اتساع دائرة تهريب الأغنام يرفع أسعار اللحوم في حلب
حلب – معن الغادري
الارتفاع الحاد في أسعار اللحوم بمختلف أنواعها وغيرها من المواد والسلع الغذائية، دفع الأسر إلى إعادة النظر بخياراتها وحساباتها وبرمجة يومياتها والتحايل قدر المستطاع على المتبقي من مدخراتها اليومية أو الشهرية لتغطية الحدّ الأدنى من الاحتياجات والمتطلبات، ولم يتبدل مشهد الأسواق في حلب الغارق بالفوضى، فالكل يغني على ليلاه ولا رقابة ولا هم يحزنون، والمواطن هو الحلقة الأضعف، مع تزايد مساحة الجشع والاستغلال من كبار وصغار التّجار.
وفي مقاربة بسيطة يقول أبو فراس: دخلي الشهري نحو 60 ألفاً، وثلثا المبلغ يذهب لأجور الأمبيرات والمواصلات، وما يتبقى من الراتب لا يكفي ثمن كيلو شاورما، و”احسبها إذا بتحسن تحسبها”، يقول أبو فراس بحرقة شديدة!.
محمود وهو عامل في إحدى المنشآت الإنتاجية الخاصة، أشار إلى أن دوامه الطويل والذي يتجاوز 10 ساعات يومياً يمنعه من مزاولة عمل ثانٍ لتحسين وضعه المعيشي. ويضيف: قد يكون راتبي أكثر من راتب الموظف نسبياً، إلا أن المعاناة ذاتها، فراتبي لا يكفي لأسبوعين فقط، وقد تخلينا كأسرة عن الكثير من المتطلبات والاحتياجات، ونحاول أن نؤمن لقمة عيشنا، مع الاعتماد على المعونات وبعض الدعم المالي من والدي وأهل زوجتي.
أبو نورس (أعمال حرة): يقول دخلي لا يسمح بأن أغطي حاجيات أسرتي المكوّنة من 5 أشخاص، والارتفاع الحاد واليومي بالأسعار أجبرنا على التخلي عن الكثير من المتطلبات، ومنها اللحوم والفواكه وحتى الخضار أسعارها لم تعد تناسب دخلنا اليومي. وطالب أبو نورس بأن تكون هناك حلول جذرية لحالة الفوضى والانفلات غير المسبوق بالأسعار، ويجب أن يكون هناك تدخل مباشر وإيجابي من الحكومة، ومن الوزارات المعنية لإعادة التوازن للأسواق وضبط الأسعار.
وكانت “البعث” قد رصدت حركة العرض والطلب في أسواق اللحوم والتي تشهد تراجعاً واضحاً في الطلب، بالنظر إلى ارتفاع سعر كيلو اللحوم الحمراء إلى نحو 25 ألف ليرة، والفروج إلى 17 ألفاً، وهو ما ينسحب على أسواق الأجبان والألبان والبيض التي تجاوزت أسعارها حدود العقل والمنطق، كما يقول البعض ممن التقيناهم. ويعزو البعض من مربي وتجار الأغنام أسباب ارتفاع أسعار اللحوم إلى غلاء الأعلاف، حيث وصل سعر كيلو الشعير العلفي إلى 900 ليرة، والذرة الصفراء العلفية 900 ليرة، كسارة القمح المغربلة 900 ليرة، وسعر كيلو النخالة 600 ليرة، يضاف إلى ذلك السماح بتصدير المواشي، وهو السبب الرئيسي في زيادة أسعار اللحوم.
“البعث” سألت عبد القادر حلي رئيس جمعية اللحامين بحلب عن أسباب هذا الارتفاع غير المنطقي في أسعار اللحوم، فأوضح أن اللحوم كغيرها من المواد الاستهلاكية والغذائية محكومة بالعرض والطلب وبمتغيّرات السوق وسعر الصرف، إضافة إلى التكاليف المتزايدة التي تقع على عاتق مربي الأغنام بما يتعلق بإرتفاع أسعار الأعلاف، أما السبب الأكثر تأثيراً -برأي الحلي- فهو يتمثل باتساع دائرة تهريب الأغنام مؤخراً، ما قلّل من توفر مادة اللحوم. ومع ذلك يقول الحلي إن الطلب على مادة اللحوم انخفض إلى أقل من النصف وتراجعت عملية الذبح في المسالخ من 200 رأس غنم يومياً إلى الثلث. وطلب رئيس الجمعية من المعنيين مكافحة التهريب وإعادة النظر بأسعار الأعلاف كحلّ لإعادة التوازن لسوق اللحوم وبما يتناسب مع قدرة المواطن الشرائية.
بدوره أوضح المهندس أحمد سنكري مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك أن دوريات حماية المستهلك تراقب أسواق اللحوم بمختلف أنواعها وتقوم بتنظيم الضبوط بحق أي مخالفة تتعلق بالغش أو زيادة الأسعار. وأضاف: لا شك أن الأسعار غير منطقية وهي مرتبطة بالعرض والطلب، كما ذكر رئيس جمعية اللحامين، ولكن هناك ضوابط ونشرة أسعار معتمدة صادرة عن حماية المستهلك وبهامش ربح مقبول ومنطقي، وعلى الجميع التقيد بها وأية مخالفة في هذا الصدد يتمّ معالجتها فوراً، وما ينسحب على اللحوم الحمراء ينطبق على الفروج والبيض، حيث يتمّ استجرار المادتين من دمشق وحماة لتغطية حاجة السوق المحلي بعد توقف إنتاج المداجن في حلب بسبب الخسارات الكبيرة التي لحقت بها جراء ارتفاع أسعار الأعلاف وتربية الدواجن عموماً، وبالتالي فالمسألة متعلقة أساساً بالكلف المالية التي تدخل في عملية الإنتاج بمختلف أنواعه. وجدّد سنكري دعوته المواطنين للتواصل مع مديرية حماية المستهلك للإبلاغ عن أي مخالفة ليتمّ معالجتها فوراً.