دراساتصحيفة البعث

نظام أردوغان وعقدة كلمة “إبادة جماعية”

تقرير إخباري

يرفضُ النظام التركي بشكل قاطع الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن، لأن ذلك يؤثر سلباً على شعور التباهي بالهوية التركية، ويذكر بالمذابح الأخرى التي ارتكبتها الدولة العثمانية. وحتى الآن لا تعترف تركيا بعدد ضحايا الأرمن الحقيقي، كما أنها تحاكم كل من يستخدم كلمة “إبادة جماعية” بموجب المادة 301 من قانون العقوبات تحت مسمّى “إهانة الهوية التركية”.

وفي هذا الشأن يقول المؤرخ التركي تانر أكام إنه ليس من السهل لأمة أن تصف مؤسسيها بأنهم قتلة ولصوص، وذلك نظراً لكون العديد من قادة الجمهورية التركية الحديثة مهندسين بالفعل لما وقع من مذابح، وازدياد ثروات عدد منهم من مصادرة أملاك الأرمن.

وحتى رجب طيب أردوغان يتفاخر بالجذور العثمانية لتركيا الحديثة، فقد رحّب بالحكم القضائي بتحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد، ويدافع عن تعليم اللغة العثمانية القديمة في المدارس، وهو يعزّز طموحات بلاده بتوسيع النفوذ العسكري والاقتصادي لإحياء إرث الإمبراطورية العثمانية حتى لو أدى ذلك إلى صدام مع قوى أخرى. ويمكن القول: إن أردوغان هو أحد رؤساء تركيا الأشد رفضاً لوصف مذابح الأرمن بالإبادة، كون ذلك يؤثر سلباً على سياسته التي تفتخر بتاريخ تركيا.

تؤكد الوثائق المدوّنة عن تاريخ الإبادة الأرمنية استشهاد 1,5 مليون أرمني عام 1915 على أيدي العثمانيين خلال الحرب العالمية الأولى، التي شاركت فيها الإمبراطورية العثمانية مع ألمانيا وإمبراطورية النمسا- المجر ضد قوات الحلفاء، وذلك عندما اغتالت مئات المثقفين الأرمن وتمّ إبعاد الآلاف من شرق الأناضول.

في الحقيقة تخشى تركيا أن يدفع الاعتراف بالإبادة الجماعية دولاً وجماعات أخرى لتبني مطالب مماثلة، كالمذابح التي تعرّض لها الآشوريون/ السريان في مناطق ما بين العراق وإيران وتركيا وسورية على يد القوات العثمانية والجماعات المتعاونة معها، وتقول تقارير: إن عدد الشهداء في تلك المذابح قد يصل إلى ربع مليون، وسبق للرابطة الدولية لعلماء الإبادة الجماعية أن صنّفت تلك المجازر بالإبادة الجماعية.

عائدة أسعد