اقتصادصحيفة البعث

في ظل تضارب آليات الوزارة وتصريحاتها.. فجوات واسعة تهدد نجاح قرار “توطين الخبز”..!

دمشق- رامي سلوم

فشل غالبية سكان دمشق في توطين بطاقاتهم الذكية لدى معتمدي الخبز في مناطقهم، بعد أن بدأت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك تطبيق قرار توطين الخبز التمويني، من خلال إطلاق آلية اختيار معتمد الخبز عبر تطبيق (وين)، حيث يرفض التطبيق تسجيل طلبات المواطنين بسبب إغلاق التسجيل لدى المعتمدين المحدّدين، وفقاً للآلية الجديدة التي تحدّد حصة المعتمد بـ250 ربطة، فضلاً عن رفضه أيضاً تسجيل المواطنين من خارج محافظة دمشق.

الحالات السابقة على اتساعها تشكل أرقاً للمواطنين، خصوصاً بعد أن جعلت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك مادة الخبز على رأس “التريند” في سورية، وأكثر الأحاديث تداولاً بسبب قراراتها المتلاحقة وغير الموفقة والتي لم تحقق أياً من أهدافها المعلنة في تقليص التهريب والغش وضمان الجودة وغيرها من التصريحات الدعائية.

من نصدق..؟! 

ففي الوقت الذي أكد فيه وزير التجارة الداخلية، عمرو سالم، أنه يمكن لأي مواطن توطين بطاقته في أية محافظة يريدها، كشفت مصادر خاصة لـ”البعث” أن القرار يشمل فصل الريف عن المدينة وتسجيل بطاقات دمشق وحدها، وهذا ما توضح خلال محاولة المواطنين تسجيل بطاقاتهم ورفض البرنامج لها مع رسالة تفيد بأن: “الخدمة مخصّصة لسكان مدينة دمشق”!.

تخبط..!

إعلان الوزارة عن بدء تطبيق القرار مع اعترافها بنقص كبير في المعتمدين، أثار استغراب المواطنين، الذين يضطرون إلى مراجعة الموقع يومياً للتأكد من إضافة معتمدين جدد، علماً أنه يوجد نحو 300 معتمد في دمشق مقابل حاجتها إلى 1600 معتمد، كما كان أثار محافظة دمشق التي رفضته، وفوق هذا توقعت فشل العملية كونها تنطلق بدون وجود إمكانات حقيقية، غير أنها في الوقت نفسه وجّهت مخاتير الأحياء قبل يومين للعمل على محاولة جذب أصحاب البقالة والفعاليات الاقتصادية ليكونوا معتمدين في مناطقهم.

غير واقعية..!

القرار حالياً يواجه انتقادات حقيقية حول عدم واقعية تصريحات الوزارة في ظل سوء مادة الخبز الموزعة عبر المعتمدين وعدم كفايتهم، وعدم واقعية التصريحات عن تبريد وتوضيب مادة الخبز قبل توزيعها في سيارات مخصّصة بعدد محدّد للمعتمدين، وفقاً للآلية الجديدة التي تعلنها الوزارة، وهو الأمر الذي لم يتمّ فيه أي إجراء خصوصاً أنه يحتاج آلاف العمال الإضافيين في الأفران، وذلك وفقاً لتجارب سابقة خلال انتشار فيروس كورونا، حيث تمّ إغلاق منافذ بيع الخبز في الأفران، وتدخلت الفعاليات الاجتماعية والشبابية والمنظمات مثل اتحاد شبيبة الثورة والاتحاد الوطني لطلبة سورية ولجان الأحياء للتمكن من تغطية عدد عمال التوضيب والتعبئة والنقل لمادة الخبز بدون تبريد أيضاً.

