مجلة البعث الأسبوعية

تهميش كرة الطائرة الدمشقية يتواصل.. وتساؤلات حول كيفية إعادة الإقلاع!!

“البعث الأاسبوعية” ــ عماد درويش

لا يختلف أحد على أن كرة الطائرة في دمشق تراجعت بشكل رهيب خلال السنوات القليلة الماضية، بل إن اللعبة بشكل عام أصابتها حالة من التراجع نهشت بمفاصلها، حيث لا يقام لها سوى نشاط واحد خلال العام، وهو غير كافٍ للّعبة كي تتطور وتعود كما كانت في السابق، وهي التي تربعت على عرش البطولات العربية مرات عدة.

فاللعبة في دمشق اندثرت بشكل مخيف مع العلم أن أبرز لاعبي ولاعبات منتخبنا الوطني هم من أندية دمشق، حيث بدأ نجمها بالأفول منذ أكثر من عشر سنوات، أي منذ أن تم إلغاؤها في أندية الجيش والنضال والمحافظة على صعيد الرجال أو السيدات، بل ووصل الأمر إلى الفئات العمرية الصغيرة التي باتت تحلم بالمشاركة في أي نشاط محلي، أو باهتمام تلك الأندية بها، وهذا ما يجعلنا نتساءل عن سبب تراجع اللعبة في تلك الأندية وهي التي لطالما كانت مسيطرة على اللعبة لسنوات عدة، بل إن النضال كان واحداً من أفضل الفرق السورية، سواء على صعيد الفئات العمرية أو بالسيدات والرجال، ومثله الجيش.

 

جهود مضاعفة

من غير المقبول ألا نجد في دمشق سوى ناديين يمارسان اللعبة (بالرجال)، وهما الشرطة والوحدة، في حين لا يوجد بالسيدات سوى نادٍ واحد يمارس اللعبة وهو نادي الشرطة فقط، حتى أن جلب اللاعبات للعب بالنادي يتم عبر تأمين المواصلات والتجهيزات والصالات والتعويضات المادية والعينية، فالنادي يجد صعوبة في إقناع الأهالي واللاعبات بالحضور للتدريب واللعب بسبب الظروف الحالية، وأيضاً في ظل تفشي فيروس كورونا، وبات الأمر بحاجة لجهود مضاعفة من أجل حضور التدريبات.

عضو اللجنة التنفيذية المسؤول عن الألعاب الجماعية بدمشق، هيثم اختيار، عزا تراجع اللعبة إلى بعض أندية العاصمة الكبيرة التي ألغتها بدون أي سبب، أما الأندية الأخرى فهي فقيرة مادياً بشكل عام، وهي تحتاج إلى وقود للانطلاق بها قدماً، وهذا الوقود يتمثل بالرأسمال، والذي هو سمة هذا العصر في كافة المجالات والنشاطات الإنسانية المختلفة، والرياضة بشكل عام، وكرة الطائرة بشكل خاص.

وأضاف اختيار لـ “البعث الأسبوعي”: اللجنة التنفيذية كان لها الكثير من المحاولات لإعادة إحياء اللعبة في أهم الأندية السورية التي كانت – فيما مضى – تمارس اللعبة، لكن – كما قلت – المال هو الذي يقف حجر عثرة في وجه إعادة اللعبة من جديد، وهنا يتبادر للذهن السؤال: من أين تأتي الأندية بالمال؟ وهذا ما دعاها لإلغاء اللعبة من سجل الألعاب الممارسة لديها، لكي توفر عبئاً مادياً كبيراً عليها، حيث تعتبر كرة الطائرة مستهلكة مادياً وغير منتجة خاصة مع ارتفاع أسعار المواد والتجهيزات والكرات، وغير ذلك.

 

اتهام صريح

هنا، لابد من الإشارة إلى أن اللجنة التنفيذية في دمشق سبق لها أن اعتذرت عن أكثر من مشاركة بحجة ضغط النفقات، وعدم توفر المال، فإذا كانت اللجنة لا تمتلك المال، ولا تريد المشاركة إلا في بطولات معينة، فليترك القائمون عليها المجال لغيرهم من الكوادر التي تستطيع قيادة العاصمة إلى التألق والنجاح.

وفي هذا السياق، اتهم حسان سكحل، لاعبنا الدولي السابق والمدرب الوطني، رئيس اللجنة التنفيذية بدمشق بأنه كان وراء إلغاء اللعبة بنادي النضال، كونه كل رئيسا للنادي في وقتها، وبصفته المعني برياضة دمشق قام بإلغاء اللعبة في الكثير من الأندية التي كانت معقلاً من معاقل اللعبة في سورية.

