ثقافةصحيفة البعث

عيد الجلاء ويوم الأسير في فعالية وطنية

“أن تتحدث عن الجلاء يعني أن تتحدث عن سورية، لكن أن تمزج بين سورية وفلسطين في يوم الجلاء فهذا يعمّق من مركزية وحضور القضية الفلسطينية وهو حضور دائم في الوجدان والذاكرة السورية”، هذا ما افتتح به رئيس اتحاد الكتّاب العرب في سورية د. محمد الحوراني كلمته في الفعالية الوطنية التي أقامها الاتحاد ولجنة الأسرى والمحررين في الشتات بمناسبة عيد الجلاء ويوم الأسير الفلسطيني، وتابع الحوراني: عيد الجلاء لم يأتِ كأحد تداعيات الحرب العالمية الثانية التي خرجت منها فرنسا في ذيل المنتصرين، فالسوريون جميعاً في الأرياف والمدن انطلاقاً من تاريخ ثوري قريب بدءاً من ثورة الشيخ صالح العلي وإبراهيم هنانو، وبرمزية معركة ميسلون التي قادها البطل يوسف العظمة، والثورة السورية التي قادها سلطان باشا الأطرش مستعيناً بأصالة ووطنية عبد الرحمن الشهبندر وفوزي الغزي وحسن الخراط وأحمد مريود وغيرهم من أبطال النضال السياسي والميداني والفكري، لقد تلاقت جهود الجميع من أجل التخلّص من المستعمر وتحقيق الجلاء، هذه الانتفاضة التي دعت المجتمع الدولي للتدخل وإجبار فرنسا على الإيفاء بما وعدت، فأجبرت على إعادة الحق لأهله.

كلمات سجينة

يوم الأسير ليس مناسبة للفلسطينيين وإنما لكل العرب الخلَّص، وليس من باب المصادفة أن يكون يوم الأسير الفلسطيني وعيد الجلاء في توقيت واحد، وهذا له الكثير من المعاني والدلالات المصيرية في سبيل النضال والكفاح لتحرير كامل الأراضي العربية والسورية، وتابع الحوراني: أما الأسرى فقد ناضلوا بثبات وعزم رغم القضبان إن لم يكن بالإضراب، ولكن بالثقافة والتعليم والكتابة خرج أدب المعتقلات الذي تميّز بالإرادة والتصميم والواقعية والتشويق بدءاً من كتاب أدب السجون الذي ألفه الكاتب الفلسطيني خليل بيدس والذي كان معتقلاً من قبل الانتداب البريطاني بإصدار ديوان شعري مشترك بعنوان “كلمات سجينة” الذي صدر بخط اليد من معتقل بئر السبع عام 1975، إن ثبات الأسرى ونضالهم في سجون الصهاينة أكبر دليل على وحدة المسار والمصير وعلى أن الجميع معنيّ بالنضال من أجل القضية الفلسطينية.

الأسير عنوان المقاومة

وعن الأسرى الذين يخوضون معارك الأمعاء الخاوية دفاعاً عن حقوقهم وانتزاع حريتهم من المحتل، ألقى الأسير المحرر عبد الحميد الشطلي كلمة لجنة الأسرى والمحررين في الشتات قائلاً: يوم الأسير الفلسطيني يوم وطني بامتياز، فالأسرى هم الجسم الحيّ من القضية الفلسطينية وهم مناضلون حتى التحرير، لم تتوقف العمليات الفلسطينية طوال التاريخ الماضي ورغم كل الأزمات السياسية بقيت المقاومة عنواناً أساسياً والأسير  عنوانها، والاحتفاء بهذا اليوم هو احتفاء بالمقاومة وبالنية الجدية الصادقة لتحرير فلسطين، والمشاركة من خلالها نقدم دعماً نفسياً ومعنوياً للأسرى وهذا له مردود إيجابي.

كتاب وقصيدة ومعرض

ومن برنامج الفعالية أعلن اتحاد الكتاب العرب عن ديوان للشاعر الفلسطيني الأسير كميل أبو حنيش بكل ما يعنيه من أشكال النضال الفكري والأدبي للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وأكد الحوراني أن الاتحاد سيقوم بطباعة “سلسلة إبداع أسير” لنبقى على اتصال مع الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني، فمن كان عنده رواية أو مجموعة شعرية أو كتاب للدراسات والأبحاث يمكن أن يقوم الاتحاد بطباعة هذا النوع من الأدب، وهذا من شأنه أن يعزّز صمود الأسرى في المعتقلات، إضافة إلى أن الاتحاد أطلق كتاباً عن الثورة ضد المحتل الفرنسي للمجاهد “الشيخ يوسف السعدون” من إعداد د. فاروق سليم بما يتضمن من معاني النضال وأحداث ثورة الشمال بقيادة إبراهيم هنانو.

معرض فني وشعر

ولأن عيد الجلاء هو اليوم الذي يبعث فينا الفخر والاعتزاز بهذا الإرث الحضاري الذي ورثناه عن أجدادنا الذين بذلوا النفيس والغالي لتحرير أرضها، ويوم الأسير يبعث فينا الشجون وشحذ الهمم من أجل أن نكون مع إخوتنا في فلسطين وندافع عنهم، وفلسطين بالنسبة لسورية هي البوصلة ألقى الشاعر محمد حسن العلي قصيدة بهاتين المناسبتين العظيمتين نقتطف منها:

تبرجي غوطة الفيحاء واكتحلي/وأسرجي صهوات الريح للرسل
جيش العروبة جند الله موعدهم/في جنة الخلد يوم النصر لم يزل
فأشعلي من نجيع الجرح نار هدى/وخبري الشمس جئناها على عجل

وتضمنت الاحتفالية أيضاً معرض لوحات فنية للفنان محمد الركوعي الأسير السابق لمدة 13 عاماً، والذي أفرج عنه بتبادل أسرى وقد مارس الفن في السجن بألوان بسيطة وبقلم جاف، إضافة إلى تكريم عائلة الأسير المرحوم علي جمعة محمد والباحث محمد خالد عمر لدوره في توثيق مسيرة بعض رجالات الثورة.

عُلا أحمد