دراساتصحيفة البعث

أين الإجراءات المناخية الصارمة؟

إعداد: هناء شروف

عُقدت القمة العالمية بشأن المناخ في يوم الأرض العالمي عبر روابط الفيديو، والتزمت البلدان، التي تشكل حوالي ثلثي الاقتصاد العالمي، باتخاذ إجراءات مناخية جريئة، وهذا أمر مشجع، لكن ذلك لا يكفي وحده لأن هناك حاجة ماسة إلى كل دولة ومدينة ومؤسسة تجارية ومالية للانضمام إلى هذا التحالف واعتماد خطط ملموسة للانتقال إلى صافي انبعاثات غازات الدفيئة إلى الصفر بحلول منتصف القرن. ومن أهم الإجراءات هو العمل على الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية لوقف تحول أزمة المناخ إلى كارثة دائمة.

يمكن للناس العاديين أن يشعروا بتسارع وتيرة الاحتباس الحراري وزيادة تواتر الظواهر الجوية المتطرّفة، مثل موجات الحرارة وموجات البرد والأعاصير. وهم يتسببون في المزيد من الأزمات في قطاعات مثل الصحة والأمن الغذائي والجغرافيا السياسية، ومع ذلك، لم يتخذ المجتمع الدولي بعد تدابير كافية للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. والأهم من ذلك، أن آلية مناخية منسقة لم تظهر بعد في حين لا يزال “العجز المناخي” العالمي في تزايد.

تزداد الأمور سوءاً بسبب الولايات المتحدة، التي لديها أكبر كمية إجمالية لانبعاثات الكربون وأعلى نصيب للفرد. انضمت الولايات المتحدة إلى بروتوكول “كيوتو” أثناء إدارة بيل كلينتون، وخرجت منه إبان حكم جورج بوش. وقع باراك أوباما اتفاقية “باريس”، لكن دونالد ترامب خرج منها وانضم إليها جو بايدن مرة أخرى. لم تقدم هذه التغييرات المتكررة نتائج ملحوظة بل أكدت عجز للولايات المتحدة  في حل هذه الأزمة، ودمرت أيضاً سمعتها كقائدة مناخية.

تظهر البيانات الصادرة عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن درجة الحرارة العالمية قد ارتفعت بمقدار 1.2 درجة مئوية خلال السنوات العشر الماضية، مقتربة من الخط الأحمر 1.5 درجة مئوية.

وهنا من الضروري أن تعمل الحكومات لتحقيق نتائج ملموسة، خصوصاً وأن هذه الحكومات مشغولة باتخاذ إجراءات للتغلب على وباء كورونا، حيث يتم تعبئة تريليونات الدولارات للتغلب على جائحة كوفيد 19.

يتمتع العالم بإطار عمل قوي، وهو اتفاق باريس، حيث التزمت جميع البلدان بوضع خطط عمل وطنية خاصة بالمناخ وتعزيزها كل خمس سنوات. لكن بعد أكثر من خمس سنوات ومع وجود دليل دامغ على أننا إذا لم نتحرك فسوف ندمّر كوكبنا حان الوقت لاتخاذ إجراءات حاسمة وفعالة حيث تجتمع الأمم المتحدة من جميع البلدان في غلاسكو، اسكتلندا، في تشرين الثاني القادم من أجل مؤتمر التغيير.

يجب أن تخفض الخطط الوطنية الجديدة التلوث العالمي بغازات الاحتباس الحراري بنسبة 45 % على الأقل بحلول عام 2030 مقارنة بمستويات عام 2010. وقد تم تقديم الكثير بالفعل، ووضع سياسات أكثر وضوحاً للتكيف مع آثار تغير المناخ وتعزيز الوصول إلى الطاقة المتجددة.

لكن حتى اللحظة حققت هذه الخطط أقل من 1 في المائة من خفض الانبعاثات، وهذا تنبيه خطير للناس والكوكب. في الأشهر المقبلة بدءاً  من قمة القادة القادمة حول المناخ، التي تستضيفها الولايات المتحدة، يجب على الحكومات زيادة طموحاتها بشكل كبير لا سيما البلدان الأكثر انبعاثاً والتي تسببت في الجزء الأكبر من الأزمة.

تتيح قمة مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى في تموز القادم الفرصة الأغنى لدول العالم للتقدم وتقديم الالتزامات المالية اللازمة لضمان نجاح مؤتمر المناخ. لذلك على جميع بنوك التنمية المتعددة الأطراف والوطنية أن يكون لديها سياسات واضحة معمول بها لتمويل التعافي من فيروس كورونا والانتقال إلى اقتصادات قادرة على الصمود في البلدان النامية مع مراعاة مستويات الديون المعوقة والضغوط الهائلة على الميزانيات الوطنية.

يجب الاستمرار في العمل من أجل معالجة تغير المناخ وحماية التنوع البيولوجي ووقف حرب البشرية على الطبيعة وتسريع الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.