دراساتصحيفة البعث

البنتاغون لا يعاقب قتلة المدنيين!

سمر سامي السمارة 

أعلن البنتاغون الاثنين الماضي أنه لن تتمّ معاقبة العسكريين الأمريكيين الذين شاركوا في الغارة الجوية التي أسفرت عن مقتل 10 مدنيين بينهم سبعة أطفال في كابول في نهاية شهر آب خلال انسحاب القوّات الأجنبيّة من أفغانستان.

وعندما سُئل عما إذا كان أي شخص سيخضع للمساءلة بشأن هجوم 29 آب الذي أسفر عن مقتل “إزميراي أحمدي” -الذي كان يعمل مع منظمة “التغذية والتعليم الدولية” غير الحكومية- وتسعة من أقاربه بينهم أطفال لا تتجاوز أعمارهم سنتين، صرح المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي خلال مؤتمر صحفي يوم الاثنين الماضي إن “ما حدث كان خللاً في عمليّة اتّخاذ القرار والتنفيذ، ولم يكن نتيجة إهمال أو خطأ أو قيادة سيئة”.

رداً على ما أعلنه البنتاغون، قالت “كاثي كيلي” ناشطة السلام الأمريكية، وواحدة من الأعضاء المؤسّسين في “أصوات في البرية”، والمنسّقة المساعدة في الوقت الحالي إن الهجمات الأمريكية التي تقتل المدنيين كانت روتينية، لكن الجانب غير العادي لهجوم 29 آب هو أن وسائل الإعلام الدولية كشفت مقتل مدنيين والادعاءات الأولية الخبيثة بأن هذا كان هجوماً لغايات إنسانية.

وفقاً للنهج الراسخ المتعلّق بإنكار الولايات المتحدة المتكرر لوجود أضرار تلحق بالمدنيين جراء الضربات الجوية الأمريكية، وصف رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي القصف الفاشل أولاً بأنه “ضربة صحيحة” استهدفت سيارة يُعتقد أنها تنقل متفجرات. وزعمت القيادة المركزية الأمريكية أن الضربة أفضت عن انفجارات ثانوية كبيرة من السيارة، ما يشير إلى وجود كمية كبيرة من المواد المتفجرة.

وأكد متحدث باسم البنتاغون: “نحن واثقون من أننا ضربنا الهدف بنجاح”، مدعياً أن الهجوم أحبط تهديداً وشيكاً لـ”داعش” -في مطار حامد كرزاي الدولي- في إشارة إلى ما يُسمّى بفرع “خراسان” التابع لـ”داعش”.

غير أن التحقيقات التي أجرتها “نيويورك تايمز”، و”واشنطن بوست” كشفت عدم وجود متفجرات في سيارة أحمدي، وأن الرجل الذي أثار “الريبة” والأشخاص الذين معه كانوا يحملون أوعية المياه في السيارة.

وفي مقابلة مع صحيفة “التايمز”، وصف مؤسّس ورئيس منظمة “التغذية والتعليم الدولية” ستيفن كوون قرار البنتاغون رفض معاقبة العسكريين الذين شاركوا بالغارة الجوية بأنه “صادم”، وتساءل: “كيف يمكن لجيشنا أن يودي خطأً بأرواح 10 مدنيين دون التعرض لأي نوع من الحساب والمساءلة؟”.

في الحقيقة، المساءلة والعقاب حيال الضحايا المدنيين هي الاستثناء النادر للقاعدة في الجيش الأمريكي، التي قتلت ما يقدّر بنحو 900000 رجل وامرأة وطفل خلال ما يُسمّى بالحرب على الإرهاب التي استمرت 20 عاماً وملايين المدنيين منذ شنّ حرب نووية على اليابان عام 1945.

كما قالت كاثي كيلي ناشطة السلام: “كشف دانيال هيل وهو محلّل مخابرات سابق في وكالة الأمن القومي الأمريكية عن السياق الأوسع الذي يجب على البنتاغون أن يعترف به، حين بلّغ عن مخالفات الطائرات المسيّرة التي أدت لمقتل مدنيين أبرياء في 90٪ من الغارات خلال فترة خمسة أشهر”.

يُذكر أنه حُكم على هيل بالسجن لأربع سنوات، لمشاركته مع صحفي معلومات سرية حول برنامج اغتيال الولايات المتحدة باستخدام طائرات مسيّرة، شأنه شأن سلسلة طويلة من المبلّغين عن المخالفات أمثال دانييل إلسبيرغ، وجوليان أسانج، وجون كيرياكو، وتشيلسي مانينغ، والعديد من الأشخاص الذين سُجنوا لفضحهم جرائم الحرب التي يُفلت مرتكبوها دائماً من العقاب، وأحياناً تتمّ مكافأتهم!.