انطلاق أعمال الجلسة المشتركة للهيئتين التنسيقيتين الروسية السورية حول عودة اللاجئين
دمشق _ بسام عمار _ ريم ربيع
انطلقت اليوم الجلسة الافتتاحية للاجتماع المشترك للهيئتين الوزاريتين التنسيقيتين السورية الروسية حول عودة المهجرين السوريين في قصر المؤتمرات بدمشق بحضور ممثلين عن منظمة الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمات الإنسانية الأخرى وذلك ضمن برنامج أعمال الاجتماع السوري الروسي المشترك لمتابعة أعمال المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين.
وفي كلمة له خلال الجلسة أكد وزير الإدارة المحلية والبيئة المهندس حسين مخلوف أن المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين السوريين في دمشق الذي عقد قبل عام تمخضت عنه نتائج مهمة جداً تشكل منهاج عمل للهيئتين الوزاريتين التنسيقيتين السورية والروسية وتتم متابعتها من خلال فريق عمل مشترك يعمل بتوجيهات قائدي سورية وروسيا الاتحادية السيد الرئيس بشار الأسد والرئيس فلاديمير بوتين.
وأشار الوزير مخلوف إلى أنه حرصا على متابعة تنفيذ التوصيات عقدت اجتماعات ثنائية في تموز العام الجاري بين مختلف الوزارات والهيئات السورية والروسية مبيناً أن الاجتماعات الثنائية السورية الروسية التي تنعقد اليوم بين مختلف الوزارات والجهات تخدم التعاون المشترك بهدف دعم عودة اللاجئين السوريين واستقرارهم في مدنهم وقراهم.
ولفت إلى أنه بفضل جهود الدولة السورية وبالتعاون الوثيق ومساندة الأصدقاء تمت عودة مئات الآلاف من السوريين داخلياً وخارجياً حيث تعمل الدولة السورية بشكل ممنهج ومنظم بمختلف الاتجاهات والجوانب لتأمين متطلبات المواطن السوري الصامد في بلده وتشجيع المهجر على العودة إلى وطنه والاستقرار فيه.
وبين الوزير مخلوف أن الدولة السورية عملت على توفير البيئة الداعمة لعودة اللاجئين السوريين وتأمين استقرارهم في مدنهم وقراهم بما في ذلك المتعلق منها بالتشريعات أو بالبنية اللوجستية المطلوبة وفق إمكانات الدولة حالياً مشيراً إلى مراسيم العفو العام التي صدرت وآخرها المرسوم 13 للعام 2021 والتي تفسح المجال لعودة أكبر عدد ممكن من اللاجئين.
وأشار وزير الإدارة المحلية إلى صدور تشريعات تساعد على النهوض بالواقع الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي والخدمي في سورية كالقانون رقم 8 للعام الجاري الذي سمح بتأسيس مصارف للتمويل الأصغر لدعم مشاريع محدودي ومعدومي الدخل وقانون الاستثمار الجديد الذي شكل أرضية تشريعية غنية ومناسبة لتنشيط حركة الاستثمار لافتاً إلى موافقة المجلس الأعلى للاستثمار على 12 مشروعاً بقيمة تزيد على 400 مليار ليرة سورية ستؤمن آلاف فرص العمل وبدأت إجراءاتها تدخل حيز التنفيذ.
ولفت الوزير مخلوف إلى تأصل ثقافة التكافل الاجتماعي لدى السوريين واستناداً إلى ذلك قادت السيدة الأولى أسماء الأسد مبادرة تنظيم وتوحيد جهود الأعمال الخيرية قبل شهر رمضان الفائت الامر الذي مكن من الوصول لثلاثة ملايين شخص من أكثر الفئات حاجة وضعفاً وتقديم المساعدة العاجلة لهم وتم تنفيذ برامج تنموية في مناطق مختلفة لتمكين أبناء الريف من امتلاك أدوات الإنتاج والعمل ومصادر الرزق وبذل جهود مجتمعية وأهلية ورسمية مكثفة لدعم جرحى الحرب والأطفال ذوي الإعاقات السمعية والبصرية وغيرها ورعايتهم.
واستعرض الوزير مخلوف الجهود الحكومية المبذولة في الجوانب التربوية والتعليمية لتأمين المدارس للتلاميذ حيث توجه أكثر من 3.6 ملايين تلميذ لمدارسهم و780 ألف طالب جامعي إلى جامعاتهم وتم إنشاء وتأهيل الآلاف من المدارس وعشرات الكليات والجامعات والمشافي التعليمية وافتتاح مشفى جامعة البعث التعليمي وكلية الهندسة الجيوماتية في جامعة تشرين وإحداث كلية الهندسة الميكانيكية في جامعة البعث وإحداث اختصاص أقسام الأطراف الصناعية والأجهزة التقويمية التشخيصية والمعالجة الشعاعية في كلية العلوم الصحية بجامعة دمشق.
