التعديلات على قانون انتخاب اتحاد كرة القدم تحت الأضواء… إلغاء شرط الشهادة العلمية يقود كرتنا نحو المزيد من الجهل والعشوائية
البعث الأسبوعية-ناصر النجار
النقاط الأساسية التي يتم تداولها حول التغييرات المطلوبة في النظام الداخلي لاتحاد كرة القدم والتعديلات المرتقبة على قانون الانتخابات هي عديدة بعضها جيد وبعضها الآخر دون ذلك وفيها العديد من الملاحظات التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار.
بعض النقاط المسربة إلينا قيل أنها تحتاج إلى موافقة الفيفا وبعضها تحتاج إلى موافقة المؤتمر العام لاتحاد كرة القدم، وبكل الأحوال لا أحد يعرف طبيعة المراسلات بين القائمين على كرة القدم والفيفا، وهذا الأمر سري للغاية لا يعلم به إلا من طبخ التعديلات والفقرات والمواد، ومن الممكن أن يتم تمرير فقرة باسم الفيفا والاتحاد الدولي لا علم له بها ولا ناقة للفيفا فيها ولا جمل!.
ما نعرفه تماماً أن الاتحاد الدولي لكرة القدم لا يتدخل بعمل الاتحادات الوطنية ولا يعارض أي عمل تقوم به في الشأن الداخلي لأنه موضوع يخص هذا الاتحاد أو ذاك، والدليل على ذلك أن لكل اتحاد وطني أسلوبه الخاص بإدارة أموره الكروية، الخطوط الحمراء التي يضعها الفيفا فقط في التدخل الحكومي وفي خرق القانون الدولي للعبة، وهذه القوانين واضحة ومعروفة وكل الاتحادات الوطنية تعمل وفقها.
لذلك فإن كل المقترحات والبنود الذي سترسله اللجنة المؤقتة سيتم الموافقة عليه، إنما يجب أن يكون الفيفا على إطلاع تام على كل اتحاداته الوطنية وعلى نظامها الداخلي وما تقوم به من تعديلات في العمل والأسلوب والانتخاب وما شابه ذلك.
موعد جديد
كل المقترحات التي تقدمت وستتقدم بها اللجنة المؤقتة تمت الموافقة عليها باستثناء تمديد عمل اللجنة لستة أشهر أخرى، ونظرة الاتحاد الدولي كانت ثاقبة لأنها تريد أن يستلم العمل اتحاد جديد منتخب قبل بدء الموسم الجديد لا بعده، وهنا نجد الحرص الدولي على اتحادنا أكثر من حرص اللجنة المؤقتة التي تريد أن تمد بعمرها في الاتحاد، بل إن البعض حاول أن يأخذ استثناء من الفيفا ليتمكن من الترشح للانتخابات القادمة، لكن الفيفا منح اللجنة المؤقتة فرصة حتى تاريخ( 25/5) ليكون الاتحاد الجديد قد استلم مهامه وعلى هذا الأساس فإن موعد الانتخابات يجب أن يكون قبل هذا التاريخ والبعض توقع أن يكون في الأسبوع الأول من شهر أيار المقبل.
هذا الموعد قد يكون مناسباً ليتمكن الاتحاد الكروي الجديد المنتخب من وضع تصوراته للموسم الجديد وإستراتيجيته للمواسم القادمة، مع العلم أن الاتحاد الجديد لن يمض أكثر من عامين لأنه يكمل الدورة الانتخابية التي بدأها اتحاد المستقيل حاتم الغايب قبل موسمين.
عقدة المقيمين
المشكلة التي أثارها البعض قديماً وجديداً تتجلى بالمقيمين الخمسة الذين يتم انتخابهم ومنهم رئيس الاتحاد ونائبه، لدرجة أنها صارت عقدة لدى البعض، وكأن هذه الجزئية هي سبب مشاكل كرة القدم وأحد عوامل تراجعها، مع العلم أن المقيمين الخمسة ليس بالضرورة أن يكونوا من دمشق فأغلبهم يمثل المحافظات المختلفة، وللعلم فإن دمشق لم تكن ممثلة بالاتحاد المستقيل.
