دراساتصحيفة البعث

قيادة الرئيس الأسد.. ضرورة وطنية وعروبية

د. معن منيف سليمان

أثبتت الوقائع التي تشهدها سورية اليوم أن قيادة الرئيس بشار الأسد ضرورة تاريخية في ظل التآمر والاستهداف الدولي، فلا غرابة في أن يتسابق المواطنون في الجمهورية العربية السورية لانتخابه لولاية دستورية جديدة طالما يمثّل تطلعاتهم نحو مستقبل زاهر تحفظ فيه كرامتهم، ويقودهم إلى برّ الأمان والاستقرار، ويحارب أعداءهم ويحبط مخططاتهم الهدامة. فقد شهدت سورية منذ أن تولّى الرئيس الأسد قيادة الدولة والمجتمع انطلاقة تحديثية واثقة في البناء والتنمية الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والثقافية، رافق ذلك التزام بالثوابت الوطنية والقومية رغم كل المتغيرات والتطورات الإقليمية والدولية والظروف التي تمرّ بها الأمة العربية، والتحديات الداخلية والخارجية.

على امتداد السنوات الماضية، تعزّزت مسيرة بناء الدولة الحديثة العصرية، وترسّخت من خلال تعزيز دور المؤسسات والمنظمات والنقابات، وكذلك تأكدت التعدّدية السياسية والاقتصادية، التي أطلقها سيادته منذ توليه مهامه، فتعمق دور الجبهة الوطنية التقدمية، وتمّ تطوير ميثاقها، وتوسّعت أطر تواصلها مع الناس، ولتعزيز دورها سياسياً وفكرياً وثقافياً الذي يسهم في ترسيخ وحدة الشعب، ويزيد من تلاحمه. يقول السيد الرئيس بشار الأسد: “قمنا بإنجاز عدد من الخطوات لتطوير البنية السياسية من خلال تطوير تجربتنا الديمقراطية باتجاه توسيع المشاركة السياسية، وإتاحة المجال لكل الطاقات الوطنية للإسهام في البناء الوطني، حيث تمّ تطوير ميثاق الجبهة الوطنية التقدمية وتفعيل عملها، وإفساح المجال واسعاً أمام الأحزاب الجبهوية لممارسة دورها في قيادة الدولة، فتمّ إصدار صحف خاصة بها، وفتح فروع لها في المحافظات، كما انضمت إلى الجبهة أحزاب جديدة أسهمت في إغناء تجربتها”.

ويعدّ صدور قانون للأحزاب في سورية من أهم الخطوات في إطار برنامج الإصلاح السياسي للسيد الرئيس، واستجابة للمطالب الشعبية، حيث يهدف هذا القانون إلى إغناء الحياة السياسية وتنشيطها والمشاركة في مسؤولياتها وتداول السلطة.

وحقّقت سورية نسبة نمو متطورة، ووصل معدل النمو الاقتصادي إلى أرقام جيدة وسط محيط زاخر بالاضطرابات، وارتفعت الموازنة العامة للدولة، ورافقها ازدياد في الرواتب والأجور وارتفاع في دخل المواطن وتحسّن في المستوى المعيشي للمواطنين، ورفعت وتيرة الخدمات المقدمة لهم، وجرت خلال هذه المدة تسوية الديون الخاصة الكبيرة، ما مكّن الاقتصاد السوري من السير إلى الأمام بخطوات واثقة، عبر ما تحقق في قطاعات الإنتاج والخدمات والزراعة والصناعة، وهذه الإنجازات الاقتصادية كانت نتيجة طبيعية للسياسة الاقتصادية الناجحة التي أدار دفتها السيد الرئيس بشار الأسد.

كانت الأعوام الماضية، وقبيل بدء الحرب الإرهابية على سورية، مليئة بالعمل والحيوية في كل المجالات، فتمّ السير خطوات مهمّة على درب الإصلاح الاقتصادي والإداري، ومحاربة الفساد والهدر والاتكالية والتسيب والفوضى، وتمّ إنجاز الكثير من المشاريع الاقتصادية الكبيرة، وتطوير الزراعة والاهتمام بالزراعات الإستراتيجية، والوصول إلى الاكتفاء الذاتي وتحقيق الأمن الغذائي بالاعتماد على الذات، والاهتمام بالصحة والتربية والتعليم وبناء الجامعات وإحداث كليات جديدة في جميع المحافظات، وتعزيز دور المرأة السورية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ومشاركتها الفاعلة في الحياة الوطنية، إضافة إلى عشرات المراسيم التي أصدرها السيد الرئيس خلال هذه المدة بهدف تطوير الأداء، ولعلّ أبرزها إلغاء قانون الطوارئ وإلغاء محكمة أمن الدولة العليا.. وغيرها.

كل ذلك جعل المشهد العام في سورية على ما هو عليه، نتيجة لحالة من التماهي والانسجام بين قائد حمل في عقله وقلبه هموم الشعب وتطلعاته، وشعب بادله المحبة والثقة، ليكون نتاج ذلك مشروعاً نهضوياً لا يقف عند حدود سورية.

