مجلة البعث الأسبوعية

“حاضنة” كرة اليد السورية بلا دعم.. والصعوبات تعيق تتويجها بألقاب الكبار!!

“البعث الأسبوعية” ــ منير الأحمد

تعتبر محافظة حماة “منبع” كرة اليد السورية، فهي المحافظة التي تحتضن – ولا تزال – الكثير من الأندية التي تمارس اللعبة، بل هي المحافظة التي أنجبت الكم الكبير من اللاعبين الذين أبدعوا على مدار العقود الماضية، وساهموا بشكل كبير في تطوير اللعبة وإيصالها إلى المستوى المتقدم، مثلما حققوا الإنجازات الثمينة سواء للمنتخبات الوطنية أو للأندية.

وعند الحديث عن محافظة حماة فإن ارتباطها بلعبة كرة اليد، يرتبط بالحجم الكبير من الأندية التي انتسبت لاتحاد اللعبة، وأغلب هذه الأندية ما زال يمارس اللعبة، ويمد المنتخبات الوطنية باللاعبين، إضافة إلى قدرته على إنجاب المدربين والحكام.

ويبرز ناديا النواعير والطليعة في طليعة الأندية بما أبدعاه وحققاه من إنجازات لافتة، فهما الأكثر حصولاً على ألقاب البطولات المحلية بين جيرانهما من الأندية الأخرى.

 

واقع وهدف

رئيس نادي النواعير، القاضي عبد الحميد السيد، أكد لـ “البعث الأسبوعية” أن حماة تعتبر معقل كرة اليد السورية، حيث إن فريق النواعير بتسميته السابقة (الجماهير) استمر بطلاً للدوري والكأس لأكثر من عشر سنوات متتالية، وقدم جيلاً لكرة اليد السورية، كما شارك في بطولة الأندية العربية لثلاث مرات، ونال المركز الثالث مرتين، ومرة المركز الرابع؛ أما على الصعيد المحلي، ومنذ سنوات طويلة، لا تزال بطولة الفئات السنية يسيطر عليها نادي النواعير مع منافسة مستمرة وقوية لنادي الطليعة الحائز على آخر بطولة للناشئين، بينما كان النواعير بطل فئة الشباب والأشبال.

وأشار السيد إلى أنه في السنوات العشرين الماضية، فقدت مدينة حماة لقب الرجال بعد أن اعتمدت أندية الهيئات (الشرطة والجيش) كرة اليد لعبة أساسية فيها، حيث يسيطر نادي الجيش على معظم البطولات بسواعد أبناء حماة الذين يؤدون الخدمة الإلزامية بصفة لاعبين بنادي الجيش؛ وخلال فترة الأزمة استغل فريق الاتحاد انشغال بعض الفرق، وخاصة أندية حماة والجيش، عن متابعة المنافسة على بطولة الرجال، فاستقطب نجوم المنتخب الوطني ليحرز لقب البطولة لثلاثة مواسم متتالية، قبل أن تعود أندية حماة للمنافسة، ليحصل الطليعة على لقبه الأول في الموسم الماضي ويأتي النواعير وصيفاً.

وكشف رئيس النادي أن هناك معسكراً قادماً للفريق لتحقيق الانسجام والتجانس بين لاعبي الفريق، مع الاحتفاظ بالكادر الفني الذي يقوده لاعب الفريق السابق، وأحد أبرز نجومه، المدرب الطموح محمد حداد، مع وجود رغبة بالاستعانة بأبنائه الموجودين في الخارج، ومنهم الأخوان حمدون ومحمد ذكية، وعدد آخر من اللاعبين المميزين المنتشرين في دول الخليج العربي.

وفيما يتعلق بالفئات العمرية في النادي، بين السيد أنه تم مؤخراً الإعلان عن تشكيل الأجهزة الفنية والإدارية لفئات النخبة والأشبال والناشئين بقيادة نخبة من المدربين المميزين على مستوى القطر، وهم الكباتن عزام قصاب وحكم صباغ وعبد السلام حداد، إضافة للإداريين النشيطين صلاح الأسود وعبد اللطيف فحلة، مع الاستعانة بخبرة المخضرمين المشرفين على تلك الفرق: الكباتن المشهود بكفاءتهم رضوان جوهر وعبد اللطيف الأمير وتمام علواني والمشرف العام والخبير حكم علواني.

 

قواعد في خطر

من جانبه رأى زيد مغمومة أحد أبرز الداعمين للعبة في نادي الطليعة أن قواعد اللعبة في النادي ليست بخير كما كانت قبل عشر سنوات، حيث تكمن مشكلتها الأساسية في عدم وجود صالة تدريبية خاصة بالنادي، ما يضطر الفرق للتدريب في صالة ناصح علواني المزدحمة، وأحياناً في صالة نادي محردة البعيدة، وخاصة في فصل الشتاء، حيث تقل التدريبات بنسبة قليلة؛ وهذه المشكلة تبدأ من الفئات العمرية الصغيرة وحتى الفئات الأعلى كالناشئين والشباب التي يحتاج لاعبوها إلى تدريبات مكثفة، وخاصة الفترة التي تسبق إقامة البطولات المحلية، إضافة إلى وجود مشكلة أخرى في اللعبة، وهي عدم الاعتماد على المدربين الشباب في قيادة فرق النادي والاعتماد فقط على الأسماء الكبيرة، دون نسيان التدخلات التي يلجأ إليها البعض من داخل الإدارة أو خارجها في وضع تشكيلة الفرق، كما أنه لا يتم إعطاء الوقت الكافي للمدربين الشباب في إعداد فرقهم للبطولات المحلية.

