العنف ضد المرأة.. انتهاك لحقوق الإنسان
د. معن منيف سليمان
تحتفل الجمعية العامة للأمم المتحدة سنوياً بتاريخ الخامس والعشرين من شهر تشرين الثاني، ومنذ العام 1999، باليوم العالمي لمناهضة العنف ضدّ المرأة، وتوصي المنظمة الدولية جميع المنظمات الرسمية وغير الحكومية ووسائل الإعلام حول العالم بالترويج لثقافة القضاء على العنف تجاه المرأة. فالعنف ضدّ المرأة يعدّ انتهاكاً لحقوق الإنسان، كونه ينجم عن التمييز ضدّ المرأة قانونياً وعملياً، وكذلك عن استمرار نهج اللامساواة بين الجنسين، ويترتّب عليه من الآثار السلبية ما يعيق التقدم في العديد من المجالات مثل القضاء على الفقر، ومكافحة فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)، والسلام والأمن. لكن هذا العنف يمكن مكافحته على الرغم من أنه وباء عالمي تعاني منه أكثر من 70 بالمئة من النساء في العالم.
أتى هذا التاريخ من عملية الاغتيال الوحشية في عام 1960 للأخوات “ميرابال” الناشطات السياسيات في جمهورية الدومنيكان -تلك الجمهورية الصغيرة الواقعة في الكاريبي على مشارف كوبا وهاييتي- بأوامر من ديكتاتور الدومنيكان “رافاييل تروخيلو” (1930- 1961)، لتصبح تلك الحادثة لاحقاً إلهاماً للعالم فيما يتعلق بقضايا مناهضة العنف ضدّ المرأة.
إن العنف ضدّ المرأة واحد من انتهاكات حقوق الإنسان الأوسع نطاقاً في العالم، فهو يتخطى الحدود والعرق والثروة والثقافة والجغرافيا، ويحدث في كل مكان في المنزل أو في العمل، في الشوارع أو في المدارس، في أوقات السلم أو الصراع. ولكن هذا ليس أمراً حتمياً، إذ يمكن مواجهة العنف ضدّ المرأة والحدّ منه بشكل منهجي، ومع مزيد من الإصرار يمكن القضاء عليه.
ففي سورية تعمل الحكومة السورية من خلال تضافر الجهود بينها وبين باقي المؤسسات لمناهضة ووقف جميع أشكال العنف ضدّ المرأة، والعمل على زيادة الوعي العام بحقوقها والتعبئة الاجتماعية لحمايتها من العنف بكل أشكاله وأنواعه بشكل خاص في ما يمكن أن تتعرض له المرأة في ظل الظروف الراهنة. ويتيح القانون السوري لأية فتاه أو امرأة تعرضت لعنف رفع دعوى أمام القضاء، وحيث إن قوات الجيش والشرطة هي قوات نظامية وطنية معروفة المرجعية فإن إمكانية ملاحقة المرتكبين وإيقاع العقوبات بهم متوفرة في حال توفر الأدلة والقرائن، وهو ما يحصل بالفعل.
وتجدر الإشارة إلى أنه في المناطق التي توجد فيها الجماعات الإرهابية المسلحة، وبالنظر إلى الفكر المتطرف والأيديولوجية الوهابية التكفيرية التي تحملها هذه الجماعات التي لا تعرف، ولا تعترف، بالقوانين الوضعية ولا تقيم وزناً للاتفاقات الدولية وللقانون الدولي وحقوق الإنسان، فضلاً عن أنها تحمل نظرة شديدة الدونية إلى المرأة تجردها من إنسانيتها ولا تعترف بأية حقوق لها، تحصل ارتكابات جسيمة من قبل هذه الجماعات ضدّ المواطنين وخاصة النساء والأطفال كالخطف والاغتصاب والقتل والتمثيل بالجثث وبقر البطون واستخراج الأجنة منها وقطع الرؤوس وشيها وأكلها، وهذا كله تفاخر به هذه المجموعات وتضعه على مواقعها على الانترنت، في ظل انتشار الفتاوى الوهابية التكفيرية.