بمشاركة 160 حزباً من العالم.. جلسة إحاطة دولية عبر الإنترنت خاصة بإقليم شينجيانغ: ما تتعرض له الصين من حملات وضغوط صورة مصغرة لما تتعرض له سورية منذ 9 سنوات كاملة
“البعث الأسبوعية” ــ ريناس إبراهيم
ما تتعرض له الصين من حملات إعلامية وإشاعات وإرهاب يبدو مفهوماً تماماً للشعب السوري، فقد أصبح السوريون الأكثر خبرة في العالم بهذه الأساليب وأهدافها، فسورية كانت الهدف الأول والأكبر للاستراتيجية الإمبريالية الجديدة التي تستخدم كل الوسائل، بما في ذك الإرهاب بنوعيه: إرهاب الدولة وإرهاب العصابات، كما تستخدم جميع أنواع الحروب: الاحتلال والحروب الإعلامية والاقتصادية والدبلوماسية وحروب التجويع وكل ما يتفتق عنه عقل قوى الاستعمار الجديد والصهيونية من خطط لا تقيم وزناً للقانون الدولي ولا لأبسط القيم الإنسانية. وما يحصل اليوم في الصين يؤكد اشتداد الصراع بين قوى تتمسك بسياسات الهيمنة والعنصرية وقوى تتطلع إلى نظام عالمي جديد ينتفي فيه الإكراه والتدخل والاستعمار الجديد وتتعزز فيه قيم التعاون والمساواة وغيرها من مبادئ القانون الدولي ومقاصده..
وفي إطار مواجهة الصين للحملات الإعلامية والسياسية الغربية التي تساق ضدها، وبمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني، استضافت دائرة العلاقات الخارجية لحزب البعث العربي الاشتراكي، ولجنة الحزب لمنطقة شينجيانغ الإيغورية ذاتية الحكم، أول أمس الاثنين، جلسة إحاطة دولية عبر الإنترنت خاصة بشينجيانغ، تحت عنوان “قصة الحزب الشيوعي الصيني”، شارك فيها مئة وستون حزباً من ستين دولة في العالم، كما شاركت فيها القيادة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي ممثلة بالرفيق د. مهدي دخل الله، رئيس الإعداد والثقافة والإعلام، إضافة إلى مندوبة صحيفة “البعث” الزميلة ريناس ابراهيم.
وتضمنت الجلسة، التي انعقدت تحت شعار “من أجل حياة أفضل للشعب”، إحاطة بواقع الحياة في إقليم شينجيانغ، وذلك بهدف مواجهة الحملة الإعلامية والإشاعات التي تطلقها الدوائر الأمريكية والغربية عموماً، حول مزاعم اضطهاد الحكومة الصينية لمواطنيها المسلمين.
وجاءت الجلسة تأكيداً لقرارات المؤتمر 18 للحزب الشيوعي الصيني، الذي انعقد عام 2012، والذي رسم معالم السياسة الصينية القائمة على مبدأ “الشعب محور السياسات”، والهادفة نحو تطلع الشعب إلى حياة أفضل، والتحول إلى الرخاء والازدهار، ليختصر ذلك بالسعي نحو التقدم مع الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي ولا سيما في شينجيانغ.
سونغ تاو
وافتتح الجلسة الدولية سونغ تاو مسؤول دائرة العلاقات الدولية للحزب الشيوعي الصيني، والذي شدد على أن الصين رسمت معالم سياسة دولية جديدة قائمة على التعاون والمساواة في وجه قوى الهيمنة والرأسمالية العالمية، منوهاً إلى أن “الأحزاب السياسية تتحمل مسؤولية كبيرة في دفع تنمية الدولة وتحسين معيشة الشعب، باعتبارها صانعاً لسياسات الدولة وموجهاً للرأي العام، وأن هذا هو جوهر الرسالة والغاية الأصلية للحزب الشيوعي الصيني، الذي يطمح لتحقيق سعادة الشعب ونهضة الأمة”.