 

غياب الدعم

ولفت مغمومة إلى ضرورة تقديم الدعم المادي لمدربي فرق النادي لكافة الفئات العمرية من حيث الراتب الشهري ومكافآت الفوز، لأنها تسهم في تأمين الاستقرار الإداري والفني والتعاقد معهم بصفة دائمة لمعرفة إمكاناتهم وقدراتهم الفنية مع ضرورة اختيار المدربين على أسس مدروسة وعلمية واضحة، موضحاً أن نادي الطليعة يملك الكثير من المدربين الشباب على مستوى عال من الكفاءة والخبرة، لكنه بحاجة لمنحهم الفرصة المناسبة للتدريب، كما أن هناك عقلية قديمة ومصالح شخصية تتحكم باختيار اللاعبين والمدربين في مختلف فرق النادي.

ونبه مغمومة إلى ضرورة حل المشاكل السابقة الذكر في فترة قريبة لا تتجاوز العام، وإلا فإن قواعد كرة اليد في نادي الطليعة في خطر كبير، وخاصة إن هذه القواعد الرافد الأساسي لفريق الرجال، فمن غير المعقول أن نتعاقد مثلاً مع ثمانية أو عشرة لاعبين للعب في صفوف فريق الرجال لأنه من المنطق أن نتعاقد مع ثلاثة أو أربعة لاعبين كحد أقصى من خارج النادي إذا ما أردنا الاستمرار في المنافسة على الألقاب المحلية، فاللاعب الذي نشأ وتربى في ناديه هو الأقدر على تمثيله، وتقديم كل ما عنده من أجل مصلحة النادي، بينما اللاعب المحترف سيغادر الفريق في أي لحظة عندما يتلقى عرضاً مادياً أفضل وهذا من حقه.

وأشار مغمومة إلى أن إدارة نادي الطليعة هي إدارة لعبة كرة قدم فقط، والأنكى من ذلك أن رئيس النادي ينحصر تفكيره في كرة القدم، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: ما هو دور وعمل بقية أعضاء الإدارة؟!

 

سر قوة اللعبة

وحول سر قوة اللعبة في النادي، أوضح مغمومة أن اللعبة متجذرة ولها تاريخ حافل بالألقاب والبطولات وخاصة بالفئات العمرية الصغيرة، والنادي مدرسة عريقة باللعبة رغم قلة الدعم المادي مقارنة بنادي النواعير، وكان للتنافسية مع النادي الجار الذي كان يسمى سابقاً “الجماهير” دور كبير في تطور اللعبة في سورية بشكل عام، وفي مدينة حماة بشكل خاص، مؤكداً أن كرة اليد ستبقى قوية وستكون حاضرة بقوة في جميع البطولات المحلية خاصة مع وجود قاعدة جماهيرية كبيرة تدعم اللعبة وتحضر المباريات بكثافة في جميع الفئات العمرية، وهي مصدر قوة للعبة، متمنياً إقامة تجمعات بطولة الدوري للرجال هذا العام في مدينة حماة كونها معقل اللعبة والأكثر جماهيرية برأي جميع المعنيين، لكن المشكلة الرئيسية التي تحول دون تحقيق هذا الأمر هو عدم وجود فندق خاص لاستقبال الرياضيين.

 

صعوبات واضحة

من جانبه، بين رئيس اللجنة الفنية لكرة اليد في حماة، صلاح الأسود، أن هناك أربعة أندية تمارس رسمياً كرة اليد في المحافظة، وهي الطليعة والنواعير بفئات الذكور ومحردة وسلمية بالفئات الأنثوية، وقريباً سيتم تنسيب نادي كفربهم إلى أسرة اللعبة؛ كما يوجد في المحافظة 10 حكام معظمهم يحمل الشارة القارية، ويبلغ عدد المدربين نحو 25 مدرباً بمختلف الفئات العمرية، بينهم عشرة مدربين تواجدوا سابقاً مع المنتخبات الوطنية، مبيناً أن حماة تحتل المركز الأول في القطر في فئات الذكور، بدليل أن أخر بطولة للدوري في فئات الأشبال والناشئين والشباب والرجال حصدها فريقا الطليعة والنواعير.

ولفت الأسود إلى أن كرة اليد في حماة لها ماض عريق محلياً وخارجياً، لكن اللعبة تعاني من بعض الصعوبات التي تعيق تطورها، ومنها قلة التجهيزات الرياضية الخاصة باللعبة من كرات وشبك ولباس، وغلاء ثمنها في السوق المحلية، فضلاً عن حاجة صالة الأندلس للصيانة وإعادة التأهيل، ناهيك عن قلة الدعم المادي من قبل إدارات الأندية، حيث يقتصر الدعم حالياً على الدعم الشخصي من قبل بعض المحبين لأندية المحافظة، وهذا الأمر لا يكفي لأنه لا يمكن أن يدوم طويلاً، وينعكس سلباً على اللعبة في المحافظة.