رياضةصحيفة البعث

بعد خروج منتخبنا الأولمبي من التصفيات الآسيوية.. كرتنا ضاعت في صراع الجهل وسوء الإدارة

ناصر النجار

فتح خروج منتخبنا الأولمبي بكرة القدم من تصفيات كأس آسيا الباب من أوسعه على حال كرة القدم المحلية المتراجعة والمتدهورة بسبب صراع النفوذ أولاً، وجهل التعامل مع المنتخبات، وسوء الإدارة والتخطيط، ولم يكن اتحاد كرة القدم في هذه المسألة المسؤول الوحيد عن هذا التدهور والتراجع، بل ساهم فيه بشكل كبير الكثير من المتطفلين الذين بثوا في وسائل التواصل الاجتماعي روح الهزيمة بنفوس لاعبينا وكوادرهم، وهذه مسألة مهمة من المؤكد أن من يقودها يريد دق آخر اسفين في نعش الكرة السورية.

دوماً الصراع كبير حول المدربين، وكم من مدرب نراه يواجه النقد المدمر، ليس لأنه سيىء، بل لأنه ينتمي إلى النادي الفلاني، أو أن المدرب الفلاني أحق به بهذا المنصب، والأغرب من ذلك أنه يمكن أن نحارب المدرب من أجل لاعب لم يكن ضمن صفوف المنتخب، ولم يقتصر ذلك على هذه الفئة التي عيّنت نفسها وصية على الكرة السورية، بل صارت مهامها عالمية، فنرى البعض ينتقد مدرب مانشستر يونايتد، وهذا يهاجم رئيس نادي برشلونة، فضلاً عن تقييمهم للاعبين الدوليين في أندية شتى، وبالفعل نجد أن لدينا ناقدين يستطيعون تحليل أداء أكبر لاعبي ومدربي العالم، وهذه النقطة مهمة جداً، وهي ليست عبثية، ولا من فراغ، ويقودها أشخاص مختبئون خلف الشاشات، غايتهم الترويج والتسويق للمدرب الفلاني واللاعب الفلاني بعيداً عن أي أمر آخر، وأهميتها تكمن في أنها تمارس ضغوطاً نفسية كبيرة على المنتخب، كوادر ولاعبين، وهو ما صرح به مدرب المنتخب الأول نزار محروس عندما قال: أبعدوا المنتخب عن صراعاتكم.

العجيب والمستغرب أن البعض ينادي بمدربيه علناً، كما حدث في مؤتمر اللعبة الأخير عندما قال أحدهم: هل من المعقول أن كل المنتخبات لا تضم مدرباً واحداً من دير الزور؟ الجواب المنطقي جاءه أن فريقي دير الزور: الفتوة واليقظة يستعينان بمدربين من خارج دير الزور، وهل يوجد أبلغ من هذا الجواب؟ نحن نحترم كل مدربينا، وهم مجتهدون ومخلصون، لكن التمايز في انتقاء مدربي المنتخب يخضع لمعايير اتحاد كرة القدم والمتنفذين فيه، وقد يصيبون وقد يخطئون، والمفترض أن يقف الجميع خلف المنتخب مهما كان الأمر، وأغلب أنديتنا ليس بالضرورة أن يكون مدربها ابن النادي، فتشرين على سبيل المثال عندما فاز ببطولة الدوري كان مدربه من خارج مدينة اللاذقية، وحتى لا نظلم مدربينا فإن الكثير من المدربين، عرباً وأجانب ومحليين، تناوبوا على تدريب المنتخبات الوطنية في السنوات العشر الأخيرة وكلهم فشلوا، فهل العلة بالمدرب أم بكرتنا؟.

بعيداً عن هذه الملاحظة المهمة فإن خروج منتخبنا الأولمبي بكرة القدم من التصفيات الآسيوية كشف مستور كرتنا، وسوء الإدارة والتخطيط، وللأسف فإن المنتخبات التي كنا نهزمها بسهولة بات الفوز عليها إنجازاً، ومن فترة قريبة كان لدينا مستشارون يعملون بالتحكيم والتنظيم في العديد من الاتحادات الوطنية العربية، واليوم لدينا الكثير من الكوادر الفنية والإدارية والتحكيمية والتنظيمية في الكثير من الأندية العربية، فلماذا تقدموا، ولماذا تأخرنا؟ كل الدول المحيطة بنا تقدمت وتطورت وبات الفوز عليها إنجازاً يحسب لكرتنا، وحسبنا اليوم الفوز على دول مثل غوام ونيبال وأفغانستان وسيريلانكا ومن بشاكلتهم، وإن استمر الحال على هذا المنوال فقد نعجز مستقبلاً عن الفوز على هذه الدول، وعلى صعيد المنتخبات استعدادنا للبطولات يكون حسب المتاح من المباريات والمعسكرات، ولولا بعض الدول التي تستضيفنا لما تيسر لأي منتخب من هذه المنتخبات مباراة ودية واحدة، بينما نجد الآخرين يقيمون معسكرات مجدية، ويخوضون مباريات قوية ضمن خطط وبرامج علمية مدروسة.

على صعيد الدوري المحلي، وهو الدم الرافد للمنتخبات، نجد الفوضى العارمة متفشية في الأندية واتحاد كرة القدم، فلا خطط مستقبلية، ولا برامج واضحة، وكل أعمالنا ارتجالية وعشوائية، ففي كرة القدم نفتقد للملعب الصالح للتدريب، ونعاني من قلة التجهيزات، وليست لنا إدارات محترفة، وشغلنا الشاغل محاربة الكوادر على مبدأ: هذا معنا وهذا ضدنا، والأهم من هذا وذاك الفساد المتفشي بكل مؤسساتنا الرياضية، أمام كل هذا التوصيف السريع من الصعب أن نجد منتخباً يهزم اليمن ويتفوق على العراق والأردن ويفك عقدة لبنان، فأحلامنا الآسيوية مؤجلة، والتأهل لمونديال العالم ضرب من المستحيل!.