دراساتصحيفة البعث

انكشاف مشاريع أحزاب “الإخوان المسلمين”

ريا خوري

شاءت الظروف في المملكة المغربية أن تتولى جماعة “الإخوان المسلمين” الحكومة لمدة عشر سنوات، إلا أنها لم تحقق إنجازات للمواطن المغربي الذي خدعته الشعارات البراقة والمزيفة. لقد اكتشف الشعب المغربي كذب الجماعة فحاسبها شر حساب بأن أرجعها إلى الحضيض والدرك الأسفل في قائمة الانتخابات الأخيرة.

لقد ترك “إخوان” المغرب خلفهم أزمات اقتصادية واجتماعية حادة قد يعجز عزيز أخنوش من “حزب تجمع الأحرار الوطني” الفائز بالانتخابات عن حلها خلال فترة وجيزة، لكن الأمل معقود على هذا الحزب الذي أثبت جدارة في إدارة بعض الوزارات التي تولاها في الحكومة السابقة. كما أنه حزب يملك خبرة كبيرة وواسعة، حيث دخل  الانتخابات رافعاً شعارً خاصاً هو “تستاهل ما أحسن” في إشارة إلى أداء حزب “العدالة والتنمية” الإخواني.

وقبل المغرب، تمكن “الإخوان المسلمون” في تونس من السيطرة على مقاليد الحكم  والسلطة مباشرة، أو بشراكة أحزاب وقوى سياسية موالية، ولم ينفّذوا أية برامج تنموية أو أي عملية تطوير أو تحديث ، بل انهمكوا في خدمة أنصارهم  وكوادرهم ومريديهم وتوظيفهم في مؤسسات الدولة ودوائرها،  وتسللوا إلى مفاصل الحكم  والسلطة والأمن والقضاء وبعض مفاصل العمل المجتمعي، ومارسوا العنف ضد من عارضهم  بشراسة منذ البدء بالاغتيال والتهديد للشخصيات الوطنية، حتى جاء تحرك الرئيس التونسي، قيس سعيّد، مدفوعاً برغبة شعبية عارمة للتغيير ومحاسبة سارقي وناهبي أموال الشعب بعد أن وصل الاقتصاد التونسي إلى مستويات متدنية لأول مرة في تاريخه.

وعلى مدى السنوات الماضية، أثبتت تجارب “الإخوان المسلمين” فشلها، حيث سبق للملكة الأردنية الهاشمية في عهد الملك حسين أن أشركهم في إحدى الحكومات بعد أن دخلوا البرلمان، لكن وزراءهم وكوادرهم فشلوا في تحقيق أي إنجاز لصالح المواطن الأردني أو الدولة الأردنية.

وما جرى في مصر كان واضحاً، حيث لم تغب تحركات الإخوان عن الأعين، فقد انقضوا على السلطة، وتمكنوا من الوصول إلى الحكم بدعم خارجي أمريكي وغربي، وانشغلوا بشكلٍ لافت بسياسة التمكين للتغلغل في الدولة  وأجهزتها وهيئاتها وإداراتها  والسيطرة عليها، ما أدى إلى تصاعد التذمر الشعبي من سياساتهم ورفض توجهاتهم  وسلوكهم  الإقصائي والتهميشي، فتحرك الجيش المصري لمواكبة التحرك الشعبي العارم، وفي النهاية سقطوا سقوطاً مدوياً بعد أن حاولوا تسريب الآلاف من أنصارهم  وكوادرهم إلى مواقع مفصلية في الحكم والإدارة .

إنَّ آفة الأحزاب الدينية وتحديداً أحزاب ” الإسلام السياسي”  والمتمثل معظمها بـ ” الإخوان المسلمين” أنها تظن أن حكمها عادل طالما رفعت شعارات دينية، لكن الواقع غير ذلك فهي تركز على مصالحها الفئوية، وتخدم أنصارها ومريديها فقط، وإن شاركت غيرها في الحكم ابتعدت عن الشراكة على أرض الواقع، لأنها تغرف مبادئها من فقهائها بعيداً عن روح العمل السياسي.