“الرنمينبي”.. هل يكون ملاذاً آمناً؟
تقرير: عناية ناصر
تزداد شعبية “الرنمينبي” – عملة جمهورية الصين الشعبية المحلية – كأداة دولية قابلة للتداول، ووسيلة تبادل أيضاً لتسوية المعاملات العالمية، حيث ارتفعت نسبته في المدفوعات الدولية إلى 3.2 في المائة، في كانون الثاني الماضي، محطماً الرقم القياسي المسجل في عام 2015. وبسبب تقلبات السوق المتزايدة مؤخراً تميل العملة إلى أن تكون بمثابة ملاذ آمن.
شغل “الرنمينبي” المرتبة 35 فقط عندما بدأت “سويفت” في تتبع بيانات الدفع العالمية في تشرين الأول عام 2010. والآن، يحتل “الرنمينبي” المرتبة الرابعة، الأمر الذي يعني أن عملية تدويل العملة الصينية قد ازدادت وتيرتها في الآونة الأخيرة. وتعود الأسباب وراء ارتفاع شعبية “الرنمينبي” كوسيط عالمي للتبادل إلى ثقة المجتمع الدولي الكبيرة اليوم بالاقتصاد الصيني، وأيضاً نتيجة الأسس الاقتصادية السليمة للبلاد ونموها المطرد. ففي عام 2021، حققت الصين نمواً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 8.1 في المائة على أساس سنوي، وهو أعلى ليس فقط من نسبة 8 في المائة التي توقعتها المؤسسات المالية ووكالات التصنيف العالمية، ولكن أيضاً من هدف 6 في المائة الذي حددته الحكومة الصينية في بداية العام الماضي.
تنعكس قوة الاقتصاد الصيني في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، البالغ 114 تريليون يوان (18 تريليون دولار)، وهو ثاني أعلى معدل في العالم ويمثل أكثر من 18 في المائة من الاقتصاد العالمي. فقد دفع الأداء القوي للاقتصاد الصيني، إلى جانب حصته المتزايدة في الاقتصاد والتجارة العالميين، العديد من البنوك المركزية والمستثمرين الدوليين إلى شراء أصول “الرنمينبي” بمبالغ كبيرة في كانون الثاني الماضي وحده، ما زاد من حجم السندات الصينية الرئيسية التي تحتفظ بها البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم والمستثمرون العالميون بأكثر من 50 مليار يوان.
وبالنسبة للعديد من هذه البنوك المركزية والمستثمرين، تظل السندات الصينية عالية الجودة الخيار الأول للاستثمار، حيث تجاوز إجمالي حيازات “الرنمينبي” الأجنبي 2.5 تريليون يوان بحلول نهاية كانون الثاني الفائت.
لقد أصبحت أصول “الرنمينبي” “ملاذاً آمناً” لعدد كبير من المؤسسات المالية والمستثمرين الأجانب، كما لعبت العملة الصينية دور “عامل الاستقرار” في الاقتصاد العالمي، الأمر الذي جعل سعر صرف “الرنمينبي” يصعد صعوداً قوياً في عام 2021، حيث ارتفع سعر صرفه مقابل الدولار الأمريكي بنسبة 2.3٪.
بالإضافة إلى ذلك، وبما أنه من المتوقع أن تطلق الحكومة الصينية سياسة نقدية مريحة نسبياً هذا العام، فمن المرجح أن تزداد احتياطيات الصين من العملات الأجنبية بشكل مطرد، وقد يؤدي ذلك أيضاً إلى تعزيز ثقة البنوك المركزية والمستثمرين الدوليين في “الرنمينبي”.
علاوة على ذلك، ومع استعداد صندوق النقد الدولي لمراجعة سلة حقوق السحب الخاصة وتقييمها في تموز القادم، من المتوقع أن تزداد نسبة “الرنمينبي” في مزيج عملات صندوق النقد الدولي، ويرجع ذلك جزئياً إلى ازدياد قوة التجارة المقومة بالرنمينبي، وحصة الصين المتزايدة في التجارة العالمية.
لم تعزز هذه العوامل مكانة “الرنمينبي” كعملة احتياطية عالمية فحسب، بل دفعت أيضاً العديد من المستثمرين الدوليين والمؤسسات المالية إلى زيادة أصولهم بالعملة الصينية، فمع تسارع وتيرة تدويل “الرنمينبي”، تُظهر الأسواق الدولية، بما في ذلك المؤسسات المالية والبنوك الاستثمارية ، ثقة أكبر في الاقتصاد الصيني وعملته.