم الإدارة وانشغالاتها كمديرة للمسرح القومي، وبعد عدة أعمال مسرحية قدمتها كمخرجة لمسرح الكبار، تخوض سهير برهوم تجربتها الأولى في مسرح الطفل من خلال مسرحية “نجمة الأحلام” تأليف فاتن ديركي والتي تقدَّم يومياً على خشبة مسرح الحمراء ضمن مهرجان مسرح الطفل الذي اعتادت أن تقدمه مديرية المسارح والموسيقا خلال العطلة الانتصافية.

*”نجمة الأحلام” أول تجربة لكِ في مسرح الطفل، فهل جاءت التجربة متأخرة برأيك؟.

**نعم، هي أول تجربة لي في مسرح الطفل، لكنها ليست أول تجربة لي في العمل للأطفال، فقد كانت لي تجربة سابقة في الكتابة والإخراج في مجال “الأنيميشن” من خلال مسلسل “قصة ومَثَل” مع شركة تايغر برودكشن، ولم أكن أنوي خوض مجال مسرح الطفل، ذلك أن مسرحياتي السابقة كانت للكبار، وكنتُ أستصعب الأمر، فعالم الأطفال على جماله وتنوّعه يحتاج إلى أدوات ووسائل تتناسب مع سعة الخيال في هذا العالم، وشاءت المصادفة أن أجد نفسي في غمار هذا العالم فكان لا بدّ من خوض المغامرة من خلال هذا العمل، ومع البروفات الأولى اكتشفتُ أنني تأخرت حقاً في العمل لمسرح الطفل لأن العمل فيه حقّق لي متعة كبيرة اكتشفتُ معها هذه الطفلة التي في داخلي.

*عن أي نص طفليّ كنتِ تبحثين لتقدميه كتجربة أولى لك في عالم مسرح الطفل؟.

**النص الذي اخترتُه كان من بين النصوص التي تقدَّم إليّ بشكل دائم بصفتي أحد أعضاء لجنة القراءة في مديرية المسارح، وكان الأفضل من بين النصوص المقدَّمة وهو من تأليف الكاتبة فاتن ديركي، وكان عنوانه “عدنان الكسلان والديك الفصيح”، فوقع اختياري عليه لأنني وجدتُ فيه مادة لطيفة ومفيدة، والأستاذة ديركي لها باع طويل في هذا المجال، والنص يتميّز بحكاية لطيفة وسعة خيال، وفيه شبكة من العلاقات بين شخصيات بشرية وأخرى حيوانية.

*ما هي أهم النقاط التي كنتِ حريصة عليها كمخرجة؟.

**أهم نقطة هي أن مسرح الطفل يجب أن يبتعد عن الأسلوب التعليمي التلقيني الخطابي، وأن يقترب من الوصول إلى الأهداف وتقديم العِبَر بطريقة سلسة من خلال اللعب والترفيه، وقد حرصتُ على وجود طفل بين الممثلين ليكون العرض أقربَ إلى المتلقين الأطفال، وبالتالي يجدون في تجربته ضمن الحكاية ما يتقاطع مع حياتهم الشخصية ويلامس تجاربهم العائلية لأتمكن من إيصال رسالتي التي أريد بطريقة مسرحية. أما عن رؤيتي الإخراجية فقد ذهبتُ باتجاه التركيز على الشكل الفني والاستفادة من خشبة المسرح بشكل كامل من خلال تعدّد أماكن اللعب، وقد قدم لي الفنان غيث مرزوقي مصمّم الديكور ما أريده تماماً من خلال اقتراحه لشكل الديكور الذي يشبه إلى حدّ كبير رسومات الأطفال، لتأتي اقتراحات الفنانة سهى العلي للأزياء مكمّلة لهذا التصور، وكذلك الأمر بالنسبة للتصميم المتقن للمكياج من جانب الفنانة منوَّر عقاد، والموسيقا والأغاني اللطيفة التي عمل عليها الفنان سامر الفقير، وأتاحت لمصمّمة الرقصات تقديم لوحات جميلة -على بساطتها- ومكملة للمشهد المسرحي من جانب الفنانة سوسن برهوم في بداية ووسط ونهاية المسرحية. وأخيراً أتحدث عن الإضاءة لأنها آخر عنصر فني يتمّ الاشتغال عليه، فقد عمل الفنان بسام حميدي على صياغة مشهدية رائعة متعدّدة الأجواء والخيالات تماشياً مع طبيعة كل مشهد، وقد كنتُ حريصة على اختيار الممثلين من العناصر الشابة والوجوه الجديدة إلى جانب بعض الأسماء من الخريجين وممن سبق لهم العمل في مسرح الطفل، وقد امتلك الجميع الطاقة والحيوية المناسبة وروح اللعب بما يتناسب مع القصة والموضوع.

