تحقيقاتصحيفة البعث

تسوس الرز المدعوم يكشف سوء التنسيق قبل التخزين… تصريحات متضاربة ودراسة تبريرية غريبة

دمشق – فاتن شنان

ما زالت قضية طرح الشركة السورية للتجارة لمادة الرز المصاب بحشرة السوس تتفاعل يومياً مع ازدياد الكميات المصابة في الصالات، واعتراض المواطنين على استلامها، إذ بين بعض المواطنون أن مديري الصالات حاولوا إقناعهم باستلام مخصصاتهم رغم إصابتها وظهور حشرة السوس بشكل واضح في الأكياس، باعتبارها حشرة غير ضارة على حد قولهم ويمكن التخلص منها بطرق تقليدية غير مكلفة كتعريضها لأشعة الشمس ومن ثم استهلاكها دون أن تسبب أية عوارض صحية، إلا أن  ظهور أكياس الرز المصاب بالتسوس للإعلام أحرج القائمين على المؤسسة والجهات المعنية، ما أدى إلى ظهور سيل من التبريرات التي تدحض أي تقصير لعمل المؤسسة، فجاء على لسان مدير الشركة أحمد نجم نفي قاطع أن يكون الرز مخزنا لفترات طويلة أو مصابا بالحشرات من بلد المنشأ، مؤكداً استلامه منذ ثلاثة أشهر عن طريق وزارة الاقتصاد التجارة الخارجية، وإخضاعه لكامل التحاليل والفحوصات اللازم، في حين اعترف وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك أن تأخر عقود مادة السكر أدى لتخزين الرز بكميات كبيرة خلال الأشهر الماضية، الأمر الذي أدى لإصابتها بالتسوس، ليعاود نجم الاعتراف بوجود المشكلة وطرح إمكانية استبدال كامل الكمية المستلمة المصابة بالتسوّس من الصالة نفسها، بعد تأكيده على حقيقة تعرض كافة أنواع الحبوب في فترة الصيف لتشكل حشرات داخلها، وتفقس البيوض بفعل الحرارة العالية.

تضارب

يبدو أننا قد تعودنا على تضارب تصريحات المسؤولين في حال ظهور إشكاليات في العمل، ولا يتم الاعتراف إلا لمن امتلك الشجاعة والمواجهة كما فعل الوزير، إلا أن  اللافت في الأمر أن بعض المعنيين ما يزالون يموهون الحقائق ويخلقون مبررات عدة غير منطقية، وينسحب هذا الكلام على ما أكده مدير المنافذ المهندس مبارك اللوعة باستناده لدراسة مصرية لتبرير تسوس كميات كبيرة من الرز المدعوم والتي تضمنت حقيقة تواجد بيوض الحشرات داخل الحبوب منذ تواجدها بالتربة، ولكن بارتفاع درجات الحرارة في شهري تموز وآب تبدأ الحشرات بالظهور، وبالتالي وبحسب الدراسة فإن كافة أنواع الحبوب مصابة حكماً، والظروف الخارجية والحرارة تساهم في ظهور الحشرات فيها.

وخلال محاولاتنا للبحث عن الدراسة بشكل علمي لم نحصل على نتائج مثبتة ولا يوجد مراكز علمية تتبناها بشكل رسمي، لتكون الدراسة محاولة لدحض أية شبهة أو تقصير في عمل المؤسسة سواء لجهة سوء التخزين أو نقص ما بإجراء الفحوصات والتحاليل اللازمة قبل استيراد المادة، على خلاف ما أكده الوزير.

لا يعلم 

وخلال التقصي عن أس المعلومة نفى الخبير الزراعي الدكتور بسام السيد علمه بوجود تلك الدراسة أو ما يماثلها بالمضمون، مبيناً أن المواد المخزنة فقط هي التي تتكاثر فيها حشرات عدة مسببة تلف الحبوب ومنتجاتها وكافة المواد الغذائية المخزنة، وأوضح أن الحشرات ومنها السوس تحدث ضرراً كبيراً في بنية الحبوب، ما يؤدي إلى تكسيرها وطحنها وإحداث ثقوب فيها، كما تلوثها وتتلفها بإفرازاتها المختلفة إذ تهاجم الحشرات أجنة الحبوب، مما يفقدها القدرة على الإنبات ويجعلها غير صالحة للزراعة، وإن لم تهاجم الجنين، فتتغذى فقط على السويداء، فبالتالي تقلل من قابلية الحبوب الإنباتية وتكون البادرات الناتجة ضعيفة، وهذا يدحض ما أكدته الدراسة بأن الحبوب تصاب وهي في التربة، ليكون السؤال هل الهدف هو إيجاد مبررات لظاهرة ما أم العمل على نزع أسبابها ومعالجتها وهل فقدت المصداقية والجرأة للاعتراف بواقع الحال ومعالجته بالطرق المتوفرة، إذ أن وزير التجارة الداخلية بين أنه أمر بتعقيم المادة.

أذية مؤكدة..

وبما يخص الأذية الصحية بين السيد أن الحشرات تنشر جراثيم الفطريات التي تحملها مع أجسامها، وإذا ما توفرت الرطوبة المناسبة لها، تنمو وتتكاثر مسببة تلف المواد المخزونة، وهذا يعني أن الرز المدعوم تالف وسيتابع تلفه في منازل المواطنين، وله تأثير في نوعية المواد المخزنة، إذ تحدث فيها تغيرات كيميائية، فتغير من قيمتها الغذائية ونكهتها، وقد تحمل عوارض هضمية من مخلفات الحشرات أو تحسسية في الجهاز التنفسي وهو ما يدخص عدم وجود أذيات صحية من الحبوب التالفة.