مجلة البعث الأسبوعية

 السلة في اللاذقية ما بين ماض مشرق وواقع صعب…إهمال الأندية وآليات الاحتراف أوقفا تألقها

البعث الأسبوعية – خالد جطل

عاشت كرة السلة في اللاذقية فترة ذهبية انتشرت فيها بين أندية المحافظة التي تسابقت للاهتمام بها لما حصدته من متابعة جماهيرية ، لكنها في فترة لاحقة بقيت تصارع طويلاً محاولات التهميش وكادت أن تنتهي كما انتهت كرتا اليد والطائرة لتعود مؤخراً إلى قطبي رياضة اللاذقية “حطين وتشرين” حيث تم تنشيطها بالمراحل العمرية لتصل إلى فرق الرجال والسيدات ، ففي تشرين تألق فريق السيدات وبات منافساً وبقوة على اللقب في ثاني موسم له بين الأقوياء ولدى الجار حطين عاد فريق الرجال لدوري الدرجة الأولى بعد موسمين من المنافسة بدوري الثانية، وهذا يبشر بالخير بأن كرة السلة اللاذقانية ستعود بقوة لتستعيد تاريخها بعد أن بدأت باستعادة عافيتها بالتدريج .

تاريخ مشرق

يجهل الكثير ممن يتابع الرياضة في اللاذقية أن كرة السلة كان لها تاريخ مضيء ، ولا نبالغ إن قلنا أنها كانت اللعبة الأولى والأكثر جماهيرية بين الأندية حيث كانت تمارس بأكثر من ناد وتقام لها بطولات تحظى باهتمام رسمي وشعبي، وفي لقاء  مع الخبرة الرياضية مروان مينة ابن لعبة كرة السلة والذي سبق له ممارستها لاعباً وإدارياً ومدرباً وعضو اتحاد وحكم دولي وعضو لجنة تنفيذية ورئيس نادي حطين لأكثر من مرة، كشف أن دخول كرة السلة إلى اللاذقية  يعود إلى خمسينيات القرن الماضي عن طريق المربي والمدرب الراحل ديكران اسكاجيان وكان له الفضل الأكبر بانتشارها توسيع قاعدتها بنادي “الحرية” سابقاً  تشرين حالياً و”الساحل” حطين حالياً ونادي الشرق ، كما برز لاعبون من حطين  وتشرين ودعي الكثير منهم لمنتخبات الشباب والرجال ومنهم طارق زربا وسامر إمام ومحمد دغمان وأسامة بركات وبلال الطاج ورامي عيسى وكلود بصمه جي وسومر خوري وطارق منى وزياد خشفة وآخرين.

وأشار مينة إلى أن القائمين على لعبة السلة هم جنود مجهولين أنديتهم ويعملون ضمن إمكانيات سيئة جداً وشحيحة وهم ينحتون في الصخر، إضافة لافتقارها للصالات والتجهيزات وعدم وجودها بالمدارس وغياب الدعم المادي والإداري من الأندية.

اتحاد اللعبة والتراجع

أما المهندس ياسين حنونة الخبرة الرياضية السلوية ورئيس نادي حطين سابقاً فيرى أن اللعبة عاشت أفضل حالتها قبل عملية دمج الأندية، مؤكداً أن كرة السلة في اللاذقية كانت تمارس بعدة أندية وهي” الحرية، اللاذقية، الشرق، الهومنتمن، الساحل” إضافة لنادي العربي الذي كانت اللعبة تمارس به لكن بدرجة أقل ومستويات فرقه لم تكن بمستوى باقي فرق المحافظة، كما أن البطولات الخاصة باللعبة كانت تشهد منافسة قوية ومستويات عالية والذي انعكس إيجابياً على واقع اللعبة في القطر ككل.

ولفت حنونة إلى أن تراجع كرة السلة بدأ مع عملية دمج الأندية والذي أدى لقتل معظم الألعاب الجماعية لتنحصر اللعبة بين ناديي تشرين وحطين وهبط مستواها والاهتمام بها وقلت بطولاتها على مستوى المحافظة وهذا ترافق مع تراجع الرياضة المدرسية التي كانت بمرحلة سابقة رافدة للأندية والمنتخبات الوطنية.

وحمّل حنونة اتحاد كرة السلة مسؤولية تراجع اللعبة على مدار سنوات مضت عندما أهمل بطولات المراحل العمرية ونسي إقامة بطولات أو دوريات لها واعتمد فقط على بطولة الرجال ولو عمل الاتحاد على إضافة نقاط هذه البطولات لنقاط الرجال لزاد الاهتمام بها من قبل الأندية ولرأينا تطوراً للعبة.

