صحيفة البعثمحليات

عالم مرقمن..

أن تشهد سورية -رغم أهوال الحرب الكارثية القذرة- التي شُنّت عليها إحياء احتفالية التحول الرقمي للعام الثالث على التوالي التي اختُتمت أعمالها قبل أيام، وسط حضور محلي وعربي ودولي حاشد ولافت، فإن هذا يحمل في طياته حجم التحدي والإصرار للحاق بالعالم الرقمي الذي تأخرنا عنه كثيراً وولوجه من أوسع عتباته والاستفادة من بوابة المؤسسات والخبرات والمراكز الاستشارية والدول التي لها تجارب ناجحة واجتازت خطوات قوية في رقمنة أعمالها وقوننتها.

ولاشك أن إعلان العام ٢٠٣٠ عام تحول سورية إلى دولة رقمية بالكامل يحمل الكثير من الآمال والآفاق والدلالات التي ستدخلنا العالم الرقمي بكل ما يحمله من تبدلات وتحولات ويجعلنا في صميم مقولة إن العالم بات قرية كونية صغيرة.

وهذا يعني أننا بعد تسع سنوات من الآن ستتغيّر أشياء كثيرة في حياتنا، وستلغى أشياء أخرى من قاموسنا وستتبدل آليات وعقليات وطرائق عمل باليةٍ وسنشهد تعاطياً مختلفاً لا عواطف ولا أحاسيس فيه ولا أهواء، لتغيب ربما إلى الأبد لغة المشاعر والتعاطف بمعناها السلبي والإيجابي وستختفي مفرداتها من حياتنا ليحلّ الرقم والخوارزميات والديجيتال بديلاً عنها.

وستغيب فيما تغيب عن مشهد يومياتنا لغة تبويس الشوارب واللحى وتمسيح الجوخ، على أمل أن يضفي “الرقم” عالماً من العدالة المفقودة والمساواة، فلا أفضلية بعد الآن إلا من خلال الرقم.

وهذا يستدعي بطبيعة الحال خلال السنوات القادمات رسم الخطط والتصورات والاستراتيجيات وتوفير البنى التحتية والمقومات اللوجستية من أداء عالٍ للإنترنت لا يغيب عنه الواي فاي، ولا تنقطع عنه ذبذبات الشبكة ولا تغيب عنه الكهرباء، ولا تضيق فيه سعة الحزم وتيسير وصول المستخدمين إلى المخدمات في كل الأوقات والأماكن، وتوفير البيئة القانونية الحامية والثقافة المعرفية التي تحتاجها الرقمنة، واستنفار الطاقات التي تعجل انتقالنا إلى الضفة الرقمية وتقلص فجوة أميتنا الرقمية لبلوغ مجتمع مرقمن تنتفي وتغيب معه مظاهر النفوذ، ويتيح فرصة الوصول إلى المعرفة وتكافؤ الفرص للجميع من دون تمييز بأقل التكاليف وأوفرها وأسرعها وأعدلها في عالم يتغيّر على مدار الساعة دون أن ينتظر أحداً.

ولا شك أن تحولنا الرقمي سيوفر على الخزينة المليارات والكثير من المشاق والجهد والوقت، وسيقدم حلولاً سحرية وعصرية لكثير من مشكلاتنا ومعاناتنا المزمنة، بما فيها تقليص استخدام وتبادل وتصريف وتسديد وتحويل العملات، وربما يتيح الدخول مستقبلاً في عالم استخدام العملة الإلكترونية “البيتكوين” التي بدأت تفرض نفسها وتخطّ طريقها.

لم لا؟!!..

وائل علي

Alfenek1961@yahoo.com