وعندما فرضت حصص المقيمين بالنظام الداخلي كانت بسبب القرب من مقر الاتحاد ولسهولة العمل بالحالات الطارئة وكما نعلم فإن الأعضاء المقيمين هم اتحاد مصغر وكانت تسمى لجنة الطوارئ لأنها من الممكن أن تجتمع لبحث حالات مستعجلة لا تنتظر وصول بقية الأعضاء من المحافظات.
على كل حال إذا أفرزت الانتخابات رئيساً للاتحاد ونائبه من خارج المقيمين فهذا يتطلب إجراءات جديدة لتأمين السكن والإقامة والإطعام والتنقلات، ولا ندري من سيتكلف بهذه المصاريف الاتحاد أم العضو المنتخب، مع العلم أن العمل في كل الاتحادات الرياضية عمل طوعي بلا أجر ولا رواتب أو مكافآت، لذلك نرى أعضاء الاتحادات يلهثون ويتقاتلون على السفر ومراقبة المباريات والمنافع القانونية وغير القانونية، وللعلم فإن العمل التطوعي لم يعد يطعم خبزاً ولا يجدي نفعاً.
المناقشة في هذا الموضوع غير مفيدة والنفقات الجديدة ستضاف إلى الهدر الذي يقوم به اتحاد كرة القدم، فما يهم الجميع من الموضوع أن يكون الاتحاد الكروي الجديد خبير ولديه الجدية على العمل المخلص والقدرة على تحمل المسؤولية والنهوض بكرتنا، وأن يهتم باللعبة أكثر من اهتمامه بالمنافع الشخصية وما في الاتحاد من فوائد وإضافات أخرى.
الشهادة العلمية
مشكلة كرتنا بالدرجة الأولى هي الجهل والتخلف وضعف الخبرة وسوء الإدارة وتغليب المصالح الشخصية على المصلحة العامة وفرض سياسة هذا معنا وهذا ضدنا، لذلك لا بد من الخروج من هذه الدائرة الضيقة بالبحث عن الخبراء والأكاديميين ليقودوا كرتنا نحو آفاق متطورة، وكرة القدم صارت صناعة قائدها العلم، فلم تعد تلك الكرة الشعبية التي تلعب بالموهبة وعلى السليقة، لكن ما وجدنا في مقترح اللجنة المؤقتة أنها توجهت لإلغاء شرط الشهادة العلمية وهي تظن بذلك أنها تفسح المجال للخبرات من اللاعبين والحكام والإداريين والمدربين القدامى بالدخول إلى اتحاد كرة القدم، وهذا الكلام قد يكون مقبولاً قبل ثلاثين سنة، أما في هذا العصر فإن الخبرة دون شهادة لا تساوي شيئاً، وهنا يكمن الخطر الجديد القادم، فعندما يتولى الأميون زمام كرتنا فسنحصل على النتائج الكارثية وسنندم على أيامنا الحالية.
من المفترض أن يكون الاتحاد المنتخب عليم بكل التقنيات الحديثة مثل الكمبيوتر والنت وأن يكون متقناً للغة الإنكليزية، لأنه في هذه الحالة لا يتعرض للنصب والاحتمال من أصحاب المصالح، فالجميع سيعرف ما يأتينا وسيعرف المراسلات ماذا يكتب فيها، وإذا جاء مدرب أجنبي نستطيع أن نتحاور معه وجهاً لوجه دون وسيط يغير ويبدل بمفردات الترجمة.
المطبات التي وقعنا بها سابقاً كانت لأن أحدهم يتقن هذه العلوم فسيّر الاتحاد لسنوات طويلة كيفما شاء وحسب هواه ومصالحه وكان البقية كومبارس في مسرحية هزلية.
لذلك العمل الإداري في كرة القدم بحاجة إلى خبراء اختصاصيين بالقانون والمحاسبة والاستثمار والإعلان والتسويق، وإذا أردنا أن يكون في كرتنا هؤلاء الاختصاصيون فكيف سيقودهم أميون؟.
دوماً الإنسان يسعى للتطور، ولكننا بهذه الحالة نسعى للتراجع والتقهقر، والحالة هذه لا تنطبق على أعضاء الاتحاد فقط بل على كل اللجان العليا واللجان الفرعية في المحافظات، لأنه ليس من المنطق أن يعين عضو اتحاد أعضاء في لجنته يفوقونه علمياً، ولا يقبل شخص جامعي أن ينضوي بلجنة رئيسها لا يملك الشهادة الإعدادية، أليس في هذا الشرط مفارقة عجيبة؟.
