مجلة البعث الأسبوعية

الناشط الإيرلندي د. ديكلان هايز: الأسد يحظى بدعم شعبي قوي

فينيان كونينغهام ــ ترجمة “البعث الأسبوعية”

يوضح ناشط السلام الإيرلندي الدكتور ديكلان هايز ما هو على المحك في الانتخابات الرئاسية المقبلة في سورية هذا الشهر. ويتوقع أن يفوز الرئيس بشار الأسد بإعادة انتخابه من خلال دعم شعبي قوي لأن الشعب السوري يعتبر هذا التحدي أفضل طريقة لصد الحرب السرية التي يقودها حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة على وطنه. لقد هُزمت الحرب السرية لـ “تغيير النظام” في الميدان على يد الجيش العربي السوري وقواه الرديفة وحلفائه. ويسود السلام الآن في معظم مناطق سورية. ومع ذلك – كما يوضح هايز- فإن الولايات المتحدة والأعداء الأجانب لسورية يصعدون الحرب الاقتصادية من خلال العقوبات ونهب الموارد. والهدف هو “إبقاء سورية في حالة من عدم التوازن”. وهذه الأجندة العدائية الغربية تجاه سورية تأتي منسجمة مع الصورة الجيوسياسية الأكبر للولايات المتحدة وحلفائها الذين يحاولون زعزعة استقرار إيران وروسيا والصين. وكما يشير هايز، فإن الشعب السوري يدرك جيداً أن عليه الاستمرار في تحدي العدوان الغربي إن كان يريد تجنب الانهيار التام الذي لحق بأفغانستان والعراق وليبيا من قبل الأمريكيين والمتواطئين معهم.

وديكلان هايز محاضر جامعي بريطاني متقاعد سافر إلى سورية مرات عدة خلال عقد من الحرب، ووثق حقيقة العدوان الإرهابي الغربي السري على سورية، على النقيض من الرواية المزيفة لوسائل الإعلام الغربية التي عملت على “شيطنة” الحكومة السورية مع تصنيف الإرهابيين التكفيريين على أنهم “نشطاء مؤيدون للديمقراطية”، وكان المراقب الغربي الوحيد الذي كان حاضراً عندما حرر الجيش العربي السوري مدينة معلولا القديمة من المسلحين المدعومين من الناتو ومشيخات الخليج والعثمانيين الأتراك في نيسان 2014. وقد عمل هايز على ترتيب زيارات لرجال دين سوريين إلى إيرلندا شرحوا خلالها الطبيعة الحقيقية للتمازج الديني والطائفي في سورية، وأسباب الحرب، وكيف حاولت الحكومات الغربية إثارة الانقسامات الطائفية بين المواطنين السوريين؛ كما نظم مساعدات إنسانية مباشرة من إيرلندا سورية وعمليات طبية مكّنت من إنقاذ حياة عدد لا يحصى من الأطفال، وبفعل جهوده، وصفته وسائل الإعلام البريطانية بأنه “مدافع عن الأسد”، و”متطرف خطير”، و”مدافع عن بوتين”، وهي صفات يعتبرها “ميداليات شرف” على صدره.

 

مقابلة

تجري الجمهورية العربية السورية انتخابات رئاسية في 26 أيار، وأعلن رسمياً عن مرشحين اثنين يتنافسان إلى جانب الرئيس المرشح بشار حافظ الأسد. من هما المنافسان وما هي خلافاتهما الرئيسية مع الرئيس الأسد؟

هايز: هناك عبد الله سلوم عبد الله نائب وزير مجلس الوزراء السابق، ومحمود أحمد مرعي ، اللذين يفتقران لدعم حزب البعث الحاكم المتجذر في المجتمع المدني السوري، والذي لم يكن لقوى الغرب مشكلة كبيرة معه قبل بداية الأزمة الجارية التي ستكون محور الانتخابات.. إن سياسات حزب البعث فيما يتعلق بالأزمة، إضافة إلى جائحة كوفيد -19، هي التي ستحدد نتيجة الانتخابات.

