اقتصادصحيفة البعث

رفع كفاءة الاستهلاك..؟!

قسيم دحدل

حين الحديث عن الطاقة، دائماً ما يتمّ تسليط الضوء على رفع كفاءة الإنتاج، فأين نحن من رفع كفاءة استهلاكها للحفاظ عليها؟.

نطرح هذا السؤال مرغمين، لأن كل محاولاتنا لرفع كفاءة الإنتاج، ضمن المتاح حالياً من مصادر، لم تصل للحدّ المقبول الذي يمكننا على أساسه -ولو نسبياً- إدارة الإنتاج المحقّق بما يتناسب مع متطلبات تنامي الطلب على الطاقة بمختلف أنواعها.

ومع أن رفع كفاءة إنتاج الطاقة لا يقلّ أهمية عن رفع كفاءة استهلاكها، إلاَّ أن رفعها يتطلّب استخدام الطرق والتقنيات المثلى للاستفادة من منتجاتها بأقل تكلفة اقتصادية، وبأقل المخاطر التي تواجهها هذه الصناعة المعقّدة، بغية الوصول لإنتاج أكثر كمية ممكنة، وهذا موضوعياً دونه العديد من الصعوبات المتنوعة.

لكن ولأن الطاقة شريان الاقتصاد ومحرك التنمية وقلب التطور النابض، ولا يمكن بأي حال من الأحوال الاستغناء عنها أو تهميش بعض مصادرها، وجب العمل على إعادة هيكلة كفاءة استهلاك المتاح الحالي منها، كي نقدر على النهوض بأعباء المرحلة ومواجهة تحدياتها الداخلية والخارجية، والتخفيف قدر الممكن من التبعات المتلاحقة للمتغيّرات العالمية، ولاسيما الاقتصادية والمالية منها.

إذاً.. لا خيار في الراهن من ظروف حصار وعقوبات، إلاَّ رفع كفاءة الاستهلاك، فلو جئنا لهذا الجانب في الطاقة الكهربائية، وحاولنا المواءمة بين الإنتاج والاستهلاك، وكيفية استثمار الأخير -أي الاستهلاك- في مختلف القطاعات، لوجدنا أنه بحاجة حقيقية لرفع كفاءته، بعد أن اختلفت نسب استهلاك قطاعاته: المنزلية والصناعية والزراعية والتجارية، حيث تمّ تخفيض نسبة الاستهلاك المنزلي إلى حدودها الدنيا مقارنة بما كانت سابقاً، وقد تعدَّت الـ50% لمصلحة الصناعي الإنتاجي.

وهنا نسأل: إذا حتّمت الضرورات الإنتاجية أن نخصّ الصناعة -مثلاً- بالنصيب الأكبر من إنتاجنا الكهربائي، أفلا يجب أن تكون معاملنا ومصانعنا العامة والخاصة بمعداتها وآلاتها وتجهيزاتها، محققة لمتطلبات رفع كفاءة الاستهلاك؟!.

نسأل لأننا نعلم أن هناك هدراً وضياعات بنسب مهمّة في استهلاك الكهرباء -ناهيكم عن موضوع الاستجرار غير المشروع- وعليه من الواجب العمل على الارتقاء بتلك التجهيزات: استبدالات وصيانة..، حتى تلبي متطلبات معايير الاستثمار الأمثل لكل كيلواط ساعي، حيث تكلفة الطاقة في إنتاج المُنتج لا تزال تشكّل عاملاً رئيسياً في زيادة التكاليف الإنتاجية وبالتالي زيادة الأسعار!.

إنّ تقادم تجهيزات وسائل الإنتاج يتناسب عكساً مع رفع كفاءة استهلاك الطاقة والعكس صحيح، ومن هنا لا بد أن يتمّ الإصلاح والتطوير كي نستثمر ما أمكن من طاقة وبالجدوى العملية القصوى لا النظرية، ولعلّ هذا ما يعلل الفارق الكبير في خططنا الإنتاجية، حيث النتائج العملية لا تتناسب مع ما يُعدُّ من دراسات وحسابات نظرية..، ولنا أسوة في موضوع الطاقات المتجدّدة وتأخرنا كثيراً في تنفيذ مشاريعها التي كان أُعلن عنها ولم تنفذ حتى ما قبل الحرب على سورية.

Qassim1965@gmail.com