التطور يقضي أن نضع شروطاً لكل الإداريين والحكام والمدربين أن يتقنوا اللغة الأجنبية وأن يتعاملوا مع كل البرامج الاختصاصية على الكمبيوتر من أجل التواصل الجيد مع كرة القدم بالعالم أجمع، وهذا التواصل بات ضرورياً وقد نحرم بسببه مقاعد إدارية وفنية وتحكيمية في الاتحادات العربي والآسيوي والدولي.
وللأسف نحن عندما نتجه إلى إلغاء شرط الشهادة العلمية فإننا نتجه إلى المزيد من الفوضى والعشوائية والجهل وهذه أحد أركان الفساد الذي تعاني منه كرتنا.
أحد العارفين ببواطن الأمور في مصنع القرار أسرّ لنا أمراً في غاية الخطورة، أن هذه الفقرة التي يتم العمل على إقرارها جاءت لتبسط الإجراءات أمام بعض المتنفذين لدخول قبة الفيحاء من أوسع أبوابها، والدراسات التي أجريت مؤخراً على كوكبة من المتنفذين الطامحين لدخول الانتخابات يملكون كامل الدعم، لكنهم لا يملكون الشهادات المطلوبة، وإذا كان هذا الأمر صحيحاً فإن هذا القرار سيدق آخر مسمار بنعش كرتنا.
تقليص العدد
الاتجاه في التعديلات الجديدة يقضي بتقليص عدد أعضاء الجمعية العمومية التي يحق لها التصويت والترشح والانتخاب إلى النصف، وهو أمر يحتمل الوجهين الإيجابي والسلبي.
في السابق كان عدد الجمعية العمومية بحدود المئة، من مندوبي أندية ولجان فرعية ومندوب عن الحكام والمدربين واللاعبين، وهذه الدائرة هي التي ينتخب منها اتحاد كرة القدم وهي التي تصدر القرارات أو تصوت عليها، هذه الدائرة ضيقة جداً لأن هناك من يتحكم بزمامها، وعلى سبيل المثال لا يحصل المرشح على ترشيح من ناديه إلا إذا كان مرضياً عليه، وفي الدورات الماضية تم منع عدد من الخبراء من الترشح لأسباب وهمية غير مقنعة ومنهم صلاح رمضان رئيس الاتحاد الأسبق في الدورة الماضية، الفكرة التي نريد تمريرها أن عملية الترشح للانتخابات غير مفتوحة وهي مقيدة بمفهوم الرضا والولاء، ولهذا فإن اتحاد كرة القدم يفرز لنا دائماً أصحاب الولاء سواء كانوا خبراء باللعبة أم لم يكونوا كذلك، والأسماء في السنوات العشر الأخيرة على أقل تقدير التي دخلت اتحاد كرة القدم لا تملك أدنى خبرة ولا داعي لذكر الأسماء فهي معروفة.
في النقطة المهمة أن خبراء الكرة لا يملكون أوراق ترشح، وليس لهم مقاعد في الجمعية العمومية، وللأسف فأي خبير أمضى عمره في كرة القدم وأثبت وجوده في العمل المهني أو الإداري يجب أن يراجع ناديه ليتفضل عليه بورقة ترشح، وفي الكثير من الأحيان لا يحصل عليها لأن القائمين على النادي لا يملكون هذا القرار.
من جهة أخرى فإن الجمعية العمومية قد لا تكون منسجمة بتشكيلتها الجديدة بحيث أن التابعين للأندية الممتازة قد يكونوا أقل من التابعين لأندية الدرجات الأخرى وهنا يكمن الخلل، لذلك فإن التوزيع الجديد يجب أن يمنح أعضاء الجمعية العمومية الحرية في اتخاذ القرارات بوجود كل المعنيين، فإذا كان القرار يخص فرق الدرجة الأولى فمن المفترض أن يصيغه مندوبو هذه الفرق لأنهم الأدرى بظروفهم وأحوالهم.
أخيراً فإن ما تم التطرق إليه هو الذي تسرب إلينا من مصادر موثوقة، ونحن بانتظار صدور التعديلات وفقراتها لتتم مناقشتها بعين العقل والمنطق وبما ينسجم مع مصلحة كرتنا.