النقل البحري والجمارك تحلان ملف “لادويسيا”.. في الطريق إلى القضاء السفينة تعود إلى عملها
دمشق- محمد زكريا
على الرغم من كثرة المصاعب، استطاعت المؤسّسة العامة للنقل البحري، أن تنفذ خططها الإنتاجية خلال السنوات الماضية وبنسب وصلت إلى 100%، كما أن سفن المؤسسة أوجدت لنفسها العديد من الخطوط البحرية، وبالتأكيد لم يكن لهذا الأمر أن يحصل لولا الالتزام بالقوانين البحرية الدولية، ووفق متطلبات المنظمة البحرية الدولية imo .
ما يسجل للمؤسسة أنها لم تتلقَ خلال السنوات الماضية أية ملاحظة من هذه المنظمة، وهذا بالتأكيد يجعلها جزءاً مهماً من سوق العمل البحري العالمي، لكن بين الفينة والأخرى تقع هذه السفن ببعض الأخطاء والمخالفات والتي يمكن أن تؤثر على سمعة ومكانة المؤسسة على مستوى المنظمات البحرية الدولية.
وآخر المخالفات وقعت فيها السفينة لادويسيا التابعة للمؤسسة والمتمثلة في التزوير بوثائق الشحن لإحدى الإرساليات، حيث دخلت السفينة مرفأ طرطوس، وهو مرفأ التفريغ بتاريخ 26/ 5 من العام الحالي محمّلة بكمية 11 ألف طن من الفحم الحجري والقادمة من مرفأ كافكاز الروسي، وهو مرفأ الشحن، وبتاريخ 31 من الشهر ذاته تمّ السماح للسفينة بدخول أحد أرصفة المرفأ من أجل عمليات التفريغ، ولكن بعد التفريغ لكمية 5 أطنان طلبت جمارك المرفأ التوقف عن التفريغ، ومغادرة السفينة للرصيف والتوقف بالقرب من مكسر المرفأ بحجة وجود شكوك في وثائق الشحن المرفقة من بوليصة الشحن والمنفست وغيرها من المرفقات الأخرى، حيث استمر توقف السفينة حتى تاريخ 23 من الشهر الفائت، أي قرابة الشهر، وقد جرى خلال هذه الفترة حل مؤقت يقضي بتفريع البضاعة على ظهر السيارات وتسليمها إلى الجهة الموكلة وهي صاحبة البضاعة مع إحالة الملف إلى القضاء.
مدير الاستثمار في المؤسّسة مصباح إبراهيم اعترف بوجود فوارق بتواريخ تصريح السفر ووثيقة المنفست، محملاً مسؤولية ذلك إلى التاجر، وبيّن إبراهيم عبر اتصال هاتفي مع “البعث” أن المؤسسة توصلت خلال الأسبوع الفائت إلى حلّ مع الجمارك يقضي بتفريغ البضاعة على السيارات بشكل مباشر، وإحالة الملف إلى القضاء وبالتالي تعود السفينة لادويسيا إلى عملها. في حين علّق أحد المعنيين في قطاع النقل البحري أن الحل الذي توصل إليه الطرفان سيرتب على المؤسسة رسوم رسو السفينة لمدة شهر في المرفأ والتي تصل قيمتها إلى نحو 80 مليون ليرة، وبالتأكيد هذه الرسوم لم تكن المؤسسة بحاجة إلى دفعها لولا وجود أخطاء في وثائق الشحن.
وتكمن المفارقة في أن الوثيقة المعنية بتصريح السفر أو بمغادرة مرفأ الشحن مدونة بتاريخ 9/ 5 من العام الحالي، كما أن الوثيقة نفسها تشير في بند خاص بسجل حركة السفينة إلى آخر عشرة مرافئ أمتها السفينة، إلا أن السفينة غادرت مرفأ الشحن في التاريخ ذاته، في حين توجد وثيقة أخرى وهي المنفست يظهر فيها تاريخ المغادرة هو 21 من الشهر ذاته، طبعاً ورقة المنفست تعطى لحظة خروج ومغادرة السفينة لمرفأ الشحن، وهذا يعني بحسب التواريخ المدونة على هذه الوثائق أن تحميل البضائع تمّ بعد مغادرة السفينة للمرفأ.
مدير جمارك طرطوس، حافظ قاسم، في اتصال هاتفي، أكد لـ”البعث” وجود أخطاء في تواريخ الوثائق المقدمة من السفينة، مشيراً إلى أن مديرية الجمارك العامة سعت منذ اللحظات الأولى للحادثة إلى وضع حلول لها، حيث أثمرت هذه الجهود عن حل إسعافي نصّ في مضمونه على تفريغ السفينة من الحمولة وبالسرعة القصوى، وبالتالي تعود السفينة إلى عملها، إلى جانب إلزام الأطراف بدفع الرسوم المترتبة لقاء المخالفات التي وقعت بها السفينة، كما أنه سيترتب على المؤسسة العامة للنقل البحري تسديد رسوم إضافية لقاء رسو السفينة في مرفأ طرطوس قرابة الشهر، كما أوضح أن الملف سيأخذ طريقه إلى القضاء.
عضو غرفة الملاحة البحرية، شادي مارتيني، أشار إلى أن الهدف من التزوير الحاصل في تواريخ المغادرة، هو الاستيراد تهريباً وهذا يشكّل قضية جمركية، وتكون عقوبة المخالفة بشرط الشحن بدفع غرامة 1% من قيمة البضاعة، معتبراً أن التلاعب بتواريخ المغادرة هو لعبة قديمة مكشوفة لدى الجهات المعنية، وتقع المسؤولية على ربان السفينة بشكل رئيسي.
أما الجهة الموكلة، وهي صاحبة البضاعة، فقد رفعت مذكرة إلى الجهات المعنية حصلت “البعث” على نسخة منها، حمّلت فيها المسؤولية لكلّ من ربان السفينة والمؤسسة العامة للنقل البحري وذلك لإصدارهم وثائق مزورة، وكل ذلك من دون علم الجهة الموكلة باعتبارها وبموجب عقد المشاركة مسؤولة عن البضاعة في مرفأ التفريغ والجهة الشاحنة مسؤولة عن إيصال البضاعة إلى مرفأ التفريغ وتسليمها للجهة الموكلة دون أي مسؤولية، هذا الأمر ترتب عليه إلحاق الضرر الكبير بحقوق والتزامات الجهة الموكلة مستلم البضاعة من دون أي مبرر قانوني، حيث إن المؤسسة تتحمل مسؤولية تسليم الإرسالية للجهة المستلمة عبر مرفأ التفريغ وتكون مسؤولية ربان السفينة مقترضة باعتباره هو من أصدر وثائق الشحن المنفست والبوليصة في مرفأ الشحن وعلى مسؤوليته أي خطأ في حال وجوده.