سوء الإدارة وغياب المتابعة يضاعف معاناة الحلبيين لا غاز، لا مازوت، ولا كهرباء !!
البعث الأسبوعية – معن الغادري
أثقلت الأزمات اليومية المعيشية المتلاحقة والمؤجلة التي تمر بها حلب وربما باقي المحافظات كاهل المواطن الحلبي والذي بات يكرس جل وقته بانتظار رسالة الغاز أو واقفاً على أبواب الأفران للحصول على مخصصاته اليومية، أو منتظراً دوره للحصول على باقي المواد المدعومة وخاصة مادة المازوت قبل أن ينتهي فصل الشتاء، ناهيك عن ما أفرزته قضية انقطاع التيار الكهربائي المستمر وزيادة ساعات التقنين إلى أكثر من 12 ساعة مقابل ساعة واحدة وصل، وهو واقع صعب، ضاعف من الأزمات والتي باتت لا تطاق ولا تحتمل في ضوء المتغيرات المناخية الباردة التي بدأت تأثيراتها تظهر على البلاد عموماً .
ويبدو أن هذه الأزمات والتي اعتاد عليها الحلبيون مع قدوم كل فصل من فصول السنة ، تزداد وتتسع في ضوء سوء الإدارة وغياب التنسيق والمتابعة من قبل الجهات الخدمية المعنية في المحافظة والتي ما زالت تتعاطى مع احتياجات ومتطلبات المواطنين بإذن من طين وأخرى من عجين، وهو ما تعكسه الممارسات اليومية غير المسؤولة في إدارة الأزمات سواء ما يتعلق منها بفوضى الأسواق والارتفاع اللحظي للأسعار ، أو بتأخر توزيع مخصصات المازوت وليس انتهاء بتأخر استلام اسطوانة الغاز المنزلي إلى حوالي ثلاثة أشهر بالتمام والكمال ، وهو ما ساعد على انتعاش السوق السوداء وبيع مادتي المازوت الغاز بأسعار خيالية ، حيث بلغ سعر الإسطوانة الواحدة حوالي 100 ألف ليرة وسعر ليتر المازوت الواحد 3000 ليرة ، ولكن يبقى الأمل في انحسار هذه الأزمة بعد الحديث عن زيادة مخصصات المحافظة من المادتين وبما يكفي حاجتها اليومية ، وبما يسهم في المحصلة في كسر الأسعار الرائجة في السوق السوداء .
استغلال النفوذ
أبو سعيد رجل سبعيني يقول مر على استلامي آخر اسطوانة غاز أكثر من سبعين يوما، وما زلت أنتظر دوري ولكن دون جدوى وربما أحتاج إلى شهر إضافي للحصول وربما أكثر في ظل عدم توفر المادة ، وأجد نفسي مضطراً لشراء الاسطوانة من السوق السوداء بسعر 100 أف ليرة وهو يعادل راتب موظف من الفئة الأولى .
بينما شكا جاره من تأخر استلام كمية الخمسين ليتر من مادة المازوت التي لم يستلمها حتى اللحظة والتي لا تكفي أسرته سوى أسبوع ، متسائلاً بحيرة وغصة: كيف لي أن أتدبر أمري باقي أيام الشتاء القارس ، وأنا لا أكاد أستطيع أن أتدبر قوت أسرتي اليومي وفي الحدود الدنيا؟.
السيد م . ح اقترح على فرع محروقات حلب أن يوفر المازوت بالسعر الحر لكل المواطنين القادرين على شراء المادة بسعر 1700 أسوة بالصناعيين ، موضحاً بأن هذا الإجراء كفيل في إنهاء ظاهرة السوق السوداء .
أزمة ثقة وسوء إدارة!
كل الاستطلاعات حول الأزمة أكدت أن سبب تفاقم الأزمة وطول عمر أمدها هو سوء الإدارة من قبل المعنيين وعدم ضبط الأسواق وغياب الرقابة الجدية ، مطالبين بضبط المجموعات التي تقوم بالسمسرة وبيع المواد المدعومة في السوق السوداء وبأسعار خيالية وعلى عينك يا تاجر!.
زيادة المخصصات
مدير المحروقات بحلب المهندس عبد الإله الندمان أوضح أن معمل الغاز يعمل بكل طاقته ويورد كافة الكمية المسالة التي تصل من المصدر وهي حالياً غير كافية لتغطية حاجة السوق “ولكن هناك مساع لزيادة الكمية وبالتالي تخفيض مدة الانتظار لاستلام الأسطوانة إلى أقل من شهرين “.