*كيف كانت طبيعة العلاقة بينك كمخرجة من جهة، وبين كاتبة النص والممثلين من جهة أخرى؟.

*لا بدّ من أن أعبّر عن سعادتي بالتعاون مع الكاتبة فاتن ديركي، فهي تتمتّع بمرونة كبيرة وروح تشاركية رائعة، لذلك لم أجد صعوبة في العمل على النص، وقد كانت الكاتبة حريصة على حضور البروفات بشكل يومي، وكانت تقدم الملاحظات المفيدة وتتقبَّل ملاحظاتي وتعديلاتي بكل تفهّم ومرونة، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على حرصها وسعادتها بهذه التجربة. أما بالنسبة للممثلين فكانت العلاقة بيني وبينهم قائمة على أساس الحب واحترام الآراء، وهم بمجملهم مبدعون وخلاّقون ويمتلكون أرواحاً طفولية ويتقبّلون الملاحظات بكل رحابة صدر، وكنتُ أتقبّل اقتراحاتهم بكل حب إلى أن وصلنا إلى هذه النتيجة.

*بعد خوض هذه التجربة أية نتائج خرجتِ بها على صعيد مسرح الطفل؟.

**النتائج ربما لا نستطيع الخروج بها إلا بعد انتهاء أيام العرض، وأستطيع أن أقول إن آلية العمل على كل عناصر العرض وآلية التفكير كانت مناسبة تماماً لمزاج الطفل وخياله، إلى جانب عقله ووعيه، فالتعاطي مع مسرح الطفل يحتاج إلى قرب أكثر من عالمه من جهة الممثلين ومواصفاتهم، كما من جهة الخطاب الموجّه له، وأعتقد أن المخرج في مسرح الطفل يجب أن يتخلى عن دوره القيادي ويتحوّل إلى طفل ينخرط في اللعبة المسرحية.

*هل تملكين تصوراً خاصاً لمسرح الطفل؟.

**لديّ تصوّر لكنه يحتاج إلى إمكانيات ضخمة على الرغم من أن مديرية المسارح والموسيقا تقدّم كل الدعم لمسرح الطفل، لكن الأعمال المقدّمة سنوياً كثيرة، سواء للأطفال أم للكبار، لذلك فإن حصة كل عمل محدودة نسبياً، ويحتاج مسرح الطفل تحديداً إلى إمكانات كبيرة تتيح لخيال المخرج الانطلاق في كل الاتجاهات بما يتلاءم مع عالم الطفل وفضاءاته لجهة الأماكن المتخيَّلة والأزياء والتقنيات المستخدمة والموسيقا والأغاني والرقص، الأمر الذي يحقّق حالة الدهشة والإبهار التي يجب أن تغري الطفل بالمسرح، وخاصة مع وجود عالم التكنولوجيا الذي بات بمتناول الأطفال اليوم.

يُذكر أن “نجمة الأحلام” من تمثيل: تماضر غانم، نجاح مختار، ليلى بقدونس، فادي حموي، روجينا رحمون، مريانا حداد، عبير بيطار، فيصل سعدون، مالك قرقوط، وسام صبيح، يوسف عبدي، غسان رحال، وعروضها مستمرة على خشبة مسرح الحمراء عند الساعة الرابعة مساء.

أمينة عباس