مجلة البعث الأسبوعية

من المهم التواصل المبكر.. كيف نجيب على أسئلة أطفالنا حول التحرش؟

قد تكون شاهدتَ أو قرأتَ القصصَ المؤلمة التي نُشرت على شبكات التواصل الاجتماعي حول التواصل الاجتماعي؛ وحتى لو كان الأبناء أصغر من أن يتابعوا إنستغرام، فمن المحتمل أنهم قد شاهدوا أو قرأوا تعليقات غير لائقة، أو لربما سمعوها موجهةً لهم. ورغم أن القصص التي نسمعها مقلقة، فإنَّ الجانب الإيجابي هو أن الجميع يتحدثون عنها الآن، وهي توفر للآباء فرصةً لا تُقدر بثمن لمناقشة القضية مع أطفالهم لتوعيتهم؛ ويرغب العديد من الآباء في التحدث إلى أبنائهم، لكنَّهم قلقون من أن يقومو بذلك بأسلوب خطأ، أو أنهم لا يعرفون بالضبط ماذا سيقولون، لذلك ينتهي بهم الأمر بعدم قول أي شيء.

وفي حين أننا قد لا نكون قادرين دائماً على حماية أطفالنا تماماً من قضايا التحرش والاعتداء، فإننا يمكننا مساعدتهم على تطوير أدوات للتعامل مع التحرش أو الإساءة التي قد يواجهونها في المدرسة أو الطريق أو حتى في المنزل.

– عليك قبل كل شيء أن تتواصل مبكراً مع أبنائك، وتذكَّر أنه لم يفُت الأوان أبداً لبدء الحديث! الحديث عن الجسد والعلاقات والاعتداءات يسمح للآباء بالتعبير عن قيمهم وتقديم المعلومات للأطفال.

كما أنه يضع الأساس للمهارات اللازمة للتعامل في جميع الظروف الشائعة للتحرش والاعتداء.

– عليك إظهار أنك منفتح على أسئلتهم، وراغب في إجراء محادثات حول هذه الموضوعات الصعبة سيجعلهم يشعرون براحة أكبر في التحدث معك إذا رأوا أو تعرضوا للإساءة الآن أو في المستقبل.

 

إذا كان لدى الأبناء الكثير من الأسئلة

إذا سَمِعَ أبناؤك خبراً ما، أو وجَّهوا لك سؤالاً عن حادثةٍ ما، اسألهم عن مدى معرفتهم بالأخبار، وما هي الأسئلة التي لديهم عنها، وأجبهم بصدق.

يمكنك أيضاً توسيع نطاق المحادثة لإعطائهم استراتيجيات لما يجب أن يفعلوه إذا قام شخص ما بمضايقتهم أو مضايقة صديق لهم. إذا كان هناك شخص ما يزعجهم بقولٍ أو فعل في المدرسة أو في الأماكن العامة، فيمكنهم أن يقولوا “ابتعد أو توقف عن هذا، لا أريد ذلك”، ثم عليهم أن يغادروا فوراً.

وإذا كانوا يتعرَّضون للمضايقة من شخصٍ أكبر سناً أو في مجموعة، فيجب عليهم الوصول إلى مكانٍ آمن والتحدث مع شخصٍ ما ليساعدهم.

علِّمهم دائماً أن يثقوا في حدسهم، وأن يغادروا عندما يشعرون أن هناك شيئاً ما يضايقهم.

 

حين يريد الأطفال معرفة المزيد

قد يكون من الجيد إعطاء بعض التفاصيل في مثل هذه الحالة، فإذا جاء الأطفال ليعرفوا أكثر حول حملة “Me Too” فيمكنك أن تقول مثلاً إن رجلاً قوياً في صناعة الأفلام قد تم طرده من عمله لأنه عامل النساء بشكل سيئ للغاية، ولمسهنّ بطريقةٍ مزعجة، وقال لهن أشياء فظة، وكل ذلك يعتبر سلوكاً غير مقبول في أي حالة، والآن تدعم النساء في جميع أنحاء العالم بعضهن البعض من خلال مشاركة قصصهن.

