إنسان كامل ومجتمع ناقص في يوم المرأة العالمي ما رأيهنّ بعيدهنّ؟ وكيف للحياة أن تزدهر دونهنّ؟
البعث الأسبوعية-غالية خوجة
بدأ الإنسان بالتعرف إلى الإنسان المؤنث من خلال الطبيعة الأم وعطائها، ثم تطور إدراكه ليكتشف كيف يتحول من مضغة إلى علقة مروراً بمراحله الأخرى، وما زال مشوار بحثالإنسان عن الإنسانية مستمراً سواء كان الإنسان مذكراً أم مؤنثاً، وهذا المحور الذي ترسخه الحضارات المتقدمة، ما جسدته بعض الحضارات القديمة بثقافتها الموروثة وفنونها المختلفة ومنها الرقيمات والأساطير والخرافات الشفاهية والمكتوبة والمنحوتات والمجسمات التي اهتمت بالإنسان المؤنث مثل ربة الينبوع وأورنينا.
وفي عصرنا الحالي، اهتمت المنظمات العالمية مثل اليونسكو بالإنسان المؤنث من خلال تخصيص يوم عالمي للاحتفاء بالمرأة، آملين أن يكون هناك يوماً عالمياً لأم الشهيد، ويوماً محلياً عربياً سورياً لأم الشهيد، ونتيجة هذا التطور أصبحت الشعوب المختلفة تحتفل بيوم المرأة الذي يصادف 8 آذار مع تفتّح الأرض بحياة جديدة، وذلك منذ بداية القرن 19 ميلادي للتأكيد على صوتها الانتخابي ثم حقوقها المدنية والإنسانية ثم تكريماً لها.
ترى ما الذي حققته الشعوب والمجتمعات والأسرة للمرأة؟ وما دور التشريعات والقوانين المطبقة المحتفية بالمرأة كإنسان كامل، خصوصاً وأن هناك نسبة كبيرة من البشر ما زالت تعتبرها ناقصة عقل لأن العقل برأيهم مقتصر على التمييز الذكوري الجنسوي؟!؟
لكن “الحياة هي الحياة..والمرأة نصف الحياة” كما يقول “هوميروس” مؤلف الإلياذة والأوديسا، والمرأة ما زالت تناضل من أجل إنسانيتها وإنسانية مجتمعها، ولقد قال أحد الفلاسفة “الأطفال مرآة المجتمع”، وقياساً، نقول: “المرأة مرآة المجتمع”، فكلما ارتقت في كافة المجالات الحياتية ارتقى المجتمع وسعى إلى مزيد من التطور المدني فالحضاري، والمجتمع العربي السوري عريق في هذا المجال منذ القدم، ففي سورية كانت المرأة العربية السورية سباقة للعديد من المناصب الهامة، منها أنها أول نائب لرئيس الجمهورية العربية السورية، إضافة إلى مناصب المستشارات في رئاسة الجمهورية، والمناصب الوزارية المختلفة، وحاضرة في مجلس الشعب، وفي المجالات الثقافية والفنية والصحافية، لكنها في مدينة حلب ما زالت تكمل مشوارها الوجودي الإنساني الشاق على كافة الأصعدةلكي تستقل عن التبعية الذكورية وتنال الاعتراف بعقلها الفاعل وحضورها الإيجابي على كافة الصعد.
قيل الكثير عن المرأة فلسفة وشعراً وميثيولوجيا، ومنها “لو حكمت النساء العالم لاختفت الحروب/أفلاطون”، و”الرجل يشتري المجد والعظمة والشهرة والمرأة تدفع الثمن/ جبران”، “الرجل يُعرف على أنه إنسان، والمرأة تُعرف على أنها أنثى، وحينما تتصرف المرأة كإنسان يقال لها: تقلد الرجل/ سيمون دي بوفوار”، لكن، ماذا تقول الإنسانة الحلبية المعاصرة عن حياتها وطموحاتها وواقعها وآمالها وهي تحتفي بعيدها؟
الكاتبة لم تصل إلى ما يجب أن تصل إليه
رأت الكاتبة ضياء قصبجي أن المرأة هي الغصن البليل الذي ينحني إجلالاً للمواقف الجيدة، هي الوردة التي تنشر العطر في الأجواء مهما كانت هذه الأجواء جافة وقاسية، وهي البسمة التي ترتسم على شفاه الناس، ولا أحد يستطيع أن يتصور المجتمع دون نساء، وتابعت: حالياً، أصبحت المرأة تقود زمام الأمور بالعلوم والمعارف والثقافة، وتوكل إليها مسؤوليات المناصب في الوزارات والبنوك والمؤسسات وكافة مرافق الحياة، لكن المرأة الكاتبة لم تصل إلى ما يجب أن تصل إليه.
