ثقافةصحيفة البعث

محمود الحداد يغني تراث المغرب العربي والدول المجاورة

أحيا محمود الحداد التراث العربي في الأمسية التي أقامها على مسرح  الدراما في الأوبرا بمرافقة الفرقة الموسيقية بقيادة المؤلف وعازف البيانو طارق سكيكر، متنقلاً من بلد إلى آخر متناولاً ملامح من التراث الغنائي لكل بلد المعبّر عن ثقافتها وخصوصية ألحانها وموسيقاها ليصل إلى الكويت وعُمان واليمن والمغرب العربي، فتنوّعت اللهجات والألحان، وتبقى سورية في البداية والنهاية الأجمل بتراثها الفني وطربها الحلبي الأصيل، وكان القاسم المشترك بين أغلب الأغنيات هو تعزيز الانتماء وعشق الوطن.

ركز طارق سكيكر الذي وزّع الأغنيات أوركسترالياً على المقدمات الموسيقية والصولو لآلات التخت الشرقي في مواضع والبيانو في أخرى مع مرافقة لحنية، ووظّف الحداد تدرجات مقامات صوته التي تباينت وفق الاختلاف اللحني، تاركاً طاقات صوته الرخيم لغناء القدود الحلبية.

تألفت الفرقة من الوتريات والإيقاعيات، وآلات التخت الشرقي والغيتار وعزف طارق سكيكر على البيانو والكيبورد، كما شارك الكورال بالترديد.

الأغنية السورية الشهيرة كانت نقطة البدء “رقة حسنك وسمارك” ألحان محمد عبد الكريم على وقع آلات التخت الشرقي وتوليفة الفرقة، ثم “من عزّ النوم” كلمات الرحابنة وألحان فيلمون وهبة، وبدا دور الإيقاعيات والبيانو والكيبورد.

الاختلاف اللحني والغنائي اتضح في التراث العراقي بأغنية “جلجل عليّ الرمان نومي فزعني” التي تكرّرت فيها هذه الجملة لتمثل المقام الأساسي، فبدأت بصولو البيانو بالمقدمة الموسيقية الهادئة تناغمت مع غناء حداد ليكون صوته اللحن الأول، ومن ثم ترافقت نغمات البيانو مع الكمان والغيتار والضربات الخفيفة للدرامز.

وإلى الموسيقا الكويتية المعتمدة بالدرجة الأولى على صوت المغني مع مرافقة الإيقاعات البطيئة والعود، غنى “مرني مرني أنا ياسيدي عاشق” كلمات بدر بورسلي وألحان عبد الرب إدريس.

الرتم الإيقاعي البطيء امتد مع ألحان “يوعماني يو حالي أغلى من الدهب طينك” من التراث العُماني سُبقت بصولو القانون ثم الكمان.

أما صولو العود فكان تمهيداً لأغنية “يامنيتي ياسلا خاطري” كلمات وألحان القمندان ومرافقة الناي في المقدمة، ثم أبدع الحداد بالجملة الغنائية “وأنا أحبك” وتكرارها بدرجات مختلفة بما يشبه التقطيع والامتدادات الصوتية بالقفلة “ياسلام”.

وعاد الحداد إلى المألوف مع أغنية “أهو دا الي صار” والموسيقا الرائعة لسيد درويش، تمهيداً لأغنية وهران الجزائرية الصعبة من حيث اللهجة والموسيقا المستمدة من الألحان الشعبية وأوزانها المركبة والإيقاعات السريعة، وقد ارتبطت بالتحرّر من الاستعمار الفرنسي “عمري مانساك يابلدي أرضي وأرض أجدادي” كلمات الصايم الحاج وألحان أحمد وهبي، وحظيت بدور البيانو وبالقفلة الموسيقية الإيقاعية.

كما تفاعل الجمهور مع الأغنية المغربية الصوفية “الله يامولانا” كلمات وألحان رابح درباسية، والجمل الإيقاعية المتلاحقة، ليصل إلى الأغنية التونسية الشهيرة والمألوفة للجمهور “لاموني اللي بيغاروا مني” كلمات بشير فحيمة وألحان الهادي الجويني، وتقاسيم مطوّلة على القانون.

ويعود الحداد إلى البداية سورية ليختم بالطرب الأصيل ومفردات الموشحات “أمان أمان” والقدود الحلبية “صبراً جميلاً، يا طيرة طيري، ويامال الشام” ودلّ تفاعل الجمهور الكبير على أن التراث الحلبي هو الأقرب والأجمل.

تراث المغرب ليس غريباً

وعدّ محمود الحداد في حديثه لـ”البعث” أن زيارته عدداً من البلدان العربية وتجوله فيها أضافت له الكثير، وجعلته يتعرف عن قرب إلى ثقافة كل شعب وتراثه الغنائي، ما دفعه لإقامة هذه الأمسية وتقديم مقتطفات من التراث الغنائي للأشقاء العرب.

وتابع بأن خياراته كانت جريئة لكنه لم يتخوّف من ردة فعل الجمهور، وبرأيه سيتفاعل الجمهور مع كل الأغنيات وخاصة مع التراث الأقرب لنا اللبناني والمصري والعراقي.

أما المؤلف والعازف وقائد الفرقة طارق سكيكر فقد أوضح أن التراث الغنائي للمغرب أو الجزائر أو تونس ليس غريباً بمعنى الكلمة عن الجمهور السوري المطلع على أشهر الأغنيات، وحاول مع الحداد أن يكونا وسطيَين بالخيارات. كما أشاد بحضور الحداد الذي يحافظ على مستوى معيّن لا يتنازل عنه، ويقترب بصوته من ملامح التراث الغنائي لكل بلد.

ملده شويكاني