وفيما يتعلق بالتهمة الزائفة بأن سورية دولة الحزب الواحد، فهذا هو حال ولاية إلينوي الأمريكية أيضاً منذ أيام آل كابوني، لكن حلف الناتو العسكري لا يقصفها. سورية، في الواقع، دولة متعددة الأحزاب. تحالف الحزب السوري القومي الاجتماعي، الذي تعرض للقمع التام في الفترة 1955 – 1956، مع الفدائيين الفلسطينيين والحزب الشيوعي اللبناني؛ وقاتل أكثر من 12 ألفاً من نسور الزوبعة، الرديف العسكري للحزب القومي الاجتماعي، إلى جانب الجيش العربي السوري، ضد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” والعملاء “الجهاديين” الآخرين التابعين لحلف شمال الأطلسي. لذلك، للبعثيين حضور سياسي هائل. ومثل أحزاب المعارضة الشرعية الأخرى، وكونهم وطنيين، فإنهم يفضلون إنقاذ بلدهم بدلاً من بيعه جزئياً إلى منتفعين ومتاجرين تابعين لحلف شمال الأطلسي.

 

تستخف الحكومات ووسائل الإعلام الغربية بالانتخابات السورية باعتبارها غير “حرة أو نزيهة”.. كيف ينظر المواطنون السوريون إلى انتخابات بلادهم؟

هايز: لأن الحكومات ووسائل الإعلام الغربية اعتادت الاستخفاف بالانتخابات التي لا تروق لها، سواء كانت في روسيا أو فنزويلا أو بوليفيا أو إيران أو غزة أو لبنان أو سورية، فليس لديها مصداقية في مثل هذه الأمور. والشعب السوري يدرك النفاق الغربي جيداً.

 

يبدو أن الرئيس الأسد يحظى بدعم شعبي قوي.. هل يعود هذا الدعم إلى أن الشعب السوري ينظر إليه على أنه زعيم شجاع ومبدئي خلال السنوات العشر الأخيرة من الحرب؟

هايز: كنت مراقباً في انتخابات 2014 الرئاسية، وقد دهشت لرؤية الناخبين يصطفون منذ السادسة صباحاً في دمشق للتصويت. في وقت لاحق من ذلك اليوم، كنت في مدينة حمص القديمة، التي كان تم تحريرها للتو، حيث قام مراسل بي بي سي بول كونروي، والراحلة ماري كولفين، بتبييض جرائم الحرب التي ارتكبها الإرهابيون، والتي تضمنت طقوس إعدام الكاهن اليسوعي الهولندي فرانس فان دير لوغت، قبل أيام فقط من تحرير الجيش العربي السوري للمدينة. وعلى الرغم من أن المدينة لم تكن أكثر من كومة أنقاض، إلا أن أهالي حمص وقفوا خلف محرريها بقوة، الجيش العربي السوري، وبشار الأسد، المرشح الذي يمثل أفضل مثال على تحديهم، ورغبتهم في العيش بسلام وحرية. في العام 2014، فاز الأسد بأكثر من 88٪ من الأصوات الوطنية.

وعلى الرغم من أن السوريين عانوا بشكل لا يوصف نتيجة العقوبات غير المشروعة لحلف الناتو والحرب الظالمة التي يواصل الحلف شنها ضدهم، لا خيار أمامهم سوى دعم رئيسهم وجيشهم حتى يستعيدوا حريتهم من الناتو والأنظمة الدائرة في فلكه؛ فالمرشحون المفضلون لحلف الناتو ليسوا سوى شواخص، كما كان الحال في العراق، وكما الحال في بوليفيا وفنزويلا.. دمى ودجالين في أحسن الأحوال، ومجرمي حرب خطرين في أسوئها.

