اقتصادصحيفة البعث

وزير الصناعة يعيد نعية معمل العصائر “المغضوب”: “لا نأخذ من فلاح ليرتاح ونقع بمشكلة صناعي غير مرتاح”؟!

دمشق – علي بلال قاسم

مع أن التصريح “اللاهب” لوزير الصناعة زياد صباغ أمام المجلس المركزي للعمال (قبل نحو أربعة أشهر)، والقائل: بأنه لا جدوى اقتصادية من إنشاء معمل للعصير في الساحل، قد أثار الكثير من الجدل والامتعاض، لاسيما عند شريحة المزارعين الذين يرون في المشروع بارقة أمل، إلا أن الملف بحكم قدمه وتاريخه لم يكن لينتظر الوزير صباغ ليتلو نعية المعمل الذي لم يولد بعد، سوى حجر أساس وضع في عام 2015 بمدينة اللاذقية، ولم يتغير شيء على الأرض مذاك الحين، ما عدا المزيد من التصريحات والمشاريع على الورق فقط؟!.

يدحض المبررات

مبررات الوزير آنذاك تمحورت حول وجهة نظر لطالما تم تداولها عند الكثير من المختصين بأن أكبر كمية إنتاج من الحمضيات ليست للعصير وإنما للمائدة، وهذا ما لم تكن له آذان صاغية عند الكثيرين في ظل وجود 3 معامل للقطاع الخاص تنتج العصائر من الحمضيات السورية، ما يدحض الكلام المتعلق بنوعية حمضياتنا غير العصيرية، في وقت انتقل التهامس إلى العلن في كثير من المنصات والندوات والمقالات والتصريحات بأن ثمة يداً “ضاربة”، قوامها رجال أعمال ومال، وشركاؤهم من المتنفذين والمسؤولين الذين لم يضعوا يد البركة على المشروع الحكومي الممنوع وغير المرغوب، حتى مع إعلان أحد رجال الأعمال المقتدرين والمتنفذين عام 2019 عن حصوله على رخصة لإنشاء معمل عصائر في الساحل، ما زاد القضية تعقيداً وغموضاً لجهة العداوة المبطنة والمعلنة للمعمل.

لا شك أن المعمل الحكومي “المغضوب” هو الأول من نوعه في الساحل السوري، وذلك بعد مطالبات عديدة من المزارعين منذ سنوات لإنشاء معمل عصائر في المنطقة، وتصريف المحصول لجغرافيا زراعية تعاني من تكدس بعض المحاصيل بسبب كثافة الإنتاج، وقلة عملية التسويق أو بيع المنتج، بالتزامن مع الصعوبات التي يعاني منها مجال التصدير.

إذاً.. لماذا؟!

اليوم يجد وزير الصناعة نفسه أمام مأزق الحشرية الصحفية “وفي عقر دار الإعلام”، حيث منبر الوزراء للتوجه للرأي العام كما خطط حكومياً، ليعترف باللغط الذي أفرزه تصريحه السابق تحت يافطة “المعمل غير مجد”، وبالتالي بات لزاماً توضيح الصورة، وفق تعبيره، من بوابة التصور الذي حاول إيصاله، ومفاده أن للحمضيات اهتماماً حكومياً كبيراً لمحصول يوصف بالاستراتيجي “كنوع من ذر الرماد في العيون في الخطابات التنفيذية”، لأنه رسمياً وتطبيقياً “لا استراتيجي ولا هم يحزنون” بدلالة حرمانه من الدعم من المدخلات وحتى المخرجات، وبالتالي يعود صباغ للقول: إن النهج يتركز على التشاركية لتشغيل المواقع الإنتاجية، في زمن لا يمكن تحييد الكلف الاستثمارية لهكذا منشآت تحتاج لسلسلة متكاملة، و3 معامل خاصة رقم لابأس به قياساً لكميات الحمضيات الموجودة والمستجرة، ليطفو السؤال: مادامت المعامل الثلاثة تكفي، لماذا تتكرر أزمة التسويق، ويتكدس الإنتاج، ويصبح هماً على قلب صاحبه؟!.

رغم التعويل!

ومع ذلك يعوّل الوزير على مساعي الأصدقاء لإقامة معمل للحمضيات العصيرية، وهذا ما يذكرنا بما كشفته المؤسسة العامة الغذائية في آذار 2021 عن نيتها إعادة إحياء المعمل في الساحل، وطرح المشروع على شركة “بنياد المستضعفين” الإيرانية، ولم يتحرك شيء حتى الآن، علماً أنه أعلن عن المشروع 6 مرات داخلياً ولم يتقدم أحد، وتم اللجوء إلى طلب عروض بالمراسلة لإجراء عقد بالتراضي عدة مرات ولم يتقدم أي عارض للمشروع الذي حدد مكانه في موقع الشركة العامة لصناعة الأخشاب على مساحة 40 دونماً، بطاقة سنوية 150 ألف طن، و200 طن مكثفات استوائية.

مرة أخرى لا جدوى!

بدا الوزير مصراً على أهمية المحفزات المتعلقة بالتصدير لمنتج الحمضيات إلى دول الجوار، وأن ذلك باهتمام حكومي متكامل مع وزارات: الزراعة والاقتصاد والإدارة المحلية لتوضيب وفرز الحمضيات عبر منشآت تعنى بقواعد التصدير المتعلقة بالاعتمادية والأثر المتبقي، وينهي الحديث بما بدأه: “لا جدوى تفي نفسها، العملية تحتاج لتأن بين حلقات الإنتاج، إذ لا نستطيع أن نأخذ المنتج من الفلاح ليرتاح، ثم نقع بمشكلة الصناعي غير المرتاح”، هذه هي إفادة الوزير كما تصورها، فهل وضحت الصورة؟!.. والكلام دائماً لأبرز مسؤول صناعي حكومي وليس غيره، اللهم هل بلغت يا مزارع؟!.