ثقافةصحيفة البعث

دعاء الزهيري تسعى لإضافات مشرقة في مخيلة الأطفال

قدر الربيع أن تتفتّح فيه أزاهير وأقاح من كل حدب وصوب، ولها عنايتها الخاصة في رعاية هذه المواهب البكر، وأن يجتمع حب الطبيعة دراسة ولهفة في خلد فنانة تمتهن الهندسة الزراعية وتعشق فن الرسم للأطفال فهذه موهبة ومنحة عالية، ودعاء الزهيري جمعت بشغف بين دراستها للطبيعة ونباتاتها وفراشاتها وأزاهيرها، وبين تحويلها في المساء إلى لوحات طفولية تنبض باللون والبراءة، فلا ريب أن تكون كل لوحة من لوحاتها حقلاً من الألوان المتنوعة، تقوم بتنسيقها ببراعة كحديقة لتستقطب كل ما هو جميل.

نقطة البداية

طوّرت الفنانة دعاء الزهيري هوايتها حتى تحوّلت إلى عمل وتدريب وقواعد، وعنها قالت: بدأت الرسم منذ الطفولة بسن مبكرة، لربما يعود السبب في ذلك لانتباه والديّ لاهتمامي بالرسم، وعملهما على توفير مايلزم لتنمية هذا الاهتمام وتطوره إلى موهبة، سواء بالأدوات من أقلام وألوان وريش أو التوجيه والتشجيع، وتوفير الكتب والمجلات والدوريات المخصّصة للأطفال، مما ساهم في إثراء الهوية البصرية لديّ وشجعني على الاستمرار بالرسم، وازداد اهتمامي بالرسم في مراحل حياتي الدراسية فيما بعد، وكانت الواجبات المدرسية التي تتطلب رسوماً لإنجازها تأخذ حيزاً كبيراً من اهتمامي ووقتي، واستمر هذا الشغف لديّ في مرحلة الدراسة الجامعية، وكنت أسعى دائماً لتطوير هذه الموهبة، فإلى جانب دراستي للهندسة الزراعية، التحقت بمعهد أدهم إسماعيل للفنون التشكيلية، وكان الخطوة الأولى في تطوير هذه الموهبة وصقلها ضمن دراسة أكاديمية، وانضممت خلال هذه الفترة الدراسية لورشة عمل “كيف ترسم كتاباً للأطفال” مع الفنانة لجينة الأصيل، وهذه كانت نقطة البداية بدخولي لعالم الرسوم الموجهة للأطفال.

طريق الإبداع

وعن الأشخاص والفنانين الذين أثّروا في تجربة دعاء وأخذوا بيدها في هذا المجال ووصفتهم بأنهم أصحاب الفضل تحدثت: لطالما اعتقدت أن ما يُغرس  في الطفولة لا يزول، فما قرأته من كتب وقصص في مرحلة الطفولة له أثر كبير في تكوين شخصيتي الفنية، ولا أخفي أن مجلة “أسامة” كانت جزءاً أساسياً من طفولتي، التي رسمت مخيلتنا بريشة فنانيها ووسعت آفاقنا بإبداع شعرائها وأدبائها، وكذلك مجلة “شامة” التي لعبت دوراً كبيراً في عملي بمجال رسوم الأطفال، وقدّمت لي كما لكثيرين من الرسامين الفرصة لنساهم برسومنا في صفحاتها.

ولطالما آمنت أن الموهبة وحدها لاتكفي على طريق النجاح، فكان للممارسة الطوويلة والتدريب والاطلاع الدور الأساسي في تنمية شغفي وموهبتي، كما للتوجيه والتعليم دور كبير في صقلها، وهذا مالم تتوانَ الفنانة لجينة الأصيل عن تقديمه، فمنذ أول لقاء معها في ورشة عمل “كيف ترسم كتاباً للأطفال” وعلى مدار السنوات اللاحقة، لم تبخل بالنصح والتوجيه، وتركت شخصيتها اللطيفة وأسلوبها الفني الأثر الكبير في نفسي وفي تحسين وتنمية أسلوبي الفني.

عالم الرسوم

وبالتأكيد لا بد للوحات قصص الأطفال الحالية في سورية أن تكون كغيرها متأثرة بالواقع، وعن هذا الحال قالت الزهيري: يتميّز عالم رسوم الأطفال في سورية بغزارة المواهب وتميّزها وتفردها، كما اغتنى دائماً بأسماء فنانين وقامات فنية كبيرة ذات أثر وشهرة عالمية وعربية، ويتميّز أيضاً باهتمام وزارة الثقافة بهذا النوع من الفنون ووجود العديد من المجلات والدوريات المختصة بالرسوم الموجهة للطفل، إلا أنه على الجانب الأقل إشراقاً يعاني واقع لوحات قصص الأطفال من قلة التقدير على المستوى المحلي، وإذا صح التعبير تقليل للجهد المبذول لإتمام لوحة موجهة للطفل، مما عكس أثره على واقع الأجور المادية للفنانين، إضافة لقلة المعارض الدورية المتخصّصة بفن اللوحة الموجّهة للطفل والتي تخلق فرصاً لتقريب هذا الفن للجميع، وخلق منافسة بين الفنانين.

حلم

وعن أحلام دعاء الزهيري وآمالها التي تطمح لتحقيقها والوصول إليها في مسيرتها الفنية أجابت: العمل في مجال الرسوم الموجّهة للطفل هو حالة تخيّل وحلم دائمين، تحدٍ مستمر للمخيلة، لتطوير الأسلوب والتقنيات لتنفيذ لوحات تثير الاهتمام والدهشة لدى الأطفال، ويبقى الهاجس الدائم هو الاستمرار بخلق لوحات بعيدة عن التكرار والتقليد، رسوم تترك أثراً لطيفاً عند الأطفال وتثري مخيلتهم، وتدخل البهجة إلى عالمهم.

إضافة مشرقة

وفي ختام حديثها قالت الفنانة دعاء الزهيري: نأمل أن تكون رسومنا البسيطة إضافات مشرقة في مخيلة الأطفال، ولنعمل دائماً على أن يعيش الأطفال في بلدنا بواقع جميل، يحظون فيه بالفرصة لاكتشاف اهتماماتهم وتنمية مواهبهم.

جُمان بركات