نحتاح لانفتاح قكر الرجل
بوضوح أجابتنا منى تاجو مسؤول التراث اللا مادي بجمعية العاديات بحلب: أحتفل بأن أعمل، عيد المرأة واقع صعب جداً بسبب الظروف التي نمر بها، والمرأة التي تتغلب على الصعوبات تكتسب تجربة قوية، وآمل مستقبلاً أن تعود المرأة لمكانتها بصورة صحيحة، وهي بحاجة إلى الدعم المجتمعي والتوجيه لا سيما في المناطق الشعبية، أما المجتمع المخملي فأراهُ عصياً على التوجيه، لذلك يجب تصحيح موقع المرأة أسرياً وعائلياً، لأن الاستقلال الاقتصادي لا يعني تقليص دور الزوجة والأم، ولا بد من توعية الزوج بدوره في الأسرة ليكون داعماً لزوجته، وللأسف، لمجتمع مدينة حلب خاصية لأن الحلبي إنسان مغلق اجتماعياً وفكرياً، وأخذ التطور بصورة سطحية.
وتابعت: من الناحية الثقافية ألاحظ الثقافة مظلومة لأنها تلبس ثوب الشهادة العلمية، لذا يجب وضع المفاهيم في نصابها، بينما على الصعيد الفني فأجد أن الفن بحالة هبوط مريع، أمّا بالنسبة للقيادة فهي موهبة وعلم، والعلم أهم من الموهبة، من يتعلم كيف يقود عملاً يصنع عملاً ناجحاً، أما المبدع المتعلم فهو يصنع إنجازات هامة، خصوصاً إذا كان امرأة.
واختتمت: أحلم بامرأة واعية تعرف قيمة الأسرة وقيمة التعاون مع الزوج، تحسن تربية الأطفال لتصنع مجتمعاً متماسكاً لا يخترق، ولكننا نحتاج، في الوقت ذاته، انفتاحاً فكرياًيتمتع به الرجل ليفهم قيمة هذه المرأة ويؤدي دوره الصحيح في حياتها وحياة الأسرة.
نساء حلب ذكيات
وبدورها، أخبرتنالوسي مقصود الشاعرة والتشكيلية: أنا لا أحتفل بهذه المناسبة، والمرأة عماد المجتمع والأسرة، وأرى عيد المرأة أهم من أعياد كثيرة، ولكل امرأة مهما كان موقعها وصفتها في النسب والقرابة الدور الأكبر في العائلة، لقد لعبت المرأة في كل الظروف دوراً أساسياً، وفي حلب على وجه الخصوص، كانت دائماًالداعم المادي والإنساني والاجتماعي، نساء حلب نشأن مدبرات عاملات داخل وخارج المنزل، داعمات لأزواجهن وأولادهن، وذكيات يتأقلمن مع أصعب الظروف.
المجتمع الواعي مزدهر
وقالت إيناث حوكل مديرة مكتبة المشهد: عيد المرأةإضاءة على واقع المرأة في مجتمعنا، وآمل أن ننهض بتوعية المجتمع بما يخص المراة ويرفع من شأنها ويعرفها بحقوقها لتكون أوعى وأقدر على المطالبة بها، من أجل النهوض بالحياة نحو التقدم والازدهار لأن أول محور لبناء الحياة وازدهارها هو المراة لأنها الأمل والمستقبل.
الرجل في البيت
بينما أكدت سمر أبو شنب مدرسة لغة إنكليزية أن عيد المرأة يعني التقدم والازدهار والعمل الدؤؤب لتحقيق ذاتها في مجالات الحياه المختلفة، لأنها المجتمع وكل أجياله، لكن المرأة الآن تعاني بشدة من الواقع الماساوي الناتح عن الظروف الراهنة، فهي تقوم بعدة أدوار، فهي الرجل في البيت، والمربية والمعلمةوالمضحية وتقوم بالمسؤوليات جميعها لا سيما في ظل غياب الرجل.
تستحق وسام فخر
وعبّرت غالية موسى طالبة فلسفة بكلية الآداب بجامعة حلب قائلة: المرأة هي العنصر الفعال في المجتمع، والمبدأ الأساسي الذي لايجوز تخطيه على كافة الأصعدة، كما أنها تساهم أيضاً في تنمية جيل، ولا يمكننا إجمال إمكانياتها وفعاليتها بيوم، لأن عيد المرأة هو جزء من الشكر لها وعملاً أساسياً بوصية الرسول، وإذا أردنا أن نبحر أكثر فسنجد أن المرأة مركز يتحد بكثير من مجالات الحياة، وهناك قول لأحد الفلاسفة العظماء: “إذا ثقفت رجلاً فأنت ثقفت فرداً واحداً، أما إذا ثقفت امرأة فأنت ثقفت عائلة ومجتمعاً”، فالمرأة عظيمة فعالة أينما وجدت، وجهودها تستحق وسام فخر في كل بلد وكل بقعة من هذه الأرض.