مجلة البعث الأسبوعية

إعادة غلي المياه عادة ضارة تهدد صحتنا.. ولا بد من التوقف عنها؟

كثيرون منا لا يفكرون ملياً قبل ملء إبريق أو غلاية المياه عن آخرها، ثم يعيدون تسخينها خلال اليوم أكثر من مرة كلما رغبوا في مشروب ساخن جديد، على اعتقاد منهم أنهم بذلك يوفرون خطوة إضافية لا حاجة لها.

وبالرغم من شيوع هذه العادة بين الكثيرين، خاصة في منازل الأسر الكبيرة، أو مكاتب العمل، والأماكن المليئة بالناس، لكن اتضح أن القيام بذلك يعرضنا لبعض المخاطر الصحية الخطيرة وفقاً لخبراء الصحة.

 

ما الذي يحدث عند إعادة غلي المياه؟

عند إعادة غلي الماء النقي الذي يتم استخراجه من البحيرات العذبة أو الآبار الطبيعية تظل كيمياء المياه دون تغيير، وفقاً لمجلة “ملاحظات علمية”.

إذ تبدأ عملية غلي المياه بسائل نقي وتنتهي أيضاً بالماء النقي، بغض النظر عن عدد مرات غليها، لذلك فإن الماء المقطر، وماء الترشيح الفائق، نقيان بدرجة كافية، بحيث لا يتأثران بإعادة الغليان.

ومع ذلك، يتغير التركيب الكيميائي لمياه الشرب المُباعة في الأسواق، والمياه المعدنية، ومياه الفلاتر المنزلية، عند إعادة غليها وتسخينها، لأن الماء يحتوي على مركبات أخرى بالفعل؛ وذلك لأننا عندما تغلي الماء يتبخر بعضه، ما يؤدي إلى تركيز المواد الكيميائية المتبقية، لكن هذا لا يمثل مشكلة صحية مع مياه الشرب النظيفة، على الرغم من أن إعادة غلي الماء العسر قد تؤدي إلى رواسب بيضاء طباشيرية داخل الغلاية وسخان الماء الساخن.

ومع ذلك فإن إعادة غلي الماء الغني بالكالسيوم (الماء العسر أو المياه المعدنية) قد تكون مصدر قلق للأشخاص الذين يعانون من حصوات المرارة أو حصوات الكلى أو التهاب المفاصل أو تصلب الشرايين.

 

القابلية للاستهلاك البشري

بدايةً، تحتوي معظم مياه الصنابير في دول العالم على مركبات كيميائية طبيعية، وهي المواد التي يتغير تكوينها عند غليها لأول مرة. وهذا مبدئياً يُعد شيئاً جيداً، لأنه يقتل أي جراثيم وبكتيريا موجودة في الماء.

ومع ذلك، عند إعادة غلي المياه تتراكم الغازات والمعادن المذابة التي خضعت للتحول الكيميائي وتصبح أكثر سمية بشكل جذري.

وتوضح جولي هاريسون من “منظمة تحسين صحتك” إن “المواد الكيميائية الموجودة في الماء تتركز عند إعادة التسخين والغليان، مؤدية إلى تراكم أشياء مثل النترات والزرنيخ والفلورايد”.

وتتابع: “في كل مرة تقوم فيها بإعادة غلي المياه فإن هذه المركبات الكيميائية تصبح أكثر تركيزاً، وبالتالي لا ينبغي استهلاكها أبداً من خلال الجسم، لأنه لا يقوم بالاستفادة منها، أو حتى يستطيع التعامل معها عبر تحليلها”.

 

أضرار صحية  

تم ربط المواد الكيميائية التي تتركز في المياه مُعادة الغليان والتسخين لأكثر من مرة بأمراض مثل اللوكيميا وسرطان الغدد الليمفاوية، بالإضافة إلى أنواع مختلفة من السرطان.

وفي الوقت نفسه يتراكم الزرنيخ أو الرصاص في تلك المياه إذا ما كان هناك تلوث ولو طفيفاً في أنابيب نقل وتوصيل المياه، أو كانت مصادر المياه مُحاطة بأراضٍ زراعية تستخدم المبيدات الكيميائية لزراعة المحاصيل؛ وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى الإصابة بالسرطان وأمراض القلب والعقم ومشاكل عصبية نتيجة التسمم بالزرنيخ.

ومع أن بعض المعادن الموجودة بشكل طبيعي مفيدة لنا عند استهلاكها بجرعات صغيرة، مثل أملاح الكالسيوم، لكنها يمكن أن تكون ضارة للغاية عند إعادة غليها، وقد تؤدي إلى حصوات في الكلى والمرارة.

علاوة على ما سبق، فإن زيادة مستوى الفلورايد أيضاً يمكن أن يكون لها آثار ضارة على النمو الإدراكي والعصبي عند الأطفال، إذا ما قاموا باستهلاك طعام مُعد بالمياه مُعادة التسخين والغليان.

 

التأثير على مذاق المشروبات

رغم أن مشكلة التأثير على مذاق المشروبات  ليست ضمن اعتبارات السلامة، إلا أن استخدام الماء المغلي قد يؤثر على نكهة القهوة أو الشاي أو أي مشروبات تقوم بتحضيرها بالمياه معادة التسخين والغليان؛ وذلك لأن المياه العذبة تحتوي على الكثير من فقاعات الهواء الصغيرة، لكن عندما تقوم بغلي المياه أكثر من مرة فإن الغازات المذابة تزيد قليلاً من حموضة الماء، ما يؤدي لإزالة تلك الجزيئات اللذيذة التي تجعل المشروبات أشهى.

لذلك، من الأفضل صنع القهوة أو الشاي بالماء البارد والطازج، ومع أنه تغيير بسيط في المذاق لكن من المحتمل أن قلة قليلة من الناس يمكنهم الانزعاج من هذا التغيير، ويلاحظون الفارق إذا ما تم استخدام المياه العذبة، أو ما إذا كنت تعيد غلي المياه لتحضير المشروب.