عنصرية أردوغان ضد النساء
علي اليوسف
في كل يوم يخرج رأس النظام التركي رجب طيب أردوغان بقضية تشعل الرأي العام العالمي والتركي على حد سواء غير مدرك أن أفعاله واستهتاره سيقوده إلى الهاوية، فقد عمّق خلافات بلاده مع الاتحاد الأوروبي، الذي لا ينفك في توجيه انتقادات له على خلفية سياساته الهدامة داخلياً وخارجياً.
قبل أيام تعرضت رئيسة المفوضية الأوروبية أورولا فون ديرلاين لموقف محرج و”إهانة بروتوكولية” أثناء زيارتها قبل أيام إلى تركيا برفقة رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، حيث تركت واقفة خلال اللقاء مع أردوغان بسبب نقص الكراسي، وهو ما أطلق عليه اسم “فضيحة الأريكة”. الحادث لم يكن مصادفة وكان أمراً متعمّداً، ما يعني أن الاهانة ليست لشخص رئيسة المفوضية، بل لكل المؤسسات الأوروبية، وهو ما يحتم على الاتحاد الأوروبي وضع حد لأردوغان وسياساته الاستفزازية.
هذه الدبلوماسية الفجة بحق أورولا فون دير لاين هي رمز لكيفية معاملة النظام التركي للمرأة، ولعل انسحابه من اتفاقية العنف ضد المرأة لهي أكبر دليل على استهتار أردوغان بالمعاهدات الدولية، وكأن الرجل يريد أن يأخذ دور البطولة في المسرحيات الدبلوماسية التي تشبه إلى حد كبير مسرحيات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب صاحب الرقم القياسي في الانسحاب من المعاهدات الدولية.
قبل الانسحاب المخزي، شهدت تركيا حركة نسائية متنامية، كانت النساء صاحبات أعمال، وصاحبات منازل، ومفكرات، ومؤثرات، وشخصيات عامة محترمة، لكن حملة النظام الأردوغاني ضد المرأة ليس فقط في الانسحاب من اتفاقية اسطنبول، بل تجلت في كل مكان خارج حدودها، فقد وجدت لجنة تابعة للأمم المتحدة اعتباراً من أيلول 2020 أن مسؤولين أتراكاً كانوا موجودين في مراكز احتجاز الاجئين حيث تم سجن النساء واغتصابهن، ناهيك عن الحالات التي لم يتم الإبلاغ عنها.
بعد اندلاع الاحتجاجات النسائية في شوارع تركيا، وصف الرئيس جو بايدن تحرك تركيا بأنه “خطوة محبطة للخلف بالنسبة للحركة الدولية لإنهاء العنف ضد المرأة على مستوى العالم”. ولكن إذا صدق بايدن في كلماته فإن هذا مؤشر مهم على أن أردوغان لن يحصل على تصريح مرور مجاني من الولايات المتحدة، خاصةً أن سجل العثماني حافل خلال السنوات القليلة الماضية باضطهاد أحزاب المعارضة السياسية، وإسكات الصحفيين، والكراهية العرقية والإبادة الجماعية، والعنف ضد المتظاهرين السلميين.
هذا الاستهتار الدبلوماسي ربما يكون فرصة مناسبة لكل من الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي من أجل وضع حد لاستبداد أردوغان، ولكن إذا لم يفعلوا ذلك فلا شك أن أردوغان سيذهب بعيداً أكثر من ذلك.