مجلة البعث الأسبوعية

العالم على موعد مع تكنولوجيات مدهشة في العام 2022.. تبريد الأرض وزراعات عمودية وزراعة عظام ثلاثية الأبعاد!!  

كان التطور السريع المذهل لإطلاق لقاحات فيروس كورونا في 2021 بمثابة تذكير بقوة العلم والتكنولوجيا في تغيير مستقبل البشرية والعالم. وعلى الرغم من أن اللقاحات التي تعتمد على تقنية “mrna” الجديدة (لقاحات الحمض النووي الريبوزي)، تم إنشاؤها بشكل سريع تقريباً، فإنها في الواقع اعتمدت على عقود من الأبحاث تعود إلى سبعينيات القرن الماضي، كما يقول تقرير لمجلة “الايكونوميست” البريطانية. وفي صناعة التكنولوجيا، لا شيء ينجح بين عشية وضحاها كما قد يكون ظاهراً لدى البعض، بل إن الأمر يستغرق بالأساس سنوات فعلياً للوصول لتلك اللحظة.

والآن، ما الذي قد يكون على وشك الظهور في الصدارة خلال العام القادم، 2022؟

هناك 10 تقنيات علمية وهندسية ناشئة تستحق المراقبة في العام المقبل، وستخدم البشرية بشكل كبير.

 

– الهندسة الجيولوجية الشمسية: تبريد الأرض بنثر غبار كيميائي في الجو

إذا كان العالم يزداد سخونة بسبب الاحترار المناخي، فلماذا لا نقدم له بعض الظل؟

من المعروف أن الغبار والرماد المنبعثين من الغلاف الجوي العلوي بواسطة البراكين الطبقية لهما تأثير تبريد: ثوران جبل بيناتوبو في عام 1991 أدى إلى تبريد الأرض بما يصل إلى 0.5 درجة مئوية لمدة أربع سنوات. وبالتالي فإن الهندسة الجيولوجية الشمسية، المعروفة أيضاً باسم إدارة الإشعاع الشمسي، ستفعل الشيء نفسه عمداً.

ربما يقول البعض: هذا مثير للجدل بشكل كبير. هل سينجح؟ كيف ستتأثر أنماط هطول الأمطار والطقس؟ ألن تقوّض الجهود المبذولة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري؟ تواجه الجهود المبذولة لاختبار الفكرة معارضة شرسة من السياسيين والنشطاء. ومع ذلك، في عام 2022، تأمل مجموعة الباحثين بجامعة هارفارد إجراء تجربة تأخرت كثيراً تسمى “سكوبكس”. وتتضمن هذه التجربة – التي تُعرف أيضاً بتقنية تعتيم الشمس – أن تعكس ضوء الشمس من الغلاف الجوي إلى الأرض، ما يؤدِّي إلى تأثير تبريدٍ عالمي.

وتهدف تجربة تشويش الستراتوسفير الخاضع للتحكُّم، والتي أطلقها علماء جامعة هارفارد، إلى فحص هذا الحل عن طريق نثر غبار كربونات الكالسيوم غير السام في الغلاف الجوي، وهو رذاذٌ عاكس للشمس قد يحد من آثار الاحتباس الحراري.

ويجادل المؤيدون للفكرة المجنونة، التي يعد أحد أبرز مموليها الملياردير بيل غيتس، أنه من المهم فهم التقنية، في حالة الحاجة إليها لشراء مزيد من الوقت للعالم، لخفض الانبعاثات التي تؤدي إلى التغير المناخي.

 

– المضخات الحرارية كمصدر للطاقة

يمثل الحفاظ على دفء المباني في الشتاء نحو ربع الاستهلاك العالمي للطاقة. تعتمد معظم تقنيات التدفئة على حرق الفحم أو الغاز أو الزيت. وإذا كان للعالم أن يحقق أهدافه المتعلقة بتغير المناخ، فسيتعين عليه البحث عن مصادر طاقة نظيفة كذلك. ويعد البديل الواعد هو استخدام المضخات الحرارية، وهي في الأساس ثلاجات تعمل في الاتجاه المعاكس، إذ يمكن قول إنَّ مكيف الهواء والثلاجات من الأنواع الشهيرة للمضخة الحرارية، ولكن لفظ المضخة الحرارية يمكن تطبيقه على العديد من أجهزة التدفئة والتهوية ومكيفات الهواء المستخدمة لتسخين أو تبريد مساحة معينة.