 

سؤال: تعرضت البلاد لعدوان خارجي بقيادة الولايات المتحدة وقوى غربية أخرى نشرت عملاء إرهابيين بهدف تغيير النظام. كيف يفسر معظم السوريين الكارثة التي عصفت ببلدهم خلال العقد الماضي؟ هل يشتركون في الرأي القائل بأن الكارثة تأججت بسبب عدوان مدعوم من الخارج؟

هايز: أثار البرلمانيان الإيرلنديان المستقلان ميك والاس وكلير دالي التفجيرات الانتحارية للأطفال في إدلب، والتفجير الانتحاري لرياض الأطفال في حمص، في البرلمان الإيرلندي – جرائم حرب حرض عليها وارتكبها حاملو جوازات سفر إيرلندية – ولكن الحكومة الإيرلندية ومراقبي الاتحاد الأوروبي رفضوا ذلك. تم الكشف عن أولئك التكفيريين الأجانب، البريطانيين والإيرلنديين والفرنسيين والأمريكيين، مراراً وتكراراً، وبدلاً من محاسبتهم، تمت الإشادة بهم في البرلمانات البريطانية والإيرلندية والفرنسية والأمريكية، والتي لا يهتم أعضاؤها بجرائم الحرب بل بتأمين حصتهم من الغنائم. لا يختلف اغتصاب المستعمر الغربي للحزام الخصيب (من لبنان إلى إيران) عن اغتصاب الاستعمار الغربي لأفريقيا في القرن التاسع عشر.

الشعب السوري يعرف كل هذا. لقد استمعوا إلى شهادات ستة ملايين نازح داخلياً وأقاربهم الذين خدموا في الجيش السوري. لقد تحدثوا إلى المشوهين وضحايا عمليات الاغتصاب الجماعية، الذين يعمل الغرب على إسكاتهم لأن الحقيقة لا تتناسب مع الرواية الغربية. وعلى الرغم من أنهم يعرفون أن الغرب مسؤول، إلا أنهم لا يستطيعون فعل أكثر من التصويت للأسد، وبالتالي، للمدافعين عنهم، رجال ونساء الجيش السوري.

 

سئل: ما مدى سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في سورية؟ هناك تقارير مقلقة عن نقص الغذاء والوقود والطاقة الكهربائية..

هايز: الأمور رهيبة. غالباً ما يصل إمداد الكهرباء إلى ساعة في اليوم. الغذاء شحيح، حيث يهاجم الإسرائيليون والأمريكيون سفن الشحن التجارية لتخفيف الحصار عن المدنيين في سورية. دولار أميركي يربحك حالياً 1300 ليرة سورية مقارنة بـ 350 ليرة قبل ثلاث سنوات فقط. سبب الانهيار المالي هو أن حملة الإرهاب الاقتصادي لحلف الناتو لم تدمر سورية فحسب، بل دمرت أيضاً البنوك في لبنان، حيث تم تخزين معظم الاحتياطيات السورية. لا يكاد السوريون يهدأ لهم بال في وقت يقوم الغرب ووكالات الإغاثة التابعة له بتجويعهم وسرقة مواردهم وحرمانهم من الأدوية ولقاحات كورونا.

 

سئل: هل يرى معظم المواطنين السوريين أن المصاعب الاقتصادية ناجمة عن العقوبات الغربية؟ هل جعل الحرمان العام السوريين أكثر تصدياً للتدخل الخارجي في بلادهم؟

هايز: ليس هناك شك في أن الناتو يتحمل المسؤولية الكاملة عن الدمار في سورية مثلما يتحملون المسؤولية عن الدمار في ليبيا والعراق. لدى السوريين خيار الوقوف خلف جيشهم أو رؤية بلدهم يسقط في نفس النوع من تجارة الرقيق التي ساعد حلف شمال الأطلسي في تركيبها في ليبيا. إنه، كما يقولون، لا يحتاج إلى تفكير.

 

سئل: كيف هو الوضع الأمني ​​في معظم أنحاء سورية الآن؟ وردت أنباء عن وقوع هجمات إرهابية متفرقة.. هل يشعر معظم السوريين أن الحرب قد انتهت؟

هايز: لقد انتصر الجيش السوري وحلفاؤه في الحرب لأسباب ليس أقلها أن الحرب كانت كذبة ملفقة منذ بدايتها. يمكن إثبات ذلك من خلال السلام السائد الآن في دمشق وحلب وحمص ومدن وبلدات وقرى أخرى في جميع أنحاء سورية. وستكون إدلب في الشمال الغربي أيضاً بسلام، باستثناء التدخل الخبيث للولايات المتحدة وتركيا. أما موجات الإرهاب، على غرار “داعش” في الصحراء السورية، فهي نتيجة مباشرة لتواطؤ الولايات المتحدة مع “داعش” لضمان بقاء سورية في حالة اختلال في التوازن.