لقد أثبتت تطورات الأوضاع السياسية التي عاشتها المنطقة العربية والعالم، على مدى الأعوام الماضية من ولاية السيد الرئيس، نجاح السياسة السورية وقدرتها على التعامل مع المتغيّرات، بفعل ما تتسم به من جمع مبدع بين المبدئية والمرونة، جسدته مواقف الرئيس الأسد وتعامله مع الأحداث بحكمة واقتدار، إذ امتلك زمام المبادرة والقدرة الإستراتيجية والرؤية النافذة المعتمدة على التمسّك بمصالح الأمة، والالتزام بحقوقها وثوابتها وعدم المساومة عليها. واستطاع الرئيس الأسد أن يعيد للأمة العربية توازنها ويمنع تفتيت أجزائها مجدداً بعد “سايكس بيكو” من خلال إسقاط خطر المشروع الاستعماري الذي تعرّضت له المنطقة العربية تحت عناوين: “الشرق الأوسط الكبير أو الجديد”، والتي تكالبت على تمريرها قوى التحالف الصهيوني- الأمريكي وبعض قوى الغرب التي لا تزال النزعة الاستعمارية تستوطن عقولها وأفكارها وأطماعها التوسعية، ولم تتردّد سورية ولو للحظة واحدة في مواجهة الاستهدافات الخارجية المباشرة وغير المباشرة، ووقف الشعب العربي في سورية خلف قيادته في كل المعارك الصعبة التي خاضتها سورية، وشكل القوة الدافعة لمواقفها، لتكون سورية، وبحق، القلعة الصامدة في وجه المخططات المعادية التي تحاك ضد أمتنا العربية، والحصن الذي تحطّمت على أبوابه كل محاولات إسقاط الأمة وإخضاعها للهيمنة الصهيونية.

ووقفت سورية بقيادة الرئيس الأسد مع نضال أهلنا في فلسطين المحتلة دعماً لنضالهم لإقامة دولتهم المستقلة، وحق عودة اللاجئين إلى وطنهم، كما وقفت إلى جانب المقاومة الوطنية اللبنانية التي سجلت نصراً حاسماً في حرب تموز عام 2006، وكذلك ساعدت الشعب العربي العراقي لتجاوز محنته، ووقفت إلى جانب السودان ضد الضغوطات الخارجية، ورفضت محاولات تقسيمه، ورفض العدوان على ليبيا والتدخل في شؤون أي بلد عربي ولا تزال تعمل بدأب من أجل تفعيل العمل العربي المشترك وتوحيد طاقات الأمة في مواجهة التحديات الخارجية على الرغم من المواقف العدائية من بعض الدول العربية.

ورفضت سورية كل محاولات المساومة على الأرض، مؤكدة على استعادة كامل الجولان المحتل دون تفريط  بشبر واحد،  فالأرض أساس الكرامة الوطنية والقومية، وكما قال الرئيس الأسد فإن: “الأرض هي موضوع كرامة وليست موضوع أمتار”، وكل هذه المواقف الكبيرة اعتمدت على وحدة وطنية مثلت الأساس والمرتكز لمواقف سورية على كل الصعد، هذه الوحدة الوطنية التي تجد في السيد الرئيس بشار الأسد التجسيد والمثل.

كما استطاع الرئيس الأسد أن يجسّد نبض الشارع العربي وتطلعاته من خلال اعتماده خيار الدفاع عن العزة والكرامة والسيادة وترسيخ النهج الممانع المقاوم للدفاع عن الحقوق، والوقوف بإرادة صلبة لا تلين في وجه كل محاولات فرض التبعية والإخضاع والإذلال، والتصدي ومقاومة العدوان والاحتلال والتدخل الخارجي بأشكاله المختلفة.

واستطاعت سورية إفشال محاولات عزلها، ونجحت الدبلوماسية السورية في تسجيل نجاحات كبيرة، أصبحت معها دمشق قبلة للقادمين من الشرق والغرب، وكانت زيارات الوفود الخليجية إلى عاصمة العروبة شاهداً على أن القائد الأسد استطاع أن يؤكد إرادة الشعب السوري ويفرض خياراته السياسية والاقتصادية على محيطه الإقليمي والدولي.

إن وقائع الأعوام الماضية كانت حافلة بتحديات كبيرة تؤكد نجاح الرئيس الأسد في قيادة شعبنا وأمتنا إلى برّ الأمان وسط الأمواج العاتية والعواصف الشديدة، فالأحداث التي شهدتها المنطقة أثبتت أن الرئيس الأسد يتمتّع ببعد النظر والرؤية الصائبة والصلابة في مواقفه الوطنية والقومية، ولذلك من الطبيعي أن يرى كل مواطن عربي في قيادته ضرورة تاريخية في ظل هذا الاستهداف التآمري الشرس الذي تتعرّض له الأمة العربية ومصالحها ووجودها، وما الاستعدادات للانتخابات الرئاسية التي تجري هذا الشهر في أغلب بلدان العالم وبحشود جماهيرية منقطعة النظير والتحضيرات التي جرت على مختلف مساحة القطر إلا دليل قاطع على وعي الشعب السوري ومحبته لقائده.