منابر للثقافة والمعرفة
البعث الأسبوعية- سلوى عباس
رغم وجود مجلات كثيرة للأطفال في الوطن العربي، إلا أننا مازلنا بحاجة لمجلات أكثر مع حضور السؤال إلى أي مدى تلبي المجلات الموجودة حاجة الأطفال المعرفية؟ وهل استطاع أدب الأطفال أن يخاطب عالم الطفل الحقيقي؟ وإعطائه حقه من الدراسة، أم أنه لم يتجاوز موضوع الكتابة دون أن يحقق غاية ما، وهل هذه المجلات تحمل المعايير الحقيقية في توجهها للطفل؟ خاصة وأن إعلام الطفل له أسس وقواعد ومدارس وتخصصات، لذلك عندما يتم اختيار رئيس تحرير مجلة تتوجه للطفل يجب أن يكون مدركاً لصحافة الطفل وكيف يخاطبه ويتوجه إليه والموضوعات التي يجب أن يقدمها له، وهذه هي الثغرة التي تعاني منها أغلب مجلات الأطفال، فنرى أن أي أحد يرغب في إنشاء مجلة للأطفال يتحقق له هذا دون أن يضع في اعتباره أن هذه الخطوة تحتاج للكثير من الدراسة، وهناك من يستسهل أحياناً هذا الجنس الأدبي من منطلق أن الطفل يمكن أن يقنعه أي شيء، لكن في الحقيقة المعيار الحقيقي لمدى نجاح أي أديب هو الأطفال أنفسهم، فعندما يحتفظ الطفل بالكتاب ويحرص عليه ويقرأه هذا معناه أن الأديب ناجح وأنه استطاع أن يصل إلى عقل الطفل، أما عندما لايهتم الطفل لهذا الكتاب ويهمله فهذا هو أكبر نقد له، إضافة إلى أننا بحاجة لنقاد متخصصين بأدب الأطفال وللأسف أنه لايوجد، ليس في سورية فقط وإنما في الوطن العربي ككل، فالحركة النقدية ضعيفة، لكن طالما أن هناك جهات تحاول أن تعمل في هذا الاتجاه مثل جمعية أدب الأطفال في اتحاد الكتاب العرب، ومجلة أسامة التي تصدرها وزارة الثقافة والتي تستقطب كتّاباً من كل المحافظات، أو حتى كتّاباً من خارج القطر، هذا كله يؤسس لأدب أطفال حقيقي في سورية، فالأسماء كثيرة، ولكن نبقى بحاجة إلى مزيد من الاهتمام بهذا الجنس الأدبي، خاصة وأن الفضائيات والتلفزيون استطاعت استقطاب الأطفال من خلال تقديم مواد مغرية بالصوت والصورة صرفتهم عن قراءة الكتب، ولاستعادة أطفال قارئين يجب على كتّابنا تقديم مادة جاذبة ومفيدة وبذل مجهود يوازي ما تقوم به الفضائيات لجذب الأطفال، ومن المناسب تقديم موضوعات مترجمة من آداب الشعوب واللغات الأخرى، خصوصا أن الكتب الغربية تحكي تجارب إنسانية يشترك في تذوقها جميع الأطفال شرقاً وغرباً، ولكن يجب أن تكون هذه الكتب دافعاً لنا في الوطن العربي لاستعراض تجاربنا من خلال تقديم كتب تعبر عن ثقافتنا وعرضها ليقرأها الآخرون.
وتعتبر المجلة الهادفة أداة ثقافية وتربوية وإعلامية وترفيهية لأبنائنا، تقوم بغرس القيم والمبادئ في شخصية الطفل، من هنا نرى ضرورة التركيز على تطوير وسائل الإعلام الخاصة والموجهة للطفل، وأن يصبح هذا التركيز تجارب حقيقية وجادة، لكن السؤال الذي يلح علينا هل استطاعت مجلات الأطفال ومنشورات الطفل أن تلبي حاجة الأطفال المعرفية؟ أم أنها مجرد منابر للنشر دون فائدة تذكر، وهل تحمل المعايير الحقيقية في توجهها للطفل؟فإذا كانت المجلة تتوجه إلى الأطفال في المرحلة العمرية الثانية يجب أن يكون التوجه كاملاً من حيث القصة، الموضوعات المكتوبة، وحتى الرسوم لأن الرسوم يجب أن تتناسب والمرحلة العمرية التي تتوجه إليها المجلة، فالرسوم تختلف بين مرحلة وأخرى، من حيث حرارة الألوان والخطوط وغيرها، وهذه الأمور غير مدروسة بشكل جيد في بعض المجلات.
ولا نغفل هنا عن أهمية الصورة ودورها في المادة التي يطّلع عليها الطفل من كتاب أو قصة أو مجلة وهي تتأكد كلما كان الطفل أصغر سناً وتمثل الصورة عنصراًتشويقياً هاماً كما تضفي ألوانها سحراً وجاذبية على المادة وتؤدي دوراً حيوياً في تكامل الصورة الذهنية لدى الطفل وتمثل إبداعاً مكافئاً للنص بل قد تتفوق عليه أحياناً.