وبما يخص توزيع مادة المازوت المنزلي بين المهندس الندمان أنه هناك جهود ومساعٍ تبذل حالياً لجهة إمكانية تأمين مادة المازوت بالسعر الحر للمواطنين من فائض المحطات المسموح لها بالبيع ، دون المساس بمخصصات وواردات المحافظة من المصدر ، وأي تقدم في هذه الخطوة سيتم الإعلان عنه رسمياً لإتاحة الفرصة لكل المواطنين بالاستفادة منه ، وبالتأكيد لن يكون محصوراً بفئة محددة ، مشيراً إلى انه تم توزيع حتى الآن ما يفوق 7 ملايين ليتر مازوت منزلي على الأسر المسجلة ، ومؤكداً أن عملية التوزيع مستمرة وبوتيرة عالية وسيتم الانتهاء من الدفعة الأولى في غضون الأيام القلية القادمة .
وتوقع “الندمان” أن يشهد ملف المحروقات في المحافظة انفراجاً ملحوظاً خلال الفترة القريبة جداً، بعد زيادة مخصصات حلب من مادة المازوت ، والغاز المنزلي مما سيهم في تسريع توزيع المادة على المسجلين وفي تخفيض مدة الحصول على اسطوانة الغاز المنزلي, موضحاً أن عدد البطاقات الالكترونية بالمحافظة وصل إلى /809320/ بطاقة، منها /641597/ بطاقة أسرية، و/167723/ بطاقة آليات .
بلا كهرباء
من أزمة الغاز والتي بدأت تأخذ طريقها إلى الانفراج حسب تأكيدات المعنيين ، إلى ملف الكهرباء وزيادة ساعات التقنين ، الأكثر إيلاماً في عز البرد ، حيث دخل هذا الملف مرحلة متقدمة ومعقدة ، في ضوء الانخفاض الحاد في الوارد والتغذية الكهربائية للمحافظة ، وهو ما أنتج واقعاً غير منتظم في التغذية الكهربائية، يضاف إلى كثرة الأعطال الطارئة التي تتعرض لها الشبكة يومياً بسبب الحمولات الزائدة ، ومع ذلك تبذل الشركة العامة للكهرباء عبر فرق عملها وورشاتها جهوداً كبيرة ومضنية نهاراً وليلاً لإصلاح الأعطال فوراً ، إلا أن المشكلة بقيت قائمة والتي تمثلت بزيادة ساعات التقنين ألى أكثر من ( 14 ) ساعة يومياً مقابل ساعة أو ساعتين وصل على أبعد تقدير .
المعنيون في الشركة العامة لكهرباء حلب أوضحوا أن زيادة ساعات التقنين سببه نقص التغذية الكهربائية من المصدر ، والمتزامن مع زيادة الحمولات على الشبكة جراء استخدام الطاقة الكهربائية لأغراض التدفئة المنزلية وغيرها من قبل المواطنين ، خاصة خلال هذه الفترة التي تشهد انخفاضاً ملحوظاً في درجات الحرارة .
وأشار أحد العاملين في الشركة مفضلاً عدم ذكر اسمه إلى أن معظم الأعطال سببها زيادة الحمولة على مخارج التوتر المنخفض ، وهو ما يؤدي إلى ضعف بسيط في التوتر ويتم معالجته فوراً من قبل الورشات الفنية والتي تعمل على مدار الساعة ، داعياً المواطنين إلى التعاون والتخفيف ما أمكن من استهلاك الطاقة الكهربائية لأغراض التدفئة ، بغية انتظام التغذية الكهربائية والتقليل من ساعات التقنين .
ليس آخراً
لم تكن الأيام الأولى من قدوم فصل الشتاء على قدر تطلعات وأماني أبناء حلب الذين صبروا طيلة السنوات الماضية لينعموا بالنصر وبحياة دافئة وهانئة ، فعانوا ما عانوه من أزمات يومية معيشية صعبة وقاسية ، ومع التطمينات التي تؤكد انحسار أزمة الغاز تدريجياً بعد زيادة مخصصات المحافظة من المادة المسالة ، نتمنى أن ينسحب ذلك على باقي الأزمات وخاصة أزمة الكهرباء وترجمة الوعود الحكومية بتأهيل المنظومة الكهربائية في حلب وزيادة وارد التغذية من المصدر لتتمكن المحافظة بمختلف فعالياته من مواكبة حركة التعافي والنهوض ، وإكمال مسيرة البناء والإعمار وبما يتناسب مع مكانة ورمزية حلب التي صمدت وتحدت الإرهاب وانتصرت عليه .
وفي ذات السياق نأمل من الجهات المعنية في المحافظة العمل بروح المسؤولية الوطنية وتصويب مسار العمل نحو تلبية احتياجات المواطنين والتخفيف ما أمكن من معاناتهم المتجددة مع تجار ومرتزقة الأزمات والمنتفعين، ولعل الأهم الذي ينتظره الحلبيون والمواطنون في كل أرجاء الوطن مكافحة كل مظاهر الفساد وتحصين الوطن وحماية مقدراته من العابثين والفاسدين .