هواجس الصحفيين من يبددها..؟
يغرق الصحفيون في هموم الناس وأوجاع الوطن الجريح حتى “قراقيش” آذانهم، فينسون -بل يتناسون- ما يعانون ويكابدون ويحلمون، لأن أرواحهم الغيْرية لا تهدأ ولا ترتاح إلا بتلبية احتياجات الناس، فيما احتياجاتهم تظلّ على قائمة الانتظار حتى إشعار آخر!.
ورغم أن الصحفيين مضروبون بحجر كبير، وأن يدهم “طايلة” وكلمتهم مسموعة، وأن بعضهم يتمتّع بحضور كاسح وفاعل في مختلف الأوساط الاجتماعية والشعبية والرسمية على كل المستويات، ما مكنهم من بناء صداقات وعلاقات واسعة يعجز عنها ويحسدهم عليها كثر ويطمحون لبلوغها.. مع ذلك ظلّت أحلامهم بتحقيق مكاسب وإنجازات تخدم الصحفي على وجه الخصوص والصحافة على وجه العموم وتحصنها وتقويها متواضعة ودون الطموح والمستوى المأمول، مقارنة بما حصده أقرانهم من حملة الشهادات، سواء أكانوا أطباء أم محامين أو مهندسين وغيرهم من أصحاب المهن والحرف والتّجار الذين يعيشون بحبوحة مالية يفتقدونها.
ولا بد من الإشارة إلى ما تسبّبت به الحرب المجنونة من إغلاق غالبية الصحف والمجلات والدوريات الخاصة التي كانت موئلاً اقتصادياً مهماً وفسحةَ رأي إضافية، إلى جانب توقف الصحافة الورقية عن الصدور بعد جائحة العصر “كورونا”.
ولأن “اليد بمصلحتها قصيرة”، فقد فشل الصحفيون في إقناع صنّاع القرار في معاملتهم -وظيفياً- خارج أسوار نصوص قانون العاملين في الدولة، انطلاقاً من خصوصية العمل الصحفي الذي يتطلّب حضوراً وعصفاً ذهنياً لا يهدأ وربطاً لا ينقطع للأحداث على مدار الساعة وتعاقب الليل والنهار والصيف والشتاء، ولاسيما في عصر الصحافة الإلكترونية التي لا تعترف ولا تعرف عطلةً ولا ظرفاً ولا عذراً.
إن تمكين الصحفي من نيل حقوقه ودعمه و”تمييزه” أسوةً بأساتذة الجامعات والقضاة، كما ورد على لسان السيد الرئيس بشار الأسد خلال لقائه مؤخراً عدداً من الإعلاميين العاملين في المؤسسات الإعلامية المختلفة، يفترض أن تتلقفه السلطات التنفيذية بقوةٍ لتقديم كل أشكال الدعم.
إن دعم العاملين في بلاط صاحبة الجلالة لا ينتقص من حضور وفاعلية باقي الشرائح كما يُشاع ويروّج، بل يجعله أكثر حضوراً وتأثيراً وقدرةً على أن يكون لسان حالهم والملاذ الآمن الشفاف لكل المستضعفين في الأرض والمنصة المدافعة عن قضايا الوطن والانتصار لها في كل المحافل. وهذا لن يكون إلا بتيسير الفرص وتطويع القوانين وتوجيهها بما ينفع ويفيد ويخدم الصحافة والعاملين فيها.
ولعلّ رفع طبيعة العمل الصحفي مؤخراً إلى ١٣٪ على الراتب الأخير خطوة مهمّة على طريق تحسين واقع الأجور، لكنها ليست كافيةً أبداً وتحتاج إلى خطوات أكثر جرأةً وإنصافاً تطال تحسين التعويضات وطبيعة العمل والمزايا في كل الاتجاهات، ورفع سن التقاعد والضمان الصحي وتعويض اللباس ومنع وصول المتسللين إلخ..، عندها فقط نعيد للصحافة ألقها ومجدها وحضورها واعتبارها وقبل هذا وذاك حقوقها.
وائل علي