مجلة البعث الأسبوعية

أولمبياد طوكيو يطيح بكل آمال التطبيع..

“البعث الأسبوعية” ــ مؤيد البش

أوصد أولمبياد طوكيو الذي تستضيفه اليابان هذه الأيام الباب بشكل محكم أمام كل دعوات التطبيع الرياضي التي جاءت كنتيجة لاتفاقات الذل والهوان التي وقعتها بعض الدول العربية مع الكيان الصهيوني تحت مسمى اتفاقيات سلام، فحملت المنافسات الأولمبية موقفاً حازماً ومشرفاً لبعض الرياضيين العرب الذي فضلوا أن يكسبوا الاحترام على أن يحققوا انتصارات تشوبها مصافحة عدو وتفوح منها رائحة الخيانة.

فاللاعبان الجزائري فتحي نورين والسوداني محمد عبد الرسول ضربا مثالا يحتذى للشباب العربي المتمسك بقضيته المركزية عندما قررا الانسحاب من العرس الأولمبي عندما علما أن الفائز من مواجهتهما في منافسات الجودو سيلاقي لاعبا صهيونياً في الدور الموالي.

 

ضربة موجعة

موقف نورين وعبد الرسول الشجاع في رفض التطبيع الرياضي، على رمزيته، أوجع الكيان الصهيوني الذي ركزت كبريات صحفه على أن ما جرى يتطلب إعادة الحسابات في ما يسمى اتفاقيات السلام والتطبيع التي وقعت مع بعض الدول العربية مؤخراً والتي لم تعط النتائج المنتظرة.

حيث استمر الرفض الشعبي العربي لكل ما هو صهيوني حتى في الشق الرياضي، كما أن الصحف الصهيونية صدمت بكيفية انسحاب اللاعبين وبشكل لا يقبل التأويل وخصوصاً اللاعب الجزائري الذي قالها صراحة: “لا أريد أن تتسخ يداي في مواجهة لاعب صهيوني”.

وأفردت صحيفة يديعوت أحرنوت مساحة أبرزت فيها حجم الألم الصهيوني من المقاطعة الرياضية مؤكدة أن كل علاقات التطبيع الباردة هذه سبق أن أثبتت في الماضي أنها لا يمكنها أن تغير الواقع، مع كل أنواع الاتفاقات والبنود الرئيسة والفرعية، والحبر الذي ينتهي في الطابعة من كثرة النسخ، أما على الأرض، على المنصة الأبرز التي يمكن أن تفحص فيها العلاقات الإنسانية، فيثبت الرياضيون العرب أن “إسرائيل” ليست موجودة.

 

خطط صهيونية

من الأكيد أن البعض قد يرى في تصرف اللاعبين، ومن قبلهم الكثير من الرياضيين العرب، أمرا فيه خلط بين السياسة والرياضة، وهو الأمر الذي ترفضه قوانين اللجنة الأولمبية الدولية، بل إن البعض يرى أن تخاض المباريات أمام اللاعبين الصهاينة بشكل طبيعي وتلقينهم درساً وهزمهم رياضياً.

لكن أصحاب هذه الدعوات ربما نسوا أو تناسوا أن الهدف الصهيوني منذ نشأة هذا الكيان هو انتزاع أي نوع من أنواع الشرعية في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية، كما أن أصحاب الفكر الصهيوني يدركون أن اقتحام عالم الرياضة وتطبيع اللقاءات سيجعلهم يصلون بسرعة أكبر إلى الشباب العربي تحت حجة التنافس الرياضي، خاصة في ضوء المتابعة والجماهيرية التي تحظى بها الرياضة من شريحة اليافعين وجيل الشباب.

 

استمرار المسيرة

وإذا أردنا أن نعود بالذاكرة لفترة قريبة نجد أن الرغبة العربية والمقاومة الرياضية أعطت نتائج مذهلة، فأدت في منتصف السبعينيات إلى طرد الكيان الصهيوني من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، عبر حراك منظم جعل الكيان يخرج ذليلا من عباءة الاتحاد الآسيوي الذي فضل أعضاؤه كسب الدول العربية على استمرار الكيان في عضويته.

سبق ذلك انسحاب الدول العربية من كؤوس آسيا في النسخ الأربعة الأولى بسبب المشاركة الصهيونية، كما أن نادي الهومنتمن اللبناني كان السباق في رفض التطبيع الرياضي عندما رفض خوض نصف نهائي بطولة آسيا لكرة القدم أمام فريق صهيوني، عام 1970، وكذلك فعل فريق الشرطة العراقي في نهائي ذات البطولة، عام 1971.

وبالتالي يمكن اعتبار الخطوة العربية حينها أولى ملامح تشكل حملة المقاطعة الرياضية العربية لأي شكل من أشكال التطبيع.

 

حوادث شهيرة

على صعيد انسحابات اللاعبين العرب من مواجهة منافسيهم الصهاينة، تبرز مجموعة من الحوادث الشهيرة التي تعود لنحو ثلاثة عقود ماضية، حيث قرر لاعب الجودو الجزائري مزيان دحماني المشاركة في أولمبياد برشلونة، عام 1992، حين أوقعته القرعة أمام لاعب صهيوني، كما تعرض حارس مرمى منتخب مصر نادر السيد لعقوبة من ناديه كلوب بروج البلجيكي، عام 1999، بعد أن رفض خوض مباراة أمام فريق صهيوني في مسابقة كأس الكؤوس الأوروبية، وفي بطولة العالم للهوكي التي أقيمت في أوروغواي، عام 2012، فضل المنتخب المصري عدم خوض مباراته أمام منتخب الصهاينة، وفي أولمبياد ري ودي جانيرو، عام 2016، لم يخض منتخب الجزائر لكرة الجرس منافسات الدورة بعدما أوقعته القرعة في مواجهة منتخب الصهاينة.

فضلاً عن عشرات الحالات التي قام بها رياضيون عرب رفضوا أن يكونوا أداة لتطبيع رخيص في سبيل منافسة ربما توصل لميدالية لكنها حتماً ستؤدي لخسارة في شرف فاعلها.