وأضاف حنونة: ضعف معظم مدربي المراحل العمرية حالياً ساهم بتراجع اللعبة ولا بد من تعيين أفضل المدربين لهذه المراحل كونها نقطة البداية والانطلاق باللعبة وكلما كان المدرب أكثر خبرة وتاريخاً باللعبة كان الأقدر على تقديم المعلومة الدقيقة للاعب الناشئ.

خطط وبرامج

المدرب رامي فضلية المشرف على كرة السلة بنادي التضامن والذي أحدث نقلة نوعية باللعبة على مستوى المحافظة عندما قاد فريقه للتتويج بلقب كأس الاتحاد وبطولة الدوري لفئة الإناث  شدد على أن نجاح أي نشاط يرتبط بخطة عمل مدروسة يتم تطبيقها وفق تخطيط مسبق وهو ما قام به النادي في مدرسة خاصة لنا حيث تم اختيار مجموعة من اللاعبين واللاعبات ووضع أهداف لتحقيقها وبعد فترة من العمل تم تنسيب الجميع لنادي التضامن وكان السعي لخلق جيل من اللاعبين المتميزين من خلال برامج تدريبية إضافة لإقامة مباريات ودية ومعسكرات للجنسين ثم إشراكهم ببطولات المحافظة.

ولفت فضلية إلى أن ما حدث لم يكن طفرة بل كان خطة عمل تم تطبيقها بنجاح وإمكانية تكرارها واردة بحيث يتم العمل من القواعد إلى المراحل الأكبر سناً وفي عملنا علينا أن نستبعد كلمة مستحيل وأننا غير قادرين ونبذ أي فكر سلبي .

دور الاحتراف

نجم منتخبنا الوطني وتشرين السابق سومر خوري يرى أن اللعبة عاشت أفضل حالاتها بالعصر الحالي ما بين عامي 2003 و2005 وهذا كان بفضل إدخال اللاعبين العرب ثم الأجانب للمشاركة مع فرقنا المحلية، ما أعطى بعداً أكبر للمنافسة وتطوير المستوى الفني والبدني لمعظم الفرق بتلك المرحلة ، وتابع خوري: بالنسبة لنا في تشرين ووفقاً لإمكانياتنا تعاقدنا بالبداية مع مدرب ولاعبين عراقيين وذلك عام 2003 وكنا مع الجلاء أول ناديين في سورية نطبق الاحتراف الخارجي وبعد سنتين تعاقدنا مع محترف أمريكي وحققنا المركز الخامس على مستوى سورية وكان من أفضل المواسم بالنسبة لفريقنا وعلى المستوى الشخصي حققت فيه لقب هداف الدوري رغم وجود محترفين أمريكيين وحققت اللقب مرة ثانية عام 2010، وأعتقد أن الاحتراف الخارجي ساهم بتطوير اللعبة بشكل كبير.

من جهته أكد رئيس اتحاد كرة السلة طريف قوطرش أن أندية اللاذقية ظلمت اللعبة بإهمالها وعدم دعمها كما يهتمون بكرة القدم، رغم أن اللاذقية كانت من أهم معاقل اللعبة في سابق عهدها، مشيراً إلى الاتحاد سيدعم أندية اللاذقية الأربعة التي تمارس اللعبة وقريباً ستكون الصالة الرئيسية جاهزة لاستقبال المباريات الرسمية.

هموم وشجون

من جهتها رئيس اللجنة الفنية للعبة باللاذقية ربى حكيم  كشفت أن كرة السلة تمارس بأربعة أندية لكن بدرجات تختلف وفق الإمكانيات المادية المتاحة لكل ناد والتي دفعت بعضها للمشاركة ببعض البطولات والامتناع عن بطولات اخرى لضعف السيولة المادية، وترى “حكيم” أن نظام إقامة بطولات المراحل العمرية غير مجد بالشكل الحالي حيث يلعب الفريق عدداً قليلاً من المباريات بالموسم الواحد وهي غير كافية لاكتساب اللاعبين الخبرة المطلوبة، كما أن بعد صالات التدريب عن مركز المدينة يكلف الأندية مبالغ مالية ضخمة ولا بد من العمل على إيجاد صالة تدريب بمركز المدينة لتوفير النفقات.