– استخدم اللغة المناسبة من أجل طرح مفهوم التحرش دون إخافة طفلك، حيث يمكنك أن تقول مثلاً أن “معظم الرجال والأولاد لطيفون حقاً ورائعون لتكوين صداقات معهم، ولكن هناك القليل ممن يقومون بالتحدث بطريقة غير لائقة ومزعجة، وفي بعض الأحيان قد يلمسون الآخرين بدون إذن، إذا رأيت هذا في أي وقت، أو إذا حدث لك هذا، أريدك أن تعرف أنه يجب أن تأتي للتحدث معي بشأنه”.

– استغل الدروس الواقعية، فعندما ترى شخصاً لا يحترم امرأة أو يقوم بمضايقة شخص آخر، سواء في الأفلام أو على التلفزيون أو في الحياة الواقعية، استخدمه كنقطة انطلاق لمحادثة مع أبنائك وبناتك. واشرح لهم أن هذه ليست الطريقة التي نتعامل بها مع النساء أو مع الأشخاص الآخرين.

 

إذا كان طفلك صغيراً جداً

– تحدَّث مع طفلك بشكل عام عن الحدود، بالنسبة إلى الفتيات الصغيرات ليست هناك حاجة لطرح أخبار لا تستطيع فهمها، لكن يجب أن تبدأ في الحديث عن اللمس الجيد واللمس السيئ بمجرد أن يفهموه. حتى في سن الخامسة أو السادسة ربما يكون طفلك قد سمع شخصاً ما، ويمكنك أن تخبر طفلك أنه ليس من المقبول أبداً أن يتحدث شخص ما عن جسدك أو يلمسك بدون إذنك.

– كن أنموذجاً للسلوك الجيد في المنزل، إذ يلتقط الأطفال من مشاهدة سلوكنا أكثر من الاستماع لما نقول لهم. لذلك، في أي وقت يسمع فيه أطفالك أنك تشير إلى شخص ما على أنه “مثير”، أو يسمعون تعليق أحد أفراد الأسرة على جسد المرأة، فإنهم سيعتقدون أن هذا سلوك مقبول: لم يولد أي شخص متحرشاً، إنه مجرد أنموذج لسلوك رأوه لأشخاص آخرين يفعلونه.

 

تنمية مهارات الوعي  

يمكنك بناء التعاطف والوعي الاجتماعي من خلال تشجيع طفلك على التفكير والاهتمام بكيفية تأثير أفعالهم على شعور الآخرين. شارك مع طفلك قيمك وتوقعك أنه يحترم حدود الآخرين، ويتوقف عن أي سلوك يجعل شخصاً آخر غير مرتاح، فهذا يساعد طفلك على تطوير الوعي الذاتي والاعتراف بمشاعره الخاصة، ما يزيد من قدرته على تقييم الموقف وتحديد الإجراءات التي يمكنه اتخاذها بأمان.

 

بعض الاستجابات الأنموذجية

إذن كيف تبني هذه المهارات مع أطفالك عندما تكون لديك 15 دقيقة فقط في طريقك إلى المدرسة، أو 5 دقائق على طاولة العشاء، قبل أن يبدأ طفلك واجباته المدرسية.

بإمكانك أن تقول لطفلك عند رؤية أو سماع موقف عن التحرش والمضايقة: “في عائلتنا نعتقد أنه ليس من المقبول أبداً لمس جسد شخص ما، لا أريد أبداً أن يلمسك شخص ما بطريقة تجعلك غير مرتاح، وأتوقع ألا تلمس شخصاً ما بطريقة تجعله غير مرتاح”.

يمكنك مثلاً أن تتحدث مع أبنائك وتثبّت في عقولهم قيماً مثل: “كيف كان يمكن أن يشعر ذلك الشخص عندما تم لمسه؟”، “كيف كان شعورك في هذا الموقف؟”، “كيف سيكون شعورك لو تعرضت أنت لهذا الموقف؟”، “هل تعتقد أنه من السَّوي أن نقوم بذلك تجاه الآخرين؟”.

كما يمكنك أن تضع أبناءك أيضاً في صيغة “ماذا لو؟”، فمثلاً إذا رأيت صديقاً يفعل هذا أو يقول هذا، فما الكلمات التي قد تستخدمها لتطلب منه التوقف؟ كيف تُذكّر نفسك بعدم الانخراط في هذا النوع من “النكات”؟ وماذا ستفعل إذا لمسك أحدهم بطريقة تجعلك غير مرتاح، وقال إنها مزحة؟