ثقافةصحيفة البعث

معرض إسماعيل نصرة.. المشاعر مرسومة على دفتر الصبية

استضافت صالة عشتار للفنون الجميلة معرض الفنان إسماعيل نصرة في عرضها المستمر هذه الأيام، حيث تعرض عدداً من اللوحات التي أنتجها إسماعيل خصيصاً لمعرضه الفردي الذي يؤكد استمرار هذه التجربة التي تمتد لسنوات ليست قليلة حافلة بعدد كبير من المعارض الفردية، والمشاركات الجماعية لهذا الفنان النشيط الذي يسير مواكباً وفاعلاً مثل بقية أقرانه من فناني جيله الذين يبحثون عن فرصة عرض تليق بجديدهم التشكيلي خارج حدود المؤسسة الرسمية، ومعارضها الاحتفالية والدعائية، حيث لم يجدوا بدلاً من الصالات الخاصة القليلة المتعثرة في ترويج مقتنياتها، والتي لم تجد حلاً إلا الاستمرار في إقامة المعارض المحددة، رغم بعض الخسائر المادية، حفاظاً على حياتها وعلاقاتها مع الفنانين، أملاً في قادم الأيام والسنوات علّها تحمل خيراً ووفرة!.

يعتبر معرض إسماعيل نصرة من المعارض التي يترقبها عدد لابأس به من متابعي الفنون التشكيلية، وأصدقاء الفنان الدمث، بما تحمل لوحاته من لطف واستحسان، فهو رسام المشاعر العذبة والرقيقة التي تصيب رائيها بالود، وتستدرجه نحو السؤال عن كنه ما يمر به ويعيش هذا الفنان الذي يسعى بلوحته نحو تجسيد حياة كتبت ذات يوم في دفتر عاشق، أو صبية انتظرت خلف الباب تعد أوراق ياسمينة البيت، أو تتنفس عطر المناديل الملونة التي تركها حبيبها البعيد، هذه العوالم هي المجال الحيوي للوحة إسماعيل نصرة الذي أوجد لنفسه موقع الرسام فيها، وأضحى عرّاباً لهذه الوجدانيات، رغم كل محاولاته وتوقه للخروج من هذه الشرنقة التي تحسب على رف من رفوف الأدب والقصص العاطفية التي تنتمي لجيل مولع بالرومنسيات وقصص المجلات الدورية!.

من المؤكد أن الفنان نصرة يمتلك كفاءة عالية على التلوين والتجريب ضمن خامات تناسب موضوع لوحته، فهو الرسام المتمكّن من معالجة سطح الخشب، والرسم عليه ببراعة، مثلما هو الحاذق في استكشاف بعض التقنيات والخبرات من مصادرها، واستعارة البعض منها ضمن وظيفتها البصرية التي لا تزيد عن حدودها المقبولة في مساحة التصوير الزيتي، فهو يلامس التجارب الغرافيكية، ويوشي بعض أعماله بذلك الهاجس التزييني الذي يمنح اللوحة القبول من قبل المتلقي، ومن ثم ترضي نزعة الفنان المغامرة بحذر العارف بحدودها.

وقد يصل الأمر إلى إحداث تابوهات مختلفة تمسرح العمل التشكيلي، وتستجدي تعاطف المتلقي العادي والمفتون بتلك الإخراجات البصرية الاستعراضية، وبتلك العيون المرسومة بلمعة دمعته المكسورة والحزينة.. لا ننتظر من إسماعيل نصرة الابتعاد عنها، والتوجّه نحو اللوحة وعوالمها عميقة التعبير والتغريب الموحش رغم خبراته كمصور، فهو يقدم لوحته المحمّلة بذاتها العميقة المعبأة بهواجس الفنان الذي عاش ليرسم ويقدم الفرح والحب.. شكراً إسماعيل نصرة لأنك ترسم.

أكسم طلاع