دراساتصحيفة البعث

تسييس الفيروس

تقرير إخباري 

قبل أيام قليلة، طلب الممثّلون الدائمون لـ 48 دولة لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف من المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس الدعم للتوسع في دراسة ظاهرة فيروس كورونا، وعدم تسييس مثل هذا البحث، وشدد الدبلوماسيون على أن دراسة أصل الفيروس هي مسألة علمية، وأن تسييس الموضوع لن يؤدي إلا إلى إعاقة حل المشكلة.

وفي تشرين الثاني الماضي، حث غيبريسوس الناس على عدم تسييس البحث، وبناء آرائهم على العلم، وأضاف بأن بعض أعضاء المنظمة العالمية مازالوا يحاولون تسييس البحث، وهو يقصد بالطبع الولايات المتحدة.

لدراسة هذه القضية، تم تنظيم عملية تفتيش مختصة، فقد قامت الصين بتقييم عملها بشكل إيجابي في الفترة من 14 كانون الثاني إلى 10 شباط 2021، وأجرى فريق خبراء مشترك من علماء صينيين ودوليين من منظمة الصحة العالمية بحثاً مشتركاً لتحديد مصادر فيروس كورونا في مدينة ووهان الصينية، واستناداً إلى نتائج البحث، خلص الخبراء إلى أن انتشار الفيروس نتيجة تسرب من المختبر “خيار غير صحيح”، ولكن كل هذا بقي في المرحلة الأولى من الدراسة، وعلى ما يبدو أنها ظهرت تحت ضغط الولايات المتحدة التي لا تحترم العلم، ولذلك رفضت الصين اتباعها، وعارضت تسييس القضية، وأصرت على مرحلة ثانية من البحث بناء على نتائج الأولى.

ومع ذلك فإن تغيير رأي منظمة الصحة العالمية لم يكن مفاجئاً، فلماذا لا يمكن إجراء بحث عن أصل الفيروس في الولايات المتحدة؟ يجب على واشنطن التحلّي بالشفافية، والإفصاح قدر المستطاع عن جميع القضايا، والاستجابة لمخاوف العالم الخارجي إذا طلبت الشفافية نفسها من الصين.

وحسب عمدة بيلفيل نيوجيرسي، يشير الوضع العام لكوفيد-19 بشكل متزايد إلى أصول متعددة في مواقع مختلفة، وقال إنه أصيب بالفيروس في تشرين الثاني 2019، أي قبل أكثر من شهرين من أول حالة مؤكدة في الولايات المتحدة، وأيضاً قبل أول حالة تم الإبلاغ عنها في الصين، ووفقاً لموقع المعاهد الوطنية للصحة بالولايات المتحدة، وجدت دراسة أدلة على ظهور العدوى في خمس ولايات في وقت مبكر من كانون الأول 2019، حيث بدأ الوباء في ويسكونسن، ثم انتشر بعد ذلك إلى ولايات أخرى، كما يُظهر التصوير المقطعي لرئتي المرضى التأثير الزجاجي نفسه الذي لوحظ مع أعراض كوفيد-19، ويمكن الاستنتاج بأن الفيروس التاجي ظهر حتى قبل رؤيته في ووهان، وبناء على ذلك يصر الجانب الصيني على إجراء البحوث في دول أخرى، معتبراً إصرار منظمة الصحة العالمية تجاه الصين بمثابة تسييس للقضية العلمية.

للصين كل الحق في إغلاق مختبراتها أمام التفتيش الذي يستهدف- حسب المعطيات- تشويه سمعة الصين وسلطاتها وعلومها، كما أن للصين أيضاً كل الحق في المطالبة بمعاملة متساوية تجاه الدول الأخرى، لاسيما الولايات المتحدة، بغض النظر عن ثروة وتأثير الولايات المتحدة على منظمة الصحة العالمية، وأي طرف آخر.

ومهما كان الأمر، وإلى أن يتوقف تسييس موضوع الوباء، ويبدأ الجناة في البحث عن مكانهم الحقيقي، فإن البحث عن الخلاص من التهديد العالمي سيتباطأ، ولن تتمكن البشرية من العودة إلى الحياة الطبيعية لحياة بلا أقنعة، وموت لا معنى له.

ترجمة: عائدة أسعد