كما أن الأفران في غالبيتها غير مجهزة للتبريد، ما يؤدي حكماً لسوء مادة الخبز وضعف جودتها، وهذا يهدّد بهدر كبير بسبب عدم ملاءمة الخبز الذي سيصل عبر المعتمدين للاستهلاك، وهو الأمر الذي لابد من معالجته قبل إطلاق قرارات تخصّ مادة أساسية تشكل عماد الأمن الغذائي للمواطن وبالآن معاً ينفق عليها المليارات سنوياً.

وفقاً لمصادرهم..!

ووفقاً لمصادر في الوزارة فإن قرار التوطين لم يلقَ نجاحاً في محافظة حلب على سبيل المثال بسبب اتساعها، ورفض أصحاب الفعاليات التجارية توزيع الخبز وتعيينهم معتمدين في الأحياء، وحقق نجاحاً طفيفاً في المحافظات الصغيرة، والتي تغلب عليها الأرياف القريبة حيث اعتادت تلك المناطق منذ سنوات على وصول الخبز عبر المعتمدين، والذي كان يصل سابقاً بنوعيات “جيدة” قبل تدخل الوزارة التي ربما صححت وزن ربطة الخبز لأيام، غير أنه فقد جودته بالكامل وبات غالبيته يذهب للإتلاف في المنازل!.

كذلك لم توفق الوزارة بجميع قراراتها -كما في القرار الجديد على ما يبدو- في تقليص وجود الخبز التمويني في السوق السوداء، وبكميات كبيرة تخرج من الأفران من دون تغطية عبر البطاقات الإضافية الموجودة، إضافة إلى التلاعب بوزن الخبز، عبر توزيع 13 رغيف خبز للربطتين بدل 14 رغيفأً، وما يعني ناتج من عدد مسروق من آلاف الربطات التي توزعها الأفران، وغيرها الكثير من أساليب الاحتيال، لتحقيق الزيادة المطلوبة من الخبز لتوزيعه في السوق السوداء، وهذا ناهيك عن عدم توزيع نسبة الـ1% المخصّصة للعزاب والطلبة وغيرهم لمستحقيها بل بيعها للسوق السوداء.

كيف ستضبط..!؟

فربطة الخبز تخرج من الفرن إلى السوق السوداء بسعر 500 ليرة سورية ليتمّ بيعها بين ألف وألف و500 ليرة للمواطنين وأكثر، بحسب المنطقة والفرن ونوعية الخبز المختلفة، وعليه وبحساب كميات الدقيق وعدد ربطات الخبز فإن مبالغ الأرباح تصل للملايين يومياً، وهو الأمر الذي لا يستغني عنه المسؤولون عن الأفران ببساطة، أو من خلال زيادة ربحيتهم الزهيدة، حيث لا يحقق هامش الربح القانوني عملياً المتطلبات المعيشية، بالإضافة لاعتياد هؤلاء على المبالغ الضخمة.

والجدير بالذكر هو بيع الخبز المسروق في السوق السوداء بسعر أرخص من الخبز عبر البطاقة للمواطنين الذين تمّ إخراجهم من الدعم، وهو ما يوضح فشل الوزارة في ضبط ملف الخبز التمويني، والذي لم تنفع جميع قراراتها وضعفها الرقابي إلا في رفع سعر ربطة السوق السوداء من 500 ليرة سورية إلى ما يزيد عن ألف بعد تحديد الكمية التي يمكن للمواطنين استلامها.

لا تغيير..! 

يُشار إلى أن الوزارة كانت قد أصدرت قراراً ببدء عملية التوطين بداية شهر شباط الماضي، الأمر الذي لم يتحقق بسبب ضعف الإمكانات وعدم كفاية المعتمدين والأجهزة، لتعود وتطلق القرار مجدداً على الرغم من عدم حصول أي تغيير حقيقي حتى في المطالبات بضرورة التحديد المكاني (العناوين) للمعتمدين ليتسنى للمواطن اختيار المعتمد الأقرب لسكنه أو للمكان الذي يريده، علماً أن أس التوطين يبدأ بهذا..!!.