اقتصادصحيفة البعث

فيتنام .. نمر آسيوي يتحول من الفقر إلى النمو القوي

كان يضرب بها المثل في آسيا باعتبار أن فقرها لا يقل عن فقر الدول الإفريقية، باتت تحقق معدلات نمو تدفع ببعض الخبراء إلى التساؤل هل “تتحول فيتنام يوما ما إلى مصنع العالم “؟.

بغض النظر عن واقعية هذا التساؤل وإمكانية تحقيقه من عدمه، فإن معدلات النمو التي يحققها الاقتصاد الفيتنامي حتى في ظل التحديات الناجمة عن وباء كورونا تكشف عن أداء اقتصادي مميز.

فوباء كورونا لم يحول دون أن يحقق الاقتصاد الفيتنامي معدل نمو بلغ 5.64 % خلال الأشهر الستة من هذا العام. وهذا المعدل أعلى بكثير من 1.82 % المسجل في الفترة نفسها من العام الماضي، وعلى الرغم من ذلك، فإن ما تم تحقيقه لا يزال أقل من المعدل، الذي كانت الحكومة الفيتنامية تستهدفه 5.8 %، وخلال النصف الأول من هذا العام قدرت الاستثمارات الأجنبية بـ15.27 مليار دولار من ضمنها 9.24 مليار دولار استثمارات أجنبية مباشرة، في مقدمتها سنغافورة واليابان وكوريا الجنوبية. من الواضح أن انفتاح فيتنام على الاقتصاد العالمي يؤتي ثماره، حيث أفلحت بشكل ملموس في الاستفادة من موقعها الجغرافي المتاخم للصين، وكذلك من سعي الشركات الدولية في البحث عن بدائل منخفضة التكلفة في ظل ارتفاع أجور الأيدي العاملة في الصين.

كما بدأت السياسات، التي تبنتها في تسعينيات القرن الماضي من تبسيط القواعد التجارية، في تحقيق المرجو منها، إذ تمثل التجارة الآن نحو 150 % من الناتج المحلي الإجمالي، وتلك المعدلات أعلى من أي دولة أخرى عند مستوى الدخل ذاته.

كما اتخذت قرارات حررت بمقتضاها حركة المستثمر الأجنبي مثل عدم إجبار الأجانب على شراء المدخلات المحلية، بحيث تكالبت الشركات الدولية على فيتنام لتنتج تلك الشركات حالياً نحو ثلثي الصادرات، أضف إلى ذلك توقيع فيتنام أكثر من 12 اتفاقية تجارية مع عديد من الدول في الأعوام الأخيرة.

فالمرونة الاقتصادية المتحالفة مع الانفتاح الاقتصادي عادت بنتائج إيجابية للغاية على البلاد، والنتيجة أن فيتنام بات لديها اقتصاد متنوع قادر على تحمل الصدمات، وهذا ما ساعدها عندما تفشى وباء كورونا في البلاد”.

ومن المتوقع أن تواصل فيتنام اتباع سياستها النقدية، التي تعمل على خفض تكاليف الاقتراض للشركات، وتعزز النمو الاقتصادي مع إبقاء التضخم تحت السيطرة، وتهدف الحكومة بتلك السياسات إلى التأكد من ضمن بقاء فيتنام ضمن الاقتصادات الأسرع نمواً في العالم.
بدوره، الاستشاري في وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني كامبل لويس يرى أن الاقتصاد الفيتنامي سيلعب خلال العقد المقبل دوراً متزايداً في سلاسل التوريد العالمي. حيث تخطط الحكومة الفيتنامية لأن يكون لديها بحلول منتصف هذا العقد 1.5 مليون شركة خاصة مقابل 700 ألف حالياً، على أن يزيد عدد الشركات الخاصة إلى مليوني أي ما يراوح بين 60 و65 % من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030، وأن يرتفع متوسط دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من 2750 دولاراً العام الماضي إلى ما يراوح بين 4700 و5000 عام 2025.
يُشار إلى أن الاقتصاد الفيتنامي كان واحداً من الاقتصادات القليلة في العالم، التي لم تنكمش نتيجة جائحة كورونا، ومع إدراك وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني أن الاقتصاد الفيتنامي سيستفيد من التحويلات العالمية في الإنتاج والتجارة والاستهلاك بعد الوباء، فقد رفعت توقعاتها للاقتصاد الفيتنامي من سلبية إلى إيجابية.

تلك النجاحات دفعت الفيتناميين إلى بلورة استراتيجية طموحة للتحول الرقمي الواسع للبلاد، عبر خطة ترمي إلى بناء عشر شركات عملاقة تقدر قيمة كل منها بأكثر من مليار دولار أمريكي بحلول 2030، بهدف دمج ما لا يقل عن 10 في المائة من الاقتصاد الرقمي في جميع القطاعات الاقتصادية، وأن يكون لدى 80 % من الأسر إمكانية الوصول إلى الإنترنت.

وفي الحقيقة، فإن أغلب شركات التكنولوجيا العالمية مثل غوغل تتنبأ بأن الاقتصاد الرقمي الفيتنامي يمكن أن ينمو إلى 52 مليار دولار بحلول 2025، أي ما يعادل سدس إجمالي الاقتصاد الرقمي في منطقة جنوب شرق آسيا، التي ستبلغ 300 مليار دولار في منتصف العقد الراهن.
(وكالات)