وأسف سكحل لواقع الحال الذي وصلت له اللعبة في دمشق على وجه الخصوص، وفي سورية بشكل عام، ذاكراً أنه في أحد المؤتمرات السنوية لنادي النضال حضر أحد أهم واقدم مدربي العاصمة ومنتخب سورية باللعبة، وله الفضل على اللعبة بنادي النضال (وقتها كان النادي من أفضل أندية سورية بالسيدات وبالفئات العمرية)، وللأسف أحد المسؤولين بالنادي، وعند تقدم المدرب بمداخلته، لم يعجبه كلام المدرب، بل تساءل عن تاريخ هذا المدرب، وطلب منه أن يعرف عن نفسه خلال تقديم مداخلته، وهذا يعني أن اللعبة بالعاصمة باتت يتحكم فيها الدخلاء، وبرأي الشخصي هم من أساؤوا للعبة “وخرّبوها” هي والرياضة بالنادي. واليوم مع الأسف الشديد، لا يوجد أحد في إدارة نادي النضال لعب كرة الطائرة، وجميع أعضاء الإدارة لم يمارسوا الرياضة في حياتهم، وهناك من حارب اللعبة بالنادي باستثناء فاخر المصري ومهند عبد المعطي، فهم الوحيدون الذين عملوا باللعبة بالنادي حباً بها، ومن دون أي مقدمات، لكن فجأة صدر قرار باستبعادهما وتم تعيين بدل عنهما (أستاذي رياضة)، ليدربا اللعبة، وهذا معيب بحق كرة الطائرة بالنادي التي خرج منه الكثير من المدربين المختصين.

 

وعود خلبية

على الرغم من محاولات القائمين على طائرة العاصمة لتطوير اللعبة وإعادتها، إلا أن هذه المحاولات ما زالت خجولة وغير ملبية للطموح، فحالة التراجع تنهش مفاصل اللعبة، والوضع لا يسرّ أحداً، وعند سؤال أصحاب القرار عن الأسباب لا نجد الجواب الشافي، وكل الإجابات تصب في القول بأننا سنعمل على تحسين الوضع في المستقبل، ورغم تعاقب أكثر من لجنة فنية أو اتحاد لعبة إلا أن الوعود الكثيرة التي تم إطلاقها كلها “خلبية”، حتى أصبحت اللعبة وتطورها أخر أولوياتهم، ويبدو أن اللعبة بحاجة لـ “هزة” تعيدها من سباتها العميق.

المدرب الخبير خليل شريط أكد أن اللعبة اندثرت في العاصمة بسبب وجود أشخاص لا علاقة لهم بالرياضة، فكرة الطائرة لم يعد لها وجود على صعيد الرجال إلا في ناديي الشرطة والوحدة، وناد واحد بالسيدات هو الشرطة؛ وبنظرة عامة على لاعبي تلك الأندية، نجد أن أغلبهم من خارج دمشق، وهذا دليل عدم اهتمام الأندية المذكورة بالقواعد، وعدم اهتمام اللجان الفنية المتعاقبة واللجان التنفيذية وإدارات الأندية، إضافة لعدم متابعة اتحاد اللعبة لواقع اللعبة في مدينة دمشق.. كل ذلك أدى لتراجع مخيف للعبة كرة الطائرة في العاصمة، وأصبح هم الأندية التي تمارس اللعبة توقيع عقود مع لاعبين جاهزين من خارج المحافظة، وهذا ينطبق على واقع الطائرة الأنثوية بدمشق، فقد كان هناك عدد كبير من اللاعبات يمارس اللعبة إلى وقت قريب جداً في أندية الشرطة والنضال والمحافظة، وأغلب لاعبات تلك الأندية كان في عداد منتخباتنا الوطنية، وحالياً نجد أن اللعبة اختفت من ناديي النضال والمحافظة ولم يبق سوى نادي الشرطة، فتصوروا أن مدينة دمشق التي يتجاوز عدد سكانها 5 ملايين نسمة لا يوجد فيها سوى ناد واحد يمارس اللعبة، وهذا أدى إلى انعدام التنافس بين اللاعبات، وبالتالي انعدام ظهور وجوه جديدة ترفد الأندية باللاعبين واللاعبات. وبصراحة أقول، بعد اعتزال لاعبات الشرطة والمنتخب (صفاء مسعود ودارين إبراهيم وعواطف رحال)، ولعدم وجود بديل لهم: ستختفي الطائرة الأنثوية من مدينة الياسمين، لذلك من الضروري على اتحاد اللعبة حث اللجنة التنفيذية بدمشق واللجنة الفنية على ضرورة السعي مع إدارات الأندية الدمشقية على إنشاء فرق كرة طائرة، ومتابعة الموضوع مع مختلف الجهات المعنية، وبالأخص “التربية الرياضية المدرسية”، وإيجاد صيغة تعاون مع مختلف الجهات تسمح بعودة اللعبة العريقة الى أندية دمشق.