مجلة البعث الأسبوعية

الكيان الصهيوني سيدفع ثمن جرائم دعم حراس “الحضارة الغربية”

البعث الأسبوعية-هيفاء علي

إن ما يحدث في العراق وسورية واليمن وفلسطين لا يمكن تصوره حتى في ذروة الإمبريالية في القرن التاسع عشر، حيث يموت حوالي 300 طفل دون سن الخامسة كل يوم بسبب سوء التغذية في اليمن، ويتعرض الشعب الفلسطيني للاضطهاد والذبح كل يوم على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي. بينما تعاني سورية ولبنان من وضع اقتصادي خانق جراء العقوبات الأمريكية الجائرة، أما إيران فهي تتعرض للضغوط الغربية على الدوام بذريعة برنامجها النووي السلمي. ورغم كل هذا الكم من الجرائم، لا أحد يحاسب ويعاقب المجرم بل هو على الدوام يفلت من العقاب ليسود قانون الغاب بعد آلاف السنين من الاتفاقات الشاملة لجعل العالم أكثر آماناً، حتى المؤسسات الدولية  مثل محكمة العدل، والجنايات الدولية، أو منظمة حقوق الإنسان تقف عاجزة ومكتوفة الايدي أمام المجرمين القتلة، هذا إن لم تكن هي نفسها متواطئة معهم في ارتكاب هذه الجرائم الشنيعة التي يندى لها جبين البشرية.

على مدى العقود الثلاثة الماضية  لم يقدم حراس “الحضارة الغربية” سوى الخراب للعالم، حربان ضد العراق، “مهد الحضارة”، دمرتا هذه الحضارة، ونشرت ثقافة العنف، وسببت بمقتل وتشريد ملايين الأشخاص. وفي ليبيا، الدولة الأكثر تقدماً في أفريقيا، تم تدميرها حتى الجذور من قبل هذا الغرب ” المتحضر والديمقراطي”، وتم مقتل وتشريد الآلاف من شعبها، كما تم قتل زعيم ثورتها العقيد الراحل معمر القذافي. أما سورية، فقد تعرضت لحرب شرسة تم فيها الاستعانة بما هب ودب من المرتزقة والإرهابيين الذين تم استقدامهم من كافة أنحاء العالم من قبل الولايات المتحدة وفرنسا وتركيا، وتم تقديم كافة أشكال الدعم المادي واللوجستي  في محاولة يائسة لتدمير الدولة بمؤسساتها ومدنها وأسواقها القديمة العريقة، وتم تشريد الالاف نتيجة إجرام العصابات الإرهابية، في حين قامت قوات الاحتلال الأمريكية بسرقة النفط السوري، وسرقة صوامع القمح، فيما قام النظام التركي بسرقة معامل مدينة حلب. وفي اليمن، تم تسجيل سقوط أكثر من 230 ألف قتيل، و43٪ من الأطفال الخدج يموتون بسبب نقص المعدات الطبية ونقص الأغذية، فيما تعاني البلاد من المجاعة والإبادة الجماعية، و75٪ من الأطفال يعانون من سوء التغذية الحاد.

لم يشعر أحد من حراس “الحضارة الغربية” بالقلق تجاه هذه الجرائم ضد الإنسانية، بل نراهم يسافرون حول العالم لجمع الملايين من أجل مؤتمراتهم ومؤسساتهم “الخيرية”، كما لم يسمع أحد أي كلمة ندم واحدة من أي منهم على الأرواح التي سرقوها أو دمروها، حتى قتل الأطفال لم يجعلهم يعترفون بالذنب ولم يحرك ضمائرهم الميتة.

لقد تمت معاقبة آخرين على جرائم أقل خطورة، بينما تفلت هذه العصابة من العقاب على الدوام، وفوق ذلك هي لا تشعر بأي ندم على الإطلاق. ولكن ماذا ستكون ردة فعل تلك العصابة لو تم ارتكاب هذه الجرائم في أوروبا، ولو تم ارتكاب مجزرة بحق البيض أو تم طردهم من بيوتهم وديارهم وتهجيرهم الى ما وراء البحار؟.