 

سئل: الحكومات الغربية ووسائل الإعلام تصور الجيش العربي السوري كأداة قمعية في يد “نظام الأسد”.. كيف ينظر الشعب السوري إلى دور الجيش خلال السنوات العشر الماضية من الحرب؟

هايز: الجيش العربي السوري منقذ سورية. لقد كانوا منشغلين للغاية بقتال أكثر من 500 ألف إرهابي أجنبي أرسلهم الناتو إلى سورية لدرجة أنه لم يكن لديهم الوقت لقمع أي شخص في الوقت الحقيقي، أو حتى في الوقت الافتراضي. والفكرة سخيفة مثل الادعاء بأن الجيش البريطاني قمع لندن خلال الحرب العالمية الثانية.

 

سئل: كيف ينظر السوريون إلى دور روسيا وتدخلها العسكري لدعم الدولة السورية؟

هايز: كل السوريين يعرفون أن روسيا ساعدت سورية على الخلاص من المصير الأمريكي نفسه لليبيا والعراق. على الرغم من أن بعض السوريين قد يفضلون روسيا على إيران، أو العكس، فإن مثل هذه القضايا قد تكون مهمة إذا سُمح لسورية بالعيش بسلام، بعيداً عن هجمات الناتو المستمرة، والأمل أن إعادة انتخاب الأسد لا بد ستقرب ذلك اليوم.

 

سؤال: هناك تقارير موثوقة عن قيام القوات العسكرية الأمريكية بتشغيل قوافل شاحنات من النفط والقمح المسروقين إلى العراق من الجزء الشرقي من سورية الذي يحتله الأمريكيون.. ما هو الغرض من هذا التهريب؟ هل يعتبرها الشعب السوري سرقة امبريالية وقحة؟

هايز: هذا، كما اعترف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بصراحة فيما يتعلق بالنفط السوري، ليس فقط سرقة إجرامية إمبريالية وقحة، بل هو استمرار لكيفية نهب تركيا لجميع الأراضي السورية التي سيطر عليها وكلاؤها الإرهابيون. لم يسرق المسلحون المدعومون من تركيا مصانع كاملة في حلب فحسب، بل اقتلعوا وسرقوا سكك حديد القطارات، وكما رأيت في بلدة كسب، فقد سرقوا حتى لعب الأطفال ومقابض الأبواب النحاسية. اضطر الأرمن إلى بيع السيارات التي فروا بها لدفع ثمن أسرة النوم والكراسي التي يجلسون عليها. ويقوم الأمريكيون ببساطة بتبسيط وإضفاء الشرعية على مثل هذا النهب.

 

سؤال: ندد السفير البريطاني السابق لدى سورية بيتر فورد في مقابلة أجريت معه مؤخراً بالعقوبات الغربية ووصفها بأنها “حرب اقتصادية”، وقال إنها كانت قاسية مثل تلك التي فُرضت على العراق قبل أن تشن الولايات المتحدة وبريطانيا أخيراً الحرب عليه في عام 2003.. كيف هي الروح المعنوية بين الشعب السوري وهل هناك مخاوف من أن القوى الغربية قد تحاول شن حرب شاملة منذ أن فشلت حربها السرية بالوكالة عن الإرهاب في تغيير النظام؟

هايز: لأن الجيش السوري وحلفاءه الشجعان تمسكوا بالخط، فلن تكون هناك حرب شاملة. بدلاً من ذلك، سيكون هناك استمرار للعمليات منخفضة الكثافة، على غرار ما صاغه الجنرال “الأب الروحي” البريطاني سيئ السمعة، السير فرانك كيتسون، في عقيدة الحرب السرية. إلى جانب ذلك، سيزيد التحريض على الخوف من روسيا، والرهاب الطائفي، ورهاب الصين من أجل إضعاف عزيمة حلفاء سورية، ليس فقط على طول الحزام الخصيب (لبنان إلى إيران) ولكن في جنوب روسيا وغرب الصين أيضاً.