صحيفة البعثمحليات

جملة أزمات ومعوقات تعرقل تأهيل ذوي الإعاقة بنقص المناهج والكوادر المتخصصة

دمشق- عبد الرحمن جاويش

يشكّل المعاق طاقة بشرية قادرة على التعلّم والإبداع مثل أي شخص عادي، ومع ذلك يجد المعاق صعوبات تواجه تطوره واندماجه بمجتمع سليم، وهذه الصعوبات تقف عائقاً أمامه ليكون عضواً فاعلاً وحقيقياً في المجتمع.

يؤكد أستاذ قسم التربية الخاصة بكلية التربية بدمشق، اختصاص علم نفس، وأمين سر الجمعية السورية للمعاقين جسدياً، الدكتور آذار عبد اللطيف، أن هناك ضرورة ملحة لدمج الشخص المعاق ضمن المجتمع الواحد، إضافة لمشاركته في النشاطات اليومية، إن كان تعليمياً أو صحياً أو اجتماعياً أو مهنياً وإبداعياً، وهذا الدمج يحتاج إلى مناهج خاصة وتدريبات من قبل كوادر متخصصة بتدريب المعاق، وهذه المناهج يجب أن تتناسب مع قدرات المعاق، فالمناهج التي تدرّس إذا لم تطوع مع قدرات المعاقين لن يتمكنوا من اكتساب معلومة، والسبب، كما يقول الدكتور عبد اللطيف، الفروق الفردية القوية بين المعاق من الإعاقة نفسها، وكذلك التأهيل للمعاق إن كان مهنياً أو غير ذلك ضرورة، وهذا من أهم الخطوات الواجب السعي لتحقيقها بحياة المعاق، ولكن في مجتمعاتنا هناك العديد من المعوقات، منها عدم التشخيص الدقيق، وعدم معرفة رغبات المعاق بدقة، وعدم الإيمان بقدرات المعاق إلا من الجانب الرياضي، وللبعض منهم وليس كلهم، وأيضاً عدم تطبيق اختبارات التفضيل المهني الذي يتناسب مع قدرات المعاق.

خطوات

وقال الدكتور عبد اللطيف: لدينا مجموعة أشكال من الدمج المكاني والدمج الجزئي والكلي والاجتماعي تصب كلها تحت هدف استراتيجي هو الدمج الجزئي، حيث يوضع الطفل المعاق الذي يقبل في مدرسة عامة في صف محدد، ويتلقى كافة التعليمات من خلال برنامج تدريبي متخصص من قبل كوادر متوفرة في المدرسة، أما الدمج الكلي فهو الذي يتم فيه وضع الطفل المعاق مع الأطفال العاديين طيلة النهار، ويتلقى الأسلوب نفسه، والمنهاج نفسه، وهذا الدمج أثبت فشله، أما الدمج الاجتماعي فهو مشاركة المعاق في كافة النشاطات الحياتية، وهناك شيء أساسي هو توفر غرفة تسمى مصادر مع كادر إذا كان متوفراً، على أن يكون قادراً على تدريب المعاق واستيعابه.

وقال الدكتور عبد اللطيف: إن هناك ضرورات للدمج وطرقاً واستراتيجيات، وهذا موضوع شائك، البعض يطالب بوجود مراكز متخصصة مع كوادر متخصصة، ونحن كعلم نفس نؤيد هذه الفكرة، على أن تكون هناك تربية خاصة في كل مركز، إضافة لوجود مقومات يتم فيها دمج المعاق، وهناك نوعان من المدارس التي تستقبل الأطفال المعاقين: مدارس حكومية، وخاصة، ولديها شروط للدمج والقبول، علماً أن هناك معاقين لديهم طاقات مبدعة في التعليم والفن، ولكن ليس لهم هذا الدور لأسباب عدة، منها قلة الكوادر، وعدم توفر المناهج، وضعف الإمكانيات، والمناهج المتوفرة حالياً غير مطوعة لقدراتهم.

أساسيات الدمج

في السياق ذاته، أكد لـ “البعث” مدير عام معهد بصمة أمل للمعاقين محمد أبو كرم مستو أن دمج ذوي الإعاقة يلزمه إمكانيات وأساسيات لنجاح أية عملية دمج، إضافة لتجهيز بنية تحتية متناسبة مع طبيعة ونفسية المعاق من تجهيزات وآلات وعصي وإشارات وأصوات، وغيرها من المستلزمات، وهذا يجب توفره بأي مبنى إن كان عاماً أو حكومياً، مثلاً كان متوفراً على إشارات المرور جهاز يبث أصواتاً للمعاق الكفيف، وهذا غير متوفر حالياً، كما في مصاعد الأبنية، هناك جهاز ناطق يرشد المعاق إلى الطابق الذي وصل إليه، وهناك مستلزمات تساعد المعاق على اجتياز يومه بنجاح، وللأسف هذا أصبح غير متوفر.

ولكنهم مبدعون

تحدثت إلينا المعاقة المبدعة بالفن سناء قولي مؤكدة أن للمعاق دوراً كبيراً بتعزيز ثقته بنفسه من خلال الإبداع عبر الفن لأنه الأقرب لإمكانيات المعاق، ويسهل عليه اكتساب المهارات، ويحقق له التشارك والتفاؤل واللقاء مع الغير، إضافة لمعالجة صعوبات الحركة والنطق والتعلّم، وتقول قولي: إن المعاقين يمتلكون مواهب وطاقات كبيرة، ولكنهم بحاجة لدعم وتوفر إمكانيات وكوادر متخصصة، ودائماً المعاقون مختلفون، ولكنهم قادرون على مواجهة حياتهم من خلال انخراطهم بالتعليم والإبداع وتعلّم مهنة، في النهاية هل نوفر للمعاقين إمكانيات ومستلزمات الدمج ليكونوا يداً واحدة في المجتمع، وطالما لم يتوفر المطلوب، لا يمكن للمعاق أن يتابع تحقيق حلمه إلا من خلال مساعيه الشخصية، فهناك معاقون دكاترة في الجامعات، وهناك مديرون ومعلمون.