المحبة الغائبة
البعث الأسبوعية-محمود جنيد
لم تسنح لجمهورنا الرياضي في موسم عيد الحب، فرصة الركون لاستراحة محارب أتعبت قلبه النابض بحبها، هموم وشجون رياضتنا الغارقة في الكراهية، والسائرة في ظلمة درب عسير وبالاتجاه المعاكس للركب الماضي بخطوات منتظمة مدروسة نحو أهدافه المرسومة بدقة.
وحيث تفرض المناسبة نفسها ونحن نخط هذه السطور بالتزامن مع ما يسمى عيد “الفالانتاين”، نؤكد بأن أحد أكبر المشاكل التي تعصف برياضتنا، هي غياب المحبة، رغم أن عبارة “حبّو بعض” أخذت محلها كلازمة، في المؤتمرات الرياضية التي تابعتها على مدار سنوات طويلة من العمل الإعلامي الرياضي.
الصراعات تنهش جسد رياضتنا، وتقسمها المصالح المتنافرة إلى فرق تلعب بأسلوب الضرب تحت الحزام؛ في الاتحادات الرياضية، في التنفيذيات، وفي اللجان المركزية والفرعية، وفي الأندية وفرقها ولاعبيها وكوادرها، وحتى الإعلام، وما يعيث في دهاليزها من المتسلقين والمتنفذين.
فلا يكاد المكلف يستلم مهامه حتى تبدأ حملات الطعن والتفشيل، القذف والتشهير والتصيد والنبش والنكش تلاحقه، والكل هنا يظهر بلبوس الضحية، الكل على حق والآخر على باطل، بتبادل تلاكمي تراشقي للتهم والانتقادات التي يسكن عمل الشيطان حتى في البعض المحق منها والذي يراد به باطلاً، بينما تقود حملاتها الضارية منصات السوشال ميديا التي تسيّر رياضتنا، وتقوم بدور الأذرع الموجهة المتطاولة للنيل من الخصم بحرب قذرة مفتوحة، الغاية فيها تبرر الوسيلة!.
الفكر الرياضي القائم عقيم وإدارتنا سيئة كما النوايا التي نحصد خبثها، والكل يجند وقته وموارده وأسلحته لإسقاط الآخر والإطاحة به (الأمثلة أوضح من أن تعرّف)، ويعتبر نجاحه بالمهمة وانتصاره على عدوه هنا، أهم من التأهل إلى كأس العالم، أو تحقيق الانجازات في أي محفل من المحافل.
هذا هو مرض رياضتنا المترهلة المزمن نريد قتل الناطور، وآخر همنا جني العنب، والبحث عن الحلول الجذرية التي من شأنها حمل الزير من البير، بانتظار أن نتوقف يوماً ما في محطة الرابع عشر من شباط، نحمل وردة حمراء يفوح منها عطر الحب، لنراجع أنفسنا، ونقرر أن نحب رياضتنا، ونعتني بها كما يفعل المحب تجاه حبيبه.