وأوضح الوزير مخلوف أنه يجري العمل في كل المناطق التي حررها الجيش العربي السوري على إعادة تأهيل البنى التحتية بكل أشكالها مبيناً أنه تم منذ بداية العام إعادة تأهيل وصيانة المئات من مراكز تحويل الكهرباء ومحطات الضخ وشبكات الري والمراكز الصحية وشبكات مياه الشرب وتأهيل آلاف المنازل والمحال التجارية المتضررة ويجري العمل على إعادة تأهيل محطة حلب الكهربائية وإنشاء محطة الرستين بمحافظة اللاذقية وتمت إعادة تأهيل محطة الزارة ويجري العمل على تأهيل باقي المحطات.
وبين أن الدولة تعمل على إنجاز مسابقة واختبارات لتوظيف مئة ألف مواطن سينضمون إلى مسيرة إعادة البناء والاعمار في مختلف المؤسسات الإنتاجية والخدمية مشيرا إلى أنه يتم العمل على تأمين عودة المهجرين لأماكن استقرارهم في “بسيمة وعين الخضرة والحجر الأسود” في محافظة ريف دمشق و”مورك وكفرزيتا واللطامنة ولطمين ومعردس والزارة” في محافظة حماة وبعض القرى الشمالية في محافظة اللاذقية كالمريج.
ولفت إلى استمرار الدولة بتقديم ما يلزم للمهجرين في مراكز الايواء وخارجها صحياً وتربوياً وغذائياً أما في مخيمات الهول والركبان فيلقى المواطنون السوريون المحتجزون فيها كل أشكال الحرمان والهوان من قبل المحتل الأمريكي ومرتزقته وأصبحت بؤراً لتغطية تنظيم وتدريب الإرهابيين وذريعة لإطالة أمد الاحتلال لافتاً إلى الجهود المبذولة من قبل الجيش العربي السوري بدعم من الأصدقاء في روسيا الاتحادية لإنجاز التسويات لأكثر من 20000 مواطن في درعا ودير الزور والحسكة والقنيطرة وباقي المحافظات مبيناً أن الدولة تبذل ما في وسعها لتأمين متطلبات المواطن رغم الإجراءات القسرية الجائرة أحادية الجانب في ظل انتشار جائحة كورونا ورغم سرقة الاحتلالين الأمريكي والتركي وعملائهم الموارد الطبيعية من نفط ومياه ومحاصيل زراعية في جرائم موصوفة بقرائن واضحة وظاهرة للعيان والمجتمع الدولي بكافة هيئاته ومنظماته مطالب برفع الصوت عاليا واتخاذ الإجراءات اللازمة لتثبيت حق الشعب السوري بأرضه ومقدراته.
ونوه مخلوف بدور الدول الصديقة وعلى رأسها الاتحاد الروسي في الدعم والمساندة بمختلف المجالات معربا عن الثقة الكبيرة بتطوير هذا التعاون والتنسيق القائم على المبادئ والاحترام والخير للبلدين والشعبين ومعبراً عن شكر سورية الكبير وتقديرها لهذا الدعم.
كما نوه الوزير مخلوف بدعم الدول الصديقة مثل إيران والصين للشعب السوري ومساعدتها له في مكافحة الإرهاب معرباً عن شكره لهما وللمنظمات الأممية والدولية الشريكة في العمل الإنساني وعن الأمل بمضاعفة الإمكانات لتلبية احتياجات الخطط التنموية والاغاثية.
وختم الوزير مخلوف بالإشارة إلى أن ما نشهده من عودة تدريجية لسورية إلى عمقها العربي ودورها الإقليمي هو مؤءشر على صوابية الموقف السوري طيلة فترة الحرب الإرهابية لجهة التمسك بالدفاع عن سيادتها ومكافحة الإرهاب ومقاومة الاحتلال حتى زواله وخدمة أبناء الوطن في مراحل الإغاثة والإيواء والسعي لعودة الجميع إلى حياتهم الطبيعية وصولاً للاستقرار وتحقيق التنمية والازدهار من خلال التلاحم حول الجيش العربي السوري بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد.
وفي كلمة له أكد المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سورية ألكسندر لافرنتييف أن الجهود المشتركة لسورية وروسيا أسهمت بعودة مئات آلاف المهجرين واللاجئين السوريين إلى وطنهم بعد أن هيأت الدولة السورية الظروف المناسبة لذلك.
وقال لافرنتييف: “أولوية عملنا المشتركة تحقيق استتباب الوضع والاستقرار في سورية لخلق ظروف مواتية لعودة اللاجئين ومن أجل ذلك تبذل روسيا وسورية جهوداً كبيرة في هذا الشأن حيث نفذتا حزمة من الأعمال في مجال إعادة إعمار البنى التحتية واستعادة عمل الخدمات الأساسية” مؤكداً أن روسيا ستواصل تقديم المساعدة للشعب السوري بهدف تحسين الوضع الاقتصادي والإنساني وهناك الكثير من العمل الدؤءوب في هذا المجال مستقبلاً.