المستفيد الرئيسي من كل ما سبق على مدار القرن الماضي هو الكيان الإسرائيلي الذي احتل فلسطين منذ عام 1948، لأن “إسرائيل” هي قلب وروح السياسة الخارجية الأمريكية، والسياسة الخارجية الأمريكية ليست أكثر من نجوم ومشارب ملفوفة على مصالح الدولة الصهيونية. منذ أن رفض الرئيسان رفسنجاني وخاتمي التخلي عن دفاع إيران العادل عن الشعب الفلسطيني، اختارت الولايات المتحدة انتهاج سياسة العداء تجاه إيران وفرض سياسة العقوبات الاقتصادية الخانقة في محاولة للضغط عليها وثنيها عن مناصرة الشعب الفلسطيني.

وبالتالي استمرت محاولة خنق إيران وسورية من خلال شن الحرب والاغتيالات والعقوبات التي تمر بالضرورة عبر لبنان. لكن منذ الثمانينيات نجحت المقاومة اللبنانية في مواجهة كل المحاولات العدوانية التي بذلها الكيان الإسرائيلي لتدمير المقاومة بدعم كبير ولا مشروط من الولايات المتحدة بالطبع. وبدلاً من إضعافه، ساعدت هذه الاعتداءات على تقوية المقاومة عسكرياً ومعنوياً، بينما تحاول الولايات المتحدة وحليفتها “إسرائيل” مضاعفة جهودهما لتمزيق لبنان إذا كان ذلك سيقضي على المقاومة.

بالإضافة إلى الهجمات المعتادة وخطط الطوارئ، يبدو أن “إسرائيل” تستعد الآن بنشاط لضربة عسكرية ضخمة تستهدف محطات الطاقة النووية الإيرانية وقدرة إنتاج الصواريخ، وفقاً لآخر المعلومات. ويقول رئيس الأركان الصهيوني “آفي كوخافي”: “إن خطط مثل هذه الضربة تسارعت بشكل كبير، وقد حصلت قوات الاحتلال الاسرائيلي على 1.5 مليار دولار إضافية لشراء طائرات حربية وطائرات بدون طيار وقنابل مضادة للتحصينات لاستهداف المنشآت النووية الإيرانية تحت الأرض”.

ولهذا الغرض أجرت “إسرائيل” مناورات عسكرية مكثفة في شمال فلسطين المحتلة، بالتنسيق مع جميع خدمات الطوارئ المدنية للتعامل مع أزمة على الجبهة الداخلية عندما تبدأ الصواريخ في السقوط. ورئيس الوزراء نفتالي بينيت، مثل سلفه نتنياهو، لا ينوي التنازل عن أي شيء للفلسطينيين، باستثناء القليل من فتات السلطة. ولا يرى حاجة للتفاوض ولا حاجة للتنازل عن أي شيء، فلماذا يفعل ذلك عندما يكون لدى “إسرائيل” كملاذ أخير، أسلحة نووية لتدمير أعدائها؟.  ولكن يبدو ان الكيان الإسرائيلي لا يدرك أن أسلحته التقليدية ليست كافية لتدمير أعدائه.

لقد خلق الدعم الاقتصادي والعسكري غير المحدود واللا مشروط من الولايات المتحدة وهم القوة المطلقة لدى “إسرائيل”، لكن أثبتت الأيام أنه لا يوجد شيء اسمه رابطة دائمة لا تتزعزع بين الدول، وعلى الرغم من المظاهر، فلن تكون كذلك بين إسرائيل والولايات المتحدة، اذ بدأ الأمريكيون يستيقظون ويصبحون أقل استجابة لأنين “إسرائيل”.

إن المساعدات الاقتصادية والعسكرية الأمريكية لـ “إسرائيل” هو من دفعها لتتعامل بوحشية وتهدد وتجعل الآخرين في حالة خوف من إرهابه ما عدا محور المقاومة، وكل الاحرار في العالم الذين لا تخيفهم أي تهديدات أو ضغوطات، بل يبقون صامدين ومتيقظين ومستعدين على الدوام للدفاع عن أنفسهم. ويبقى هناك شيء واحد مؤكد، في حال نشبت الحرب القادمة، ستلحق بـ “إسرائيل” هزيمة ساحقة وستلحق بها أضرار أكبر بكثير من أي وقت مضى.