مجلة البعث الأسبوعية

تشتت الانتباه وضعف التركيز يظهر ويختفي من تلقاء نفسه.. والسبب نمط الحياة

منذ منتصف التسعينيات، كانت الأبحاث والأدلة العلمية تشير إلى أن حوالي نصف الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة وضعف الانتباه لا تظهر عليهم الأعراض بمجرد بلوغهم العشرينيات من عمرهم تقريباً، لكن دراسة جديدة أوضحت أن الأمر ليس كذلك بشكل دقيق، ولكن الحقيقة هي أن أعراض الاضطراب تتراجع في فترات معينة، ثم تعاود الاختفاء من تلقاء نفسها، قبل أن تكرر ظهورها وتُصيب الشخص بالانتكاس مرة أخرى دون مقدمات.

 

الاضطراب غير ثابت كما كان يُعتقد

في دراسة علمية ضخمة وطويلة المدى، تم نشرها في آب 2021، بقيادة مارغريت سيبلي، الأستاذة المساعدة في قسم الطب النفسي والعلوم السلوكية في كلية الطب بجامعة واشنطن، تم متابعة 558 طفلاً مصاباً باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لمدة 16 عاماً كاملة، والتحقق من الأعراض لديهم كل عامين، بداية من عمر 8 إلى 25 عاماً.

واتضح في نتائج الدراسة أنه بالنسبة لـ90% من هذه المجموعة ظهرت الأعراض في مرحلة ما خلال سن الـ 25، بعد أن كانت قد اختفت في فترات طويلة من مرحلة الشباب، وخلص الباحثون إلى أن هذا النمط قد يستمر طوال الحياة تقريباً. بمعنى أن الأعراض تختفي وتعاود الظهور بشكل متكرر.

 

أوجه الاختلاف بين الأطفال والبالغين

يعاني البالغون المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، مثلهم مثل الأطفال، من عدم القدرة على التنظيم، وكثرة النسيان، وعدم القدرة على إتمام المهام.

وقد يكون الأطفال نشيطين للغاية ويركضون ويتسلقون الأشياء، بينما عند البالغين قد يتخذ هذا النشاط المفرط شكل اتخاذ قرارات متهورة، أو التحدث دون تفكير وكثرة مقاطعة الآخرين.

وقد يتغيب البالغون المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه عن المواعيد النهائية وينسون الاجتماعات أو الخطط والمناسبات الاجتماعية. كما يمكن أن يكونوا غير صبورين ومضطربين، وحادّي المزاج.

ويمكن أن يكون لهذا عواقب وخيمة، إذ وجدت دراسة نشرتها مجلة الأكاديمية الأمريكية للطب النفسي للأطفال والمراهقين عام 2019، أن الأشخاص الذين يبلغون من العمر 25 عاماً، الذين يعانون من أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لديهم فرصة أكبر بنسبة 50%، بالتورط في حوادث السيارات.

لكن بخلاف ما سبق، فإن بعض الأطفال والبالغين المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لديهم القدرة على التركيز المفرط في نواحٍ معينة من حياتهم، إذا ما كانوا يشعرون بالشغف تجاه الأمر بالدرجة الكافية.

ومن الشائع ظهور بعض الأعراض التي يمكن اعتبارها علامة من علامات الإصابة باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط في مرحلة ما من حياتك، ولكن على الأغلب لن يتم تشخيص إصابتك بالاضطراب إلا إذا تسببت أعراضك في مشاكل مستمرة في أكثر من جزء من حياتك، وكانت الأعراض تعود إلى مرحلة الطفولة المبكرة.

ولفت موقع “علم النفس اليوم” إلى أن 10% من سكان العالم يعانون من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.

وأحياناً قد يعاني البالغون أيضاً من الاكتئاب أو القلق المزمن، والذي ربما يعتقدون أنه يسبب أعراضهم المشابهة لضعف الانتباه وتشتت التركيز وفرط الحركة، لكنهم في الواقع يحتاجون أيضاً إلى علاج اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، إذ يمكن أن يساهم الوقوع في الفشل مراراً وتكراراً بسبب الاضطراب في زيادة مشاكل القلق والاكتئاب، وفي الحالات الأكثر شدة يكون البالغ المصاب باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أكثر عرضة لفقدان وظيفته، والتعرُّض للمشاكل القانونية، وإساءة استخدام العقاقير، وعدم الاستقرار في العلاقات، وحتى في بعض الحالات القصوى محاولة الانتحار.

 

العوامل التي تجعل الأعراض تعاود الظهور

إذا وجدت أن حياتك تخرج عن نطاق السيطرة فمن المهم أن تبحث عن المحفزات لاضطراب فرط الحركة وضعف الانتباه في عاداتك اليومية المتكررة. وغالباً ما يتحسن أداء المصابين عندما يحصلون على القدر المناسب من النوم وممارسة الرياضة بانتظام وتناول الطعام الصحي.

كما قد يجد الأشخاص المصابون أن التوتر والعادات السيئة والضغط النفسي تجعلهم أكثر اندفاعاً أو مزاجية أو نسياناً وتشتتاً.

إذا كنت تواجه صعوبة في أداء وظيفتك بشكل طبيعي، أو تعاني من التوتر مع عائلتك أو أصدقائك وعلاقاتك المختلفة، أو تتخلف كثيراً عن التزاماتك ومهامك المنزلية والأسرية، فاطلب المساعدة من المتخصصين النفسيين، إذ يمكن أن يساعد العلاج والأدوية الخاصة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، وأي حالة صحية عقلية أخرى، بشكل كبير، في تحسين الحالة وجودة الحياة بشكل عام.