وتابع تاو: “منذ المؤتمر 18 للحزب، عام 2012، قطعت اللجنة المركزية للحزب، ونواتها شي جينبينغ، وعداً جاداً أمام الشعب: إن تطلع الشعب إلى حياة أفضل هدف نكافح من أجله”، وهذا ما دفع الحزب إلى التمسك بالرؤية التنموية بغية تحقيق إنجازات وتغييرات تاريخية، وهو ما يتجلى ذلك في ما حققته الأمة الصينية بالانتقال من الاستقلال إلى الرخاء وحتى ازدياد القوة.
وشدّد تاو على أن مكافحة الفقر تعتبر محور سياسات الصين، وبفضل جهود ثماني سنوات متتالية، حققت الصين هدفها بمكافحة الفقر في الموعد المحدد، عام 2020، إذ نجحت في تخليص ما يقارب مئة مليون فقير من الفقر، وقد أنجز هدف تخفيف الفقر ضمن أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة للعام 2030، وقبل الموعد بعشر سنوات، ما شكل أنموذجاً لمكافحة الفقر في العالم”.
كما ركز تاو الحديث على تفشي فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19″، وتعامل الحزب مع الأزمة، حيث وضع سلامة أرواح جماهير الشعب وصحتها في المقام الأول، وقاد أبناء الشعب من كافة القوميات في كل البلاد لبذل جهود جبارة، وبقلب واحد، لمكافحة الجائحة، فنجح خلال شهر ونيف في احتواء تفشي الجائحة بشكل أولي، ونجح خلال شهرين في تخفيض عدد الإصابات اليومية إلى مستوى دون 10، وحقق خلال ثلاثة أشهر نتائج حاسمة لمعركة حماية مدينة ووهان، ومعركة حماية مقاطعة هوبي، ثم خاض معارك عديدة لاحتواء التفشي الجزئي للوباء، ما حقق إنجازاً استراتيجياً مهماً لمكافحة الجائحة. وبعدها أطلقت الصين، في كانون الأول 2020، حملة تلقيح ضد فيروس كورونا للفئات الأكثر عرضة للإصابة، حيث تم تقديم 31.236 مليون جرعة من اللقاح حتى يوم 3 شباط 2021.
واختتم تاو حديثه بالتأكيد على أهمية تضافر الجهود بين أحزاب العالم للبحث عن سبل بناء نمط جديد من العلاقات الحزبية القائمة على إيجاد الأرضية المشتركة، مع ترك الخلافات جانباً، والاحترام المتبادل والتعلم المتبادل وتعزيز تبادل التجربة حول إدارة وحكم الدولة وتدعيم التعاون في كافة المجالات، وبناء مجتمع مستقبل مشترك للبشرية، بما يخدم شعوب دول العالم بشكل أفضل.
تشين تشوان قوه
بدوره، قدم تشين تشوان قوه، عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، أمين اللجنة الحزبية لمنطقة شينجيانغ، شرحاً لأوضاع السكان في المنطقة، ودحض الأكاذيب والشائعات التي تتحدث عن “الإبادة الجماعية” في شينجيانغ، رافضاً تضليل المجتمع الدولي وتشويه صورة الصين، وغير ذلك من التصرفات العبثية، عن طريق السيطرة على الرأي العام وقلب الحق باطلاً والباطل حقاً وافتعال الشائعات التي لا أساس لها.
إلى ذلك، استعرض المؤتمر معلومات عن البنى التحتية الصينية، بما في ذلك البنى التحتية الدينية الخاصة بالمسلمين، ومنها المساجد العديدة والمدارس الدينية التي تعلم القرآن والعقيدة الإسلامية واللغة العربية الفصحى.
إدانة جرائم الإرهابيين الممولين من الخارج
وأدانت الجلسة الجرائم والاعتداءات التي ارتكبها إرهابيون ممولون من الخارج في السنوات الماضية، وأزهقوا خلالها أرواح مئات المدنيين، ودمروا الأبنية والممتلكات الخاصة والعامة في إقليم شينجيانغ، وغيره من المناطق، وطالت تلك الأعمال الإرهابية المواطنين العاديين والأئمة المسلمين ورجال الدين لمجرد ولائهم لوطنهم ورفضهم الانضمام إلى الإرهاب والجماعات المتطرفة، وهذه الصورة تذكرنا بما حدث في سورية والسبب معروف بأن المخطط والممول واحد.
