صحيفة البعثمحليات

نصف قرن على أول عملية قلب مفتوح في سورية وصولاً لألفي عملية سنوياً

دمشق – لينا عدرة 

قبل خمسين عاماً كان على مرضى القلب في سورية اختيار أمرين لا ثالث لهما، إما السفر خارج البلاد لتلقي العلاج، أو الاكتفاء بالمعالجة الدوائية حتى يلقى المريض مصيره، ليشكّل الخيار الثاني النسبة الأكبر لعدم قدرتهم على تحمّل نفقات العلاج والسفر، وبقي الوضع على حاله حتى تاريخ 21 آب 1971 الذي شكّل علامة فارقة وبارقة أمل لمئات مرضى القلب بعد تأسيس مشفى جراحة القلب، وإجراء أول عملية لمريضة تعاني من فتحة بين الأذينتين، لتتوالى بعدها العمليات وتصل لست عمليات ناجحة في تلك الفترة.

الدكتور حسام خضر مدير مشفى جراحة القلب الجامعي في دمشق، وفي لقاء مع “البعث” بمناسبة مرور ذكرى خمسين عاماً على إجراء أول عملية قلب مفتوح في سورية، تحدث عن مراحل تأسيس المشفى، والتي كانت نتيجة جهود مضنية بذلها الدكتور سامي القباني منذ خمسين عاماً، أجرى تجارب في حينها على الكلاب الشاردة عبر عمليات تكلل معظمها بالنجاح، ليتم بعدها  التفكير جدياً بمشروع لجراحة القلب في المواساة، وتدريب بعض الممرضات المساعدات، لتكون الانطلاقة الحقيقية بعد إجراء أول عملية  قلب مفتوح في حينها، ليكمل بعدها عمله بإجراء العمليات متجاوزاً كل الصعوبات والعوائق التي واجهتهم، والتي وصلت لحد انقطاع التيار الكهربائي في إحدى العمليات، وتحفظ بعض الجرّاحين، وصولاً للعبء الكبير أثناء التجهيز للعمليات، والرفض الشعبي بسبب قلة الوعي الصحي من قبل المرضى أنفسهم في تلك الفترة، وصعوبة إقناعهم بإجراء هذا النوع من العمليات، لتبصر بعدها وحدة جراحة القلب النور بـ 11 سريراً بعد سلسلة من التجهيزات تمثّلت بإرسال الممرضات والفيزيائيين إلى الجامعة الأمريكية في بيروت للتدريب على جهاز القلب الصنعي، لتستقل الوحدة فيما بعد عن إدارتي الجامعة والمواساة، وتُتبع إدارياً لوزارة التعليم العالي، استعداداً لإنهاء كل التجهيزات للانتقال للخطوة الأولى لتأسيس الهيئة العامة لمشفى جراحة القلب الجامعي في دمشق بغرفة عمليات واحدة، لتتطور تدريجياً، وصولاً لثلاث غرف، وليدخل بعدها عدد من الأطباء باختصاص الجراحة القلبية بعد إرسالهم في بعثات، واحتكاكهم وتواصلهم مع أطباء من مختلف دول العالم، واطلاعهم على آخر ما توصلت إليه الأبحاث في هذا الاختصاص، مع الاهتمام بشكل متواز بتزويد المشفى بكل التجهيزات اللازمة من أسرّة عناية، وأجهزة متطورة.

ألفا عملية يجريها المشفى سنوياً، وتشمل عمليات معقدة ونوعية لمرضى من مختلف الأعمار، خاصة لأطفال في أعمار صغيرة جداً، إضافة إلى 5000 قثطرة، وعمليات مجانية معظمها لا تُجرى إلا في مشفى جراحة القلب، هذا فيما يخص الشق الخدمي، أما تعليمياً، وحسب ما ذكر  خضر، يعتبر المشفى بمثابة المكان الأم لتدريب الكوادر الطبية التي يتم رفد المشافي والمراكز وشعب جراحة القلب بها، فضلاً عن تأهيله لطلاب الدراسات العليا وأطباء الجراحة على التوازي، مؤكداً أنه على الرغم من كل الظروف الصعبة والعقوبات والحصار والنقص الحاصل في بعض الأدوية، إلا أنهم مستمرون في تقديم كل ما يلزم للمرضى لوجود كادر يضم نخبة من أمهر الجرّاحين وأطباء القلب.

أما عن الأقسام فبيّن خضر أن المشفى اليوم يمتلك أهم الأجهزة الضرورية، إضافة إلى 3 غرف عمليات، و16 سرير عناية، وقسم للأشعة، وآخر للطبقي المحوري، وجهازي قثطرة قلبية وايكو، ليستمد خصوصيته من أهمية العمليات النوعية التي يقوم الكادر الطبي بإنجازها كتوسيع صمامات الرئوي والتاجي، والعمليات الرائدة للجراحة التنظيرية واستئصال الوريد بالتنظير، وتحقيق إنجازات غاية في الأهمية في مجال البحث العلمي التي وصلت نسبة الأبحاث المنجزة بها لـ 40 بالمئة من مجمل الأبحاث التي تخرج من جامعة دمشق، لتحظى الهيئة عن جدارة بجائزة أفضل مشفى في سورية بالبحث العلمي، إضافة إلى جائزة تطوير الأدوات الجراحية من قبل الكلية الملكية البريطانية التي تُمنح على مستوى العالم، لافتاً- والكلام مازال لخضر-  إلى اغتنام فرصة تحويل المشفى لمركز عزل لاستقبال حالات كورونا في الفترة السابقة للقيام بعملية صيانة.