وبدلاً من ضخ الحرارة من مكان ما لتبريده، تدفع المضخة الحرارية الحرارة من الخارج، ما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارتها؛ نظراً إلى أنها تقوم فقط بتحريك الحرارة الموجودة حولها. ويمكن أن تكون هذه التقنية ذات كفاءة عالية: مقابل كل كيلو واط من الكهرباء المستهلكة، يمكن لمضخات الحرارة توفير 3 كيلو واط من الحرارة، ما يجعلها أرخص في التشغيل من المشعات الكهربائية. وتشغيل المضخة الحرارية للخلف يبرد المنزل بدلاً من تسخينه.

وتعد شركة “غراديينت” ومقرها في سان فرانسيسكو، واحدة من عدة شركات تقدم مضخة حرارية يمكنها توفير كل من التدفئة والتبريد. إذ يمكن تركيب منتجاتها منخفضة المستوى في المنازل، مثل مكيفات الهواء الحالية، وستطرح للبيع في عام 2022.

 

– الطائرات العاملة بالهيدروجين

كهربة النقل البري شيء واحد، أما الطائرات فمسألة أخرى. إذ يمكن للبطاريات تشغيل الطائرات الصغيرة فقط للرحلات القصيرة. ولكن هل يمكن للكهرباء من خلايا وقود الهيدروجين، التي تفرز الماء فقط، أن تفي بالغرض؟

تشمل طائرات الركاب المقرر اختبارها بخلايا وقود الهيدروجين، في عام 2022، طائرة ذات مقعدين يتم بناؤها في جامعة دلفت للتكنولوجيا بهولندا. وتخطط شركة “زيروآفيا” ومقرها كاليفورنيا، لاستكمال تجارب طائرة تتسع لـ 20 مقعداً، وتهدف إلى جعل نظام الدفع الهيدروجيني الخاص بها جاهزاً للاعتماد بحلول نهاية العام. وتأمل شركة “يونيفرسال هيدروجين” – وهي أيضاً من كاليفورنيا- أن تقلع طائرتها التي تتسع لـ 40 مقعداً، في أيلول 2022.

 

– التقاط الهواء المباشر

يتسبب ثاني أكسيد الكربون بالغلاف الجوي في الاحتباس الحراري. فلماذا لا يتم امتصاصه باستخدام الآلات؟

تسعى العديد من الشركات الناشئة إلى التقاط الهواء المباشر (dac)، وهي تقنية تقوم بذلك بالضبط. في عام 2022، ستسعى شركة “كاربون انجينيرنغ”، وهي شركة كندية، نحو هذه التقنية، وسوف تبدأ بناء أكبر منشأة (dac) في العالم بولاية تكساس، قادرة على التقاط مليون طن من ثاني أكسيد الكربون في السنة.

ويمكن أن تكون تقنية dac حيوية في مكافحة تغير المناخ، والسباق نحوها مستمر لخفض التكاليف وتوسيع نطاق هذه التكنولوجيا، حيث افتتحت أيضاً شركة “كلايموورك”، وهي شركة سويسرية، منشأة (dac) بآيسلندا في عام 2021، كما تمتلك شركة “غلوبال ترموستات”الأمريكية مصنعين تجريبيين لالتقاط ثاني أكسيد الكربون.

 

– الزراعة العمودية (الرأسية)

تعتبر الزراعة العمودية نوعاً جديداً من الزراعة بات ينمو بشكل قوي في العالم خلال السنوات الأخيرة.

تزرع المزارع العمودية النباتات على طبقات مكدسة في بيئة مغلقة ومحكمة. وجعلت إضاءة led التوفيرية فعالية هذه العملية أرخص، على الرغم من أن تكاليف الطاقة تظل عبئاً بشكل عام. ويمكن إقامة المزارع العمودية أو “الرأسية”، بالقرب من العملاء، مما يقلل من تكاليف النقل والانبعاثات. كما يمكن لهذه التقنية التقليل من استخدام المياه وإبعاد الحشرات، لذلك لا توجد حاجة للمبيدات الحشرية.

