رسالة محبة من سورية إلى الهند
حملت أمسية “من سورية إلى الهند” التي أحيتها فرقة الجاز السورية على مسرح الأوبرا بالتعاون مع جمعية صدى رسالة محبة، وتأتي هذه الأمسية تمهيداً لمشاركة الفرقة في مهرجان الجاز الدولي في الهند، واتسمت بخاصية التأليف الموسيقي للموسيقيين أعضاء الفرقة بمقطوعات آلية بُنيت على ألحان الجاز وأخرى غنائية مستوحاة من التراث، وبدت في الأمسية الفروقات اللحنية للأنماط المختلفة لموسيقا الجاز السريعة والبطيئة، كما أضفت الموسيقا الإلكترونية جمالية على العزف المباشر.
تكونت الفرقة من الموسيقي عازف الغيتار هانيبال سعد وطارق سكيكر بيانو كيبورد، وناريك عبجيان بيانو، وفارس الدهان درامز، وباسم الجابر كونترباص، ودلامة شهاب ترومبيت.
بدأت الفرقة بمقطوعة “بادية” تأليف باسم الجابر فأخذت آلة الكونترباص اللحن الأساسي ووظف الجابر تقنيات الآلة بالعزف بالأصابع والقوس في مواضع، ثم شكّلت تناغماً مع البيانو، وتابعت الفرقة بعزف مقطوعة تأليف Strasbourg “denis by roy-hargrove”، وأخذ فيها الترومبيت مع الدرامز والبيانو اللحن الأساسي، وفي مواضع شكل الدرامز مع البيانو ثنائية جميلة لتنتهي بقفلة متدرجة للترومبيت.
وعلى وقع الصوت الرخيم للكونترباص وضربات الدرامز الخافتة غنت عبير البطل من التراث السوري -توزيع وفكرة باسم الجابر-“ميلي ما مال الهوى”، وبانتقالات لحنية مباشرة غيرت من أجواء الأمسية غنت “قالوا لي كن وأنا رايح جن” مع إيقاعات الدرامز المتنوعة والانعطافات اللحنية للترومبيت. والمقطوعة المميزة كانت من التراث الكلاسيكي الابتهالي الهندي تأليف بارفين سلطانا تخللتها مقاطع من فصول الذكر المتوارث الحلبي وأخذت فيها نغمات الغيتار الدور الأكبر تتناغم مع صوت البطل:
يا قديماً لم يزل/وهو باق لايزول/يا مجيباً من سأل/نرتجي منك القبول
اللحن الهادئ لنغمات البيانو عبّر عن معاني المقطوعة التي ألفها ناريك عبجيان بعنوان “نور في آخر الظلمة” وشهدت تغييرات لحنية بتوليفة الفرقة مع البيانو عبرت عن الفرح رغم الضربات القوية للدرامز الموحية بالظلمة وتميزت بترنيمات عبير البطل المتدرجة بتقنية سكانتك، وكانت مفردات ابن الفارض مع ارتجالات من مقام “النوا أثر” المتفرع عن مقام النهاوند والذي يستخدم بتلحين القصائد بمقطوعة “الحدود-border” التي ألّفها طارق سكيكر وتقوم على المحاورة بين البيانو والبيانو كيبورد وفواصل الغيتار والدرامز وزاد من جمالية الارتجالات غناء البطل:
عذبوا القلب ما شئتم/فعذاب الحب عندي عذبا
وقد تفاعل الجمهور مع جميع المقطوعات وخاصة مع مقطوعة ليلة جولانية التي ألفها دلامة شهاب على غرار ليلة في تونس من تراث الجاز الكلاسيكي، فغنت البطل مع الألحان الحيوية للدبكات الجولانية بمرافقة خاصة للترومبيت ومؤثرات صوتية للدرامز:
” بكرة نعاود نزور الليمونة ونزور كروم البيادر” والقفلة الجماعية للفرقة.
كما شاركت فرقة دلامة شهاب-إيكسلاند- المكونة من بعض طلاب صلحي الوادي والمعهد العالي للموسيقا بالنحاسيات والفلوت والكيبورد، بالعزف مع الفرقة مقطوعة “ri-rab-hotel” تأليف كريستوف بيرثيت من مقام الحجاز، ونوه هانيبال سعد إلى ألحانها المقاربة لعوالم الصحراء في الهند ومسير الجمال. وعودة إلى تراث الجاز الكلاسيكي اختارت الفرقة مقطوعات من قصائد تانكا اليابانية تأليف وتعريب ديمتري أفييرينوس “في برودة المساء” تسرد مشهداً عاطفياً غنتها بإحساس رومانسي البطل:
في برودة المساء/شفتاك/تلامسان وجنتي
اختُتمت الأمسية بغناء دبكة “يا عيد لونا” من تراث القلمون السوري –توزيع الفرقة- وكانت البداية مع البيانو وغناء موال لنصري شمس الدين “بالله لو تنصفوا المظلوم يا عشاق”، وعلى هامش الأمسية تحدث الموسيقي هانيبال سعد عن خصوصية الفرقة بتقديم مقطوعات من تأليف أعضائها.
كما أوضح دلامة شهاب أن آلة الترومبيت أساسية بموسيقا الجاز، وأن مقطوعة ليلة جولانية هي التجربة الأولى له في مجال التأليف. أما طارق سكيكر فتوقف عند أهمية التأليف الموسيقي، مبيّناً بأنه توجد كفاءات موسيقية جيدة في سورية ورغم ذلك فمازال التأليف الموسيقي قليلاً، إذ يميل أغلب الموسيقيين إلى عزف مقطوعات عالمية لاسيما بالجاز والكلاسيك، وقد قرر منذ سبع سنوات العزوف عن عزف المقطوعات الموجودة على اليوتيوب والتي يستطيع أي شخص الإصغاء إليها، وعزف المقطوعات المؤلفة له ولزملائه الموسيقيين، وتحدث عن مقطوعته التي ألفها بعنوان الحدود وهو ينتظر على الحدود اللبنانية –السورية فحملت مشاعر مختلطة.
ملده شويكاني