مجلة البعث الأسبوعية

معرض الكتاب السوري… شغف يجسد حب المعرفة

البعث الأسبوعية- علاء العطار

على الرغم من سطوة الكتاب الالكتروني في زمن التكنولوجيا المترامي الأبعاد، نطرح سؤالاً إشكالياً عن الإقبال على الكتب الورقية ومدى أهميتها في الاقتناء والعائد المعرفي..؟
أسئلة عديدة تبدأ من مفهوم (الهارموني) التناغم مع الواقع الورقي بكل أبعاده وتجلياته وصولاً إلى القيود المفروضة في عالم الماتركس (الواقع الافتراضي).

يجيب على هذين السؤالين الشغف الذي لاحظته “البعث” لدى مرتادي معرض الكتاب السوري في مكتبة الأسد الوطنية، شغف جسّد بحقّ شعار المعرض “كتابنا غدنا”، ولا يضاهيه ربما سوى حب المعرفة ونهل العلم.

كتاب الطفل

على الرغم من العناوين المتعددة بمختلف مسمّياتها وفروعها، كان لكتاب الطفل حضور بارز في المعرض، وانكب عليه مرتادو المعرض بلهفة ربما لم يعهدها في السنين السابقة، وهو ما لفت إليه أحمد القاري، مدير مبيعات دار المناهل التي تختص بجميع الوسائل التعليمية للأطفال، أي كل ما يتعلق بتنمية ذكاء الطفل وتوعيته من عمر سنتين إلى ثماني سنوات، معبراً عن سعادته بافتتاح المعرض بعد الكبوة التي مرت بها دور النشر بسبب جائحة كورونا، إلى جانب الوضع الاقتصادي الصعب الذي يرزخ بثقله على جيوب السوريين، وعدّ المعرض فرصة “ليرى الناس نتاجنا المعرفي، ويرووا عطشهم، الذي “قابلناه بأسعار مناسبة ومشجعة، ونتمنى أن يقام في القريب العاجل معرض دولي للكتاب”.

معارض في المحافظات

من جانبها، أعربت عفراء هدبا، مديرة دار دلمون الجديدة عن أملها بأن تفتتح معارض كتاب في المحافظات الأخرى، لما شهدته من إقبال ونهم شديدين على الكتاب في بعض المحافظات التي زارتها، وذلك إلى جانب تقليل التكلفة على محبي القراءة الذين يشق عليهم السفر إلى دمشق لأسباب اقتصادية ومصاعب في التنقل والمبيت.

ورأت هدبا أن هذا الحلم يصب في مصلحة القارئ والدار على حد سواء، إذ لدى الدار، بالرغم من حداثة عهدها، نحو مئة وثلاثين عنواناً، وتأسست على رؤية ثقافية هامش ربحها ضئيل جداً، بشكل يضمن لها الاستمرار، دون أن “نحيد عن هدفنا الأساسي في نشر الثقافة، ولكي ندعم بلدنا سورية في بناء العقول والوعي، حتى مع شح البيع وضعف القدرة الشرائية”.

تنوع الإصدارات

وأوضحت ابتسام حلال من دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر بأن منشورات الدار تتنوع  لتناسب كل ذائقة، لافتة إلى أمر تتفرد به عن غيرها، وهو أن ريعها يذهب لمدارس أبناء وبنات الشهداء في سورية، ورأت في معرض الكتاب فرصة لتسليط الضوء على الدار والترويج لمنتجاتها الفكرية.

إقبال على الشراء

أما هالة مصطفى، مترجمة في مديرية الآثار والمتاحف، فأقرت أنها لم تتوقع ما شهدته من اندفاع لشراء كتب المديرية، التي نشرت في المعرض آخر إصدارات مركز الباسل للبحث الأثري، ومنها الحوليات الأثرية العربية السورية، ومجلة الوقائع الأثرية السورية، ومجلة العلم والترميم، وخاصة إقبالهم على الحوليات، فهي تعنى بآخر المنشورات الهامة التي تتحدث عن آخر القطع الأثرية المكتشفة في سورية.

ضالة القارئ

وفي نظر فاديا عبد الخالق، مديرة قسم المبيع والتوزيعات في دار رسلان ودار علاء الدين، تكمن أهمية معرض الكتاب في أنه تجمّع لدور نشر سورية عريقة وكبيرة في مكان واحد، فيجد فيه القارئ ضالته، ويقلل كثيراً من الجهد المبذول في البحث في المكتبات، مؤكدة أن الدارين يقدمان في معرض الكتاب حسومات أعلى من المعروضة في المكتبات، دعماً للمعرض وتشجيعاً للقراء.

وأضافت: “لدينا مجموعة منتجات فكرية جديدة صدرت بين عامي 2020 – 2021، ونحاول البدء بوضع خطة طباعة لعام 2022، وستتضمن بعض الكتب التاريخية والعليمة التي نأمل أن تلقى استحسان جمهور القراء، وقد فاجأنا الإقبال الكبير من الزوار الذي جاء عكس توقعاتنا، وكان مرتادو المعرض يقبلون على شتى أنواع الكتب، وهذا يبين أن قارئنا السوري قارئ نوعي، لا يركز على موضوع واحد. والمبشر أن فئة الشباب كانت الأكبر بين المرتادين، وهذا أمر مشجع، خاصة في عصر الكتاب الإلكتروني”.

نشر الثقافة

ووجد أحمد إبراهيم، وهو باحث ومترجم في الشأن التركي، أن مشاركته مع دور نشر لا ترمي من عملها الربح بقدر ما تروم نشر الثقافة “بأني من القائمين عليها، أشاركها رؤيتها وغايتها”. وخص بالذكر دار دلمون التي نشرت له ديواناً شعرياً بعنوان “شمس حبيبي لا تغيب”، وكتاباً يتحدث عن التاريخ التركي بعنوان “من الإمبراطورية إلى الجمهورية”.

وأضاف: أعتبر أن إقامة معارض الكتاب في هذه المرحلة أمر شديد الأهمية، إذ أن السوري لم يبتعد عن الكتاب كما يشاع، فالقارئ لا يستطيع التخلي عن هذه العادة الجميلة، وعلينا أن نقبل أن هناك في المجتمعات كلها نسبة تقرأ ونسبة لا تقرأ، لئلا نشعر بالدونية، فهذا أمر جد طبيعي.

عروض تشجيعية

وأشار أحد طلاب الأدب الإنكليزي إلى وجود معوقات تقف في وجه شرائه الكتب، لكن معرض الكتاب يذلل العديد من هذه الصعاب، عبر جمع كل أنواع الكتب في مكان واحد، خاصة وأنه يترافق مع عروض تشجيعية من جانب دور النشر، إلى جانب الأسعار الأرخص نسبياً.

كما وجد طالبا طب في هذا المعرض سهولة في إيجاد ما يبحثان عنه من كتب تغني معرفتهما باختصاصهما، وتساعدهما في إيجاد طرق أنجع ليتقدما في سنين الدراسة بثقة أكبر. كما أنهما أعجبا بالعناوين المطروحة والمتنوعة التي تقدمها دور النشر ضمن المعرض.