وتحدث أمام المؤتمر مسؤولون ومواطنون من المقاطعة، إذ أكدوا اهتمام الحكومة الصينية بمنطقتهم على قاعدة المساواة التامة بين جميع الصينيين، كما أكدوا رسوخ الوحدة الوطنية بين جميع السكان في المقاطعة على اختلاف أعراقهم وأديانهم وأن المسلمين يتمتعون مثل غيرهم بحرية تامة في إقامة شعائر دينهم واحترام شخصيتهم الثقافية والحضارية، مكذبين بذلك الحملات الإعلامية والسياسية التي تنظمها الدوائر الغربية المعادية للصين.
وجرى الحديث عن أهمية المقاطعة الجيوسياسية لأنها تصل بين غرب الصين من جهة وبين آسيا باتجاه الشرق الأوسط وأوروبا ما يعطيها أهمية كبرى في إطار تواصل الصين مع وسط آسيا وغربها، ومع روسيا وأفريقيا وأوروبا، خاصة فيما يتعلق بطريق الحرير الجديد، كما إنها تمثل واصلاً وجسراً ثقافياً بين الصين والشرق الأوسط.
كما استعرض المؤتمر بيانات إحصائية ومؤشرات عن التطور الاقتصادي والعلمي والاجتماعي في المقاطعة، وهذه المؤشرات ليست أقل من مؤشرات التطور العام في عموم الصين، بل إن بعضها يفوق المؤشر العام في البلاد.
وشاركت أحزاب من دول عديدة بمداخلاتها، مثل إسبانيا، وإندونيسيا “حزب الأمانة الوطنية”، وماليزيا ومملكة تونغو والمغرب “حزب العدالة والتنمية”، والأردن ومصر وكمبوديا والباكستان وتوغو وتركيا.
وخلال الجلسة تم عرض أفلام وثائقية حول مناحي الحياة في الإقليم، وجرى استعراض تجارب ذاتية حول مكافحة الفقر ومكافحة فيروس كورونا المستجد، والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والانسجام الديني.
البيان الختامي
في البيان الختامي، لفتت الجلسة الدولية إلى أهمية الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والوحدة والمساواة بين المجموعات العرقية والأقليات القومية، واحترام حرية الاعتناق الديني لكافة القوميات، وحقّها في استخدام لغاتها الخاصة، كما تم الاتفاق على ضرورة ضمان حقوق الإنسان وتنميتها، واحترام تنوع طريق تنمية حقوق الإنسان، ورفض تسييسها أو تبني “ازدواجية المعايير” بشأنها، ورفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى تحت ذريعتها.
واختتم البيان بإهداء التهاني الصادقة للعالم وتثمين الإنجازات في التوفيق بين احتواء الجائحة والتنمية الاقتصادية، والمساعدة الهامة للعالم في المعركة ضد الجائحة، ولا سيما الإيفاء بوعودها لجعل اللقاح الصيني منفعة عامة للعالم.
د. دخل الله: ما تتعرض له الصين صورة مصغرة لما تتعرض له سورية
وتعليقاً على مشاركته في المؤتمر، أشار الرفيق دخل الله إلى أهمية هذه اللقاءات الحزبية العالمية التي افتقدناها في العام الماضي بسبب جائحة كورونا، لكن تكنولوجيا الاتصال الحديثة ساعدتنا في تجاوز الحدود وعقد مثل هذه اللقاءات عن بعد، منوهاً إلى أنه يفضل اللقاءات من النوع الثالث، أي الحضور المباشر وليس عبر وسائل الاتصال.
وأكد أن ما تتعرض له الصين من حملة إعلامية وضغوط هي صورة مصغرة لما تتعرض له سورية منذ تسع سنوات كاملة، وذلك لأن ما تعرضت له سورية – ولا تزال – أكبر وأخطر، فبلدنا تتعرض لجميع أنواع الإرهاب، ولا سيما إرهاب الدولة الذي يشمل جميع أنواع الحروب وإرهاب العصابات وما تقوم به المجموعات الإرهابية من قتل وتدمير وتخريب، لتأتي هذه المؤتمرات في إطار المواجهة العالمية لقوى الهيمنة”، وختم حديثه بالقول: “سنفكر في البعث بأن نعقد هكذا لقاء دولي في المستقبل”.