رياضةصحيفة البعث

دوري السوبر الأوروبي.. القشة التي ستقصم ظهر كرة القدم العالمية

منذ سنوات طويلة وكبار أندية أوروبا يطرحون إمكانية استبدال مسابقة دوري الأبطال بأخرى تضم الأندية الأكثر جماهيرية وألقاباً، لكن الطرح بقي طي التداول حتى جاء مساء يوم الأحد الماضي حين أعلن 12 نادياً من أهم الأندية في أوروبا توصلهم إلى اتفاق لإطلاق مسابقة جديدة تحت مسمى “دوري السوبر” بقيادة أندية: (ميلان، أرسنال، أتلتيكو مدريد، تشيلسي، برشلونة، انتر ميلان، يوفنتوس، ليفربول، مانشستر سيتي، مانشستر يونايتد، ريال مدريد، توتنهام)، مع دعوة ثلاثة أندية أخرى للانضمام قبل الموسم الافتتاحي الذي سيبدأ في أقرب وقت ممكن.

البيان التأسيسي للبطولة أكد أن الهدف من إطلاقها هو مواجهة آثار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) الذي أدى لتسريع تداعي النظام الاقتصادي الراهن لكرة القدم الأوروبية على مدار سنوات، لذلك كان الحل بإنشاء بطولة يمكن فيها لأفضل الأندية واللاعبين التنافس ضد بعضهم البعض بشكل متكرر.

هذا الكلام النظري المنطقي أظهرت صحيفة “ماركا” الاسبانية وجهه الآخر بعد أن كشفت أن ما ستحصل عليه الأندية المشاركة في المسابقة من أموال سيبلغ مجموعه 3.5 مليارات يورو في البداية، حيث سيتولى بنك “جي بي مورغان” الأمريكي الدعم المالي للمشروع، على أن يحصل الفريق البطل على نحو 400 مليون يورو، وهو أكثر من ثلاثة أضعاف المبلغ الذي يمنحه الاتحاد الأوروبي للفائز بلقب دوري الأبطال حالياً.

رئيس المسابقة الوليدة فلورنتينو بيريز حاول أن يكون صريحاً في تحليل أسباب اتجاه الأندية الكبرى نحو تأسيس بطولة جديدة، مشيراً إلى أن الأندية المهمة في انكلترا وايطاليا واسبانيا تبحث عن حل للوضع المأساوي الحالي لكرة القدم، حيث خسرت أندية أوروبا 5 مليارات يورو مؤخراً كون الجماهير تتناقص، وكذلك حقوق البث.

وإذا كان دوري السوبر نجح في إغراء أهم الأندية الكبيرة، إلا أنه فشل في استقطاب أخرى، وفي مقدمتها أهم ناد ألماني وهو بايرن ميونخ الذي اتخذ موقفاً معارضاً لأي نشاط خارج الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، معتبراً أن الهيكل الحالي لكرة القدم يضمن أساساً موثوقاً به، داعياً لإجراء تعديلات على دوري أبطال أوروبا كونها الخطوة الصحيحة التي يجب اتخاذها لتطوير كرة القدم الأوروبية.

هذه المواقف المؤيدة والمعارضة لم تكن المرجع الوحيد للتكهن بما ستؤول إليه الأمور، لكن موقفي الاتحادين الدولي والأوروبي كانا الأكثر حدة في النظر للبطولة، حتى إن الاتحاد الأوروبي وصل لحد تهديد الفرق المشاركة ولاعبيها بالشطب والمنع من المشاركة في المسابقات المحلية، فضلاً عن إيقاف لاعبيها عن المشاركة مع منتخبات بلدانهم.

هذا الموقف المتشنج من الاتحاد الأوروبي الذي أيّده عدد من زعماء القارة العجوز السياسيين أمثال: رئيس الوزراء البريطاني، والرئيس الفرنسي، يمكن تفسيره بسهولة كون الأرباح المالية لبطولات الأندية حالياً التي يستولي الاتحاد على الحصة الأعلى منها ستكون مهددة بالاندثار إذا رفضت الأندية الكبرى المشاركة بها، وبالتالي سيخسر الاتحاد الأوروبي ومسؤولوه مكاسبهم التي لا يعرف أحد حجمها.

عموماً فكرة دوري السوبر، وإن كانت ستكرّس سطوة الأندية الكبيرة، وتقضي على آمال الأندية الصغيرة، تبدو الرسالة الأوضح للقائمين على الكرة العالمية بأن الطريقة التي كانت تدار بها الأمور لم تعد صالحة في ظل التغييرات التي تمر بها الساحرة المستديرة داخل وخارج الملعب، وحتى يصل الطرفان لحل وسطي فإن كرة القدم يمكن اعتبارها دخلت مرحلة الخطر الجدي، وبات حاضرها ومستقبلها مرهونين بما سيصل إليه الطرفان الباحثان عن مصالحهما.

البعث”