دراساتصحيفة البعث

الحل في أن تكون دولة حياد

ريا خوري

في المعارك التي نشبت في الشرق الأوكراني قبل عدة أعوام، تمّ ترتيب اتفاق بمشاركة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بين جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين والقوات النظامية الحكومية الأوكرانية، وتمّ توقيعه في مينسك في بيلاروسيا باسم (بروتوكول مينسك 1) الذي سقط بعد بضعة أشهر من توقيعه ليعقبه توقيع بروتوكول ثانٍ حمل اسم (مينسك 2).

منذ ذلك الوقت سلكت القيادة الروسية مسلكاً متدرجاً، لكن التدخل الأطلسي أعاق تطبيق الضمانات الأمنية التي كانت تطالب بها روسيا. واليوم يبدو من جملة الصراع الدائر في أوكرانيا أن المنعطف الكبير في المسألة سيبدأ مع انهيار الحوار الروسي الأمريكي حول ورقة الضمانات الأمنية التي طالبت بها القيادة الروسية. كان تجاوب الولايات المتحدة الأمريكية مع المطالب الأمنية الروسية -لو حصل- يكفي القيادة في موسكو كي تتناول أزمة شرقي أوكرانيا مع كييف في نطاق أحكام (بروتوكول مينسك)، فتعيد التفاوض معها من جديد على أساس احترام الحكومة الأوكرانية التزاماتها تجاه منطقة دونباس وحقوق سكانها التي تضمّ أوبلاست دونيتسك ولوغانسك، وفي قلبها التزامها بإجراء الإصلاحات الدستورية والتشريعية التي تكفل تطبيقاً سليماً وصحيحاً لمبدأ الحكم الذاتي المنصوص عليه في البروتوكول الأول. غير أن ردّ الولايات المتحدة السلبي على مطلب الضمانات الأمنية أقنع القيادة الروسية بأن الهدف ليس فقط معاقبة جمهورية روسيا الاتحادية، على نحو غير مباشر، عن طريق معاقبة حلفائها الروس القاطنين شرقي أوكرانيا أي في دونباس، بل معاقبة روسيا الاتحادية برمتها وفي عقر دارها بنقل تهديد حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى جوارها المباشر على حدودها الغربية وبمساحات هائلة تصل إلى نحو 604 ألف كم مربع، وهي مساحة أوكرانيا.

وهكذا، إذا كان لأوكرانيا أن تطالب روسيا الاتحادية باحترام سيادتها، فلجمهورية روسيا الحق الكامل في أن تطالبها بعدم الانخراط في مشروع أكبر، وهو الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي الذي يهدف بشكل مباشر المساس بالأمن القومي الروسي، وأن تكون دولة حياد.