وأضاف لافرنتييف: “في عام 2010 كانت الاوضاع الاقتصادية تتطور في سورية بوتيرة متسارعة وكان هناك نمو ملحوظ في حياة السوريين لكن للأسف بدأت دول غربية بالعمل على زعزعة الاستقرار في هذا البلد” وتابع: “الشعب السوري يستحق احتراماً كبيراً ودعماً وسينتصر في نهاية المطاف مثلما انتصر في الحرب الإرهابية التي عانى منها كثيراً”.
بدوره رئيس الهيئة التنسيقية الوزارية الروسية العماد أول ميخائيل ميزينتسيف كشف عن عودة ما يقارب مليونين ونصف سوري إلى ديارهم، من بينهم حوالي 1.3 مليون مهجر داخلياً، وأكثر من 947 ألف مهجر من الخارج، مشيراً إلى نشر 13 معبراً لدخول اللاجئين من بينها 11 معبراً برياً والمعبران الجوي والبحري.
ومن أهم القضايا التي تعرقل عودة اللاجئين – وفقاً لميزينتسيف – احتلال قوات أجنبية أراضي الدولة السورية، حيث يعتبر الوجود العسكري غير الشرعي عاملاً مدمراً رئيسياً على مسار انتعاش البلاد، إضافة إلى ممارسة سياسة العقوبات ضد سورية بما يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة، واستمرار سياسة بعض الدول الغربية الرامية إلى تزوير الواقع وتبرير الإرهاب وعرقلة عودة اللاجئين، والنقص “الكارثي” في تمويل برامج الأمم المتحدة الحالية في سورية، حيث تم هذا العام تخصيص 30% فقط مما هو مخطط له.
وبيًن ميزينتسيف أن الهيئة التنسيقية الروسية تشارك في جميع المحافل الدولية لتقديم معلومات موضوعية للمجتمع الدولي حول الإجراءات التي تتخذها الحكومة السورية لخلق الظروف المعيشية الملائمة، حيث تمت مناقشة المسائل الأكثر إلحاحاً خلال الاجتماع الدولي السادس عشر حول سوريا في صيغة استانا، مع استمرار العمل للتصديق على المذكرات والاتفاقيات والمعاهدات الروسية السورية، والتي سيفتح دخولها حيز التنفيذ فرصاً جديدة لتطوير العلاقات.
وأكد ميزينتسيف أن جميع الاتهامات الموجهة إلى السلطات السورية من قبل الدول الغربية هي ذروة النفاق وسط العقوبات ضد سورية واحتلال أراضي الدولة ذات السيادة، فيما لايزال الوضع الإنساني الحرج قائماً في مخيمات اللاجئين الواقعة في المناطق التي تسيطر عليها الدول الغربية، كالركبان والهول، في وقت أعرب فيه 94% من السوريين في الأردن رغبتهم بالعودة إلى وطنهم العام المقبل.
من جانبه السفير الروسي الكسندر يفيموف لفت إلى تغيرات إيجابية في مواقف الدول الأجنبية تجاه دمشق، مؤكداً أن المزيد من الدول تبدأ إعادة التفكير في سياستها تجاه سورية مؤخراً، رغم محاولة بعض الأطراف إعاقة أي استقرار، مؤكداً على موقف روسيا الثابت تجاه ما يحدث في سورية.
ورأى يفيموف أن اعتماد مجلس الأمن الدولي للقرار 2585 هو دليل على التغيرات التي تحصل في الملف السوري، حيث تتعلق نتائج تجسيد هذه الوثيقة بتطبيق جاد وليس شكلي لبنودها من قبل كافة الأطراف.
في حين أشارت ممثل وزارة الخارجية والمغتربين رانيا حاج علي إلى التغيرات الإيجابية التي شهدتها سورية منذ الاجتماع الأخير للهيئتين، أبرزها التطورات الميدانية في درعا بعودة الاستقرار فيها، وتأمين الخدمات وعودة مؤسسات الدولة.
لفتت حاج علي إلى تأمين الظروف الملائمة لعودة المهجرين كمراسيم العفو، وتقديم التسهيلات لعمل المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية الدولية العاملة في سورية لرفد جهود الدولة في مجال دعم وتعزيز سبل العيش، مع تأهيل البنى التحتية في المناطق المحررة.
وأشارت علي إلى استمرار بعض الدول باستغلال ورقة اللاجئين سياسياً والمتاجرة بمعاناتهم وممارسة التضليل الممنهج حول الحالة في سورية، بادعاء عدم استقرار الأوضاع فيها، والأكاذيب بوجود أخطار قد تكتنف عودة اللاجئين لبلدهم، مؤكدة أن ممارسات الاحتلال التركي الإجرامية وسياسات التتريك الممنهج في أجزاء من الأراضي السورية هي انتهاك سافر للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن، وهي تهدف إلى إعاقة الجهود المبذولة لعودة اللاجئين.