وفي بريطانيا، ستفتتح شركة “جونز” للأغذية أكبر مزرعة رأسية في العالم، تغطي 13.750 متراً مربعاً، في عام 2022. كما ستفتتح شركة “آيروفارمس”، وهي شركة أمريكية، أكبر مزرعة عمودية في دانفيل، بفيرجينيا. وسوف تتوسع الشركات الأخرى أيضاً باستخدام هذه التقنية.

وتستخدم الأفكار الحديثة للزراعة العمودية تقنيات الزراعة الداخلية وتقنيات الزراعة البيئية (CEA)، حيث يمكن التحكم في جميع العوامل البيئية. وتستخدم هذه المرافق التحكم الاصطناعي للضوء والتحكم البيئي (الرطوبة ودرجة الحرارة والغازات) والتسميد. تستخدم بعض المزارع العمودية تقنيات مشابهة للدفيئات، حيث يمكن زيادة ضوء الشمس الطبيعي بواسطة الإضاءة الاصطناعية والعاكسات المعدنية.

وتزرع المزارع العمودية في الغالب الخضراوات الورقية والأعشاب عالية القيمة، لكن البعض يغامر بزراعة الطماطم والفلفل والتوت. والتحدي الآن هو جعل اقتصاد المزارع العمودية متراكماً أيضاً وأكثر انتشاراً.

 

– سفن الشحن الشراعية

تنتج السفن 3% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. كما يساهم حرق وقود السفن البحرية، وهي مخلفات ديزل قذرة، في هطول الأمطار الحمضية. ومن أجل تقليص الانبعاثات الكربونية إلى النصف، بدأ التنافس على إيجاد تكنولوجيا جديدة كعودة السفن الشراعية، بشكل عالي التقنية، لخفض التكاليف والانبعاثات، وذلك عبر تحويل الآلاف من أساطيل الشحن حول العالم إلى سفن شراعية صديقة للبيئة، مما سيساهم بتقليص انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من السفن إلى النصف.

وفي عام 2022، ستقوم شركة “ميشلان” الفرنسية بتجهيز سفن شحن شراعية قابل للنفخ، من المتوقع أن تقلل من استهلاك الوقود بنسبة 20%.

كما تخطط “مول”، وهي شركة شحن يابانية، لوضع أشرعة صلبة على سفنها في آب 2022. فيما تتوقع شركة “ناوس ديزاين أف ايتالي” الإيطالية تجهيز ثماني سفن شحن بـ “أشرعة الجناح” الصلبة والقابلة للطي.

وبحلول نهاية عام 2022، سيكون عدد سفن الشحن الكبيرة ذات الأشرعة قد تضاعف أربع مرات إلى 40، إذا أدخل الاتحاد الأوروبي هذا الأمر بمخططه لتجارة الكربون في عام 2022، ما سيعطي دفعة إضافية لهذه التقنيات غير العادية.

 

– لقاحات فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) والملاريا

يبشر النجاح الباهر للقاحات فيروس كورونا المستندة إلى تقنية “mrna” الجديدة (لقاحات الحمض النووي الريبوزي) بعصر ذهبي لتطوير اللقاحات المختلفة. وتقوم شركة موديرنا بتطوير لقاح ضد فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) يعتمد على تقنية mrna نفسها المستخدمة في لقاح فيروس كورونا عالي الفعالية.

ودخلت الشركة في مرحلة مبكرة من التجارب السريرية في عام 2021، ومن المتوقع أن تظهر النتائج الأولية في عام 2022. كما تعمل “بيونتيك”، المطور المشترك للقاح فيروس كورونا “بفايزر-بيونتيك”، على لقاح mrna لمرض الملاريا، ومن المتوقع أن تبدأ التجارب السريرية في عام 2022.

 

– زراعة العظام بطباعة ثلاثية الأبعاد

لسنوات، طوَّر الباحثون تقنيات لإنشاء أعضاء اصطناعية باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد للمواد البيولوجية. والهدف النهائي هو أخذ بضع خلايا من المريض وإنشاء أعضاء تعمل بكامل طاقتها للزرع، وبالتالي التخلص من قوائم الانتظار الطويلة واختبارات التطابقات وخطر الرفض.

وهذا الهدف لا يزال بعيد المنال بالنسبة للأعضاء اللحمية. لكن العظام أقل صعوبة. وتأمل شركتان ناشئتان، وهما “بارتكل ثري دي” و”آدام” في الدنمارك، الحصول على عظام مطبوعة ثلاثية الأبعاد متاحة للزرع البشري في عام 2022.

تستخدم الشركتان المعادن القائمة على الكالسيوم لطباعة العظام بشكل ثلاثي الأبعاد، والتي يتم تصنيعها للقياس بناءً على فحوصات التصوير المقطعي المحوسب للمرضى. وجدت تجارب شركة “بارتكل ثري دي” على الخنازير والفئران أن نخاع العظام والأوعية الدموية نمت في غرساتها بغضون ثمانية أسابيع. تقول شركة “آدام” إن غرساتها الثلاثية المطبوعة تحفز نمو العظام الطبيعي وتتحلل بيولوجياً تدريجياً، وفي النهاية يتم استبدالها بنسيج عظام المريض. إذا سارت الأمور على ما يرام، يقول الباحثون إن الطباعة ثلاثية الأبعاد الأوعية الدموية وصمامات القلب ستكون هي التالية.

 

– سيارات الأجرة الكهربائية الطائرة

لطالما كان يُنظر إلى سيارات الأجرة الطائرة، ذات الإقلاع والهبوط العمودي، على أنها شيء خيالي، لكن الصناعة الوليدة تزداد جدية. وستقوم العديد من الشركات حول العالم بتكثيف الرحلات التجريبية في عام 2022 بهدف الحصول على اعتماد طائراتها للاستخدام التجاري في العام أو العامين التاليين.

وتخطط شركة “جوبي افييشين” الأمريكية، ومقرها كاليفورنيا، لبناء أكثر من اثنتي عشرة من مركباتها ذات الخمسة مقاعد، والتي يبلغ مداها 150 ميلاً.

كما تهدف شركة “فولوكوبتر” الألمانية إلى توفير خدمة سيارات الأجرة الجوية في أولمبياد باريس 2024. والمنافسون الآخرون على هذه التقنية هم شركات “إيهانغ” و”ليليوم”، و”فيرتيكال ايروسبيس”، لذا فلنراقب السماء في عام 2022.

 

– تقنية الميتافيرس

الميتافيرس، صاغ هذه التقنية أول مرةٍ نيل ستيفنسون، في عام 1992، في روايته “انهيار ثلجي”. وتشير كلمة “ميتافيرس” إلى عالم افتراضي دائم، يمكن الوصول إليه عبر نظارات خاصة، حيث يمكن للناس الالتقاء، والمغازلة، وممارسة الألعاب، وشراء الأشياء وبيعها، وغير ذلك الكثير عبر هذه التقنية.

ويشير عام 2022 إلى اندماج ألعاب الفيديو والشبكات الاجتماعية والترفيه لخلق تجارب جديدة وغامرة عبر الميتافيرس. وتعد ألعاب مثل “مينكرافت”، و”روبلوكس”، و”فورنايت” بمثابة نقاط انطلاق إلى وسيط جديد ناشئ. ومؤخراً، أعادت شركة فيسبوك تسمية نفسها بـ “ميتا” للاستفادة من الفرصة، في محاولة لصرف الانتباه عن مشاكلها الأخرى الكبيرة.

ويعتقد كثير من الخبراء أن الميتافيرس قد يصبح الثورة القادمة في مستقبل الإنترنت، بل إن ثمة اعتقاداً بأن مقارنة الميتافيرس بالواقع الافتراضي المستخدم في الألعاب حالياً ربما تشبه مقارنة الهواتف الذكية بالجيل الأول من الهواتف المحمولة الضخمة التي أُنتجت في